الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجناح المصري.. عادات وتقاليد 7 آلاف عام

الجناح المصري.. عادات وتقاليد 7 آلاف عام
15 ديسمبر 2016 09:37
مشوقة هي الحكايات التي يقرؤها الكثيرون أو يستمعون إليها عن الحضارة المصرية الضاربة في عمق التاريخ إلى ما يربو على 7000 عام بما فيها من حرف وعادات وتقاليد وطقوس اجتماعية مختلفة، والأكثر تشويقا وجمالاً هو حضور الحضارة المصرية مع تراث وتاريخ الشعب الإماراتي في التظاهرة التراثية والثقافية الفريدة المقامة على أرض الإمارات والتي تحمل اسم «مهرجان الشيخ زايد التراثي» الذي أبهر الجميع بما قدمه من ألوان وفنون التراث الإماراتي والعربي والعالمي، من خلال البوتقة الحضارية المدهشة التي يعكسها الكرنفال التراثي الكبير المقام في منطقة الوثبة بأبوظبي المستمرة فعالياته حتى الأول من يناير المقبل. أحمد السعداوي (أبوظبي) يزداد الشغف بالحياة القديمة مع تنوع وغزارة التراث ومفردات التراث المصري والمشغولات اليدوية المصرية التي جاورت شقيقاتها الإماراتية في هذا المحفل العالمي المهم لينبئ عن صورة جديدة من التلاقي والتآخي بين الأشقاء العرب في كل المجالات ومنها المجال التراثي بما له من زخم وعشاق ومريدون من أقاصي العالم، يترددون بحب على فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي منذ انطلاقه في الأول من ديسمبر الجاري. مشغولات نحاسية بالدخول إلى الجناح المصري في المهرجان، يطالع الزائر عالماً ثرياً من الصناعات والحرف والفنون الشعبية العريقة، ومنها المشغولات النحاسية، بأشكالها المتنوعة ويقول عنها محمود إبراهيم عطا الله، المسؤول عن ركن النحاسيات، إن هذه الحرفة يرجع تاريخها إلى آلاف السنين وهو ما كشف عنه كثير من المقتنيات الأثرية المكتشفة عبر الزمن، وفي العصور اللاحقة ازدهر هذا الفن بشدة في العصر الإسلامي، لما تميزت به الخطوط العربية من جمال فريد استطاع الصناع المصريون بمهارتهم عمل أشكال رائعة الجمال منها. ويبين عطا الله، الذي يعمل في هذه المهنة لأكثر من 30 عاماً، وتعلمها بالوراثة عن والده في منطقة خان الخليلي بوسط القاهرة القديمة، أن النقش على النحاس يحتاج إلى صبر ودقة من محترفيه وقدر من الحس الفني والجمالي، إلى جانب عدد من الأدوات البسيطة مثل السندان والمبرد والمقص، وأدوات هندسية بسيطة أيضا تساعده في رسم الأشكال المطلوبة منه والتي تختلف باختلاف ثقافة وميول كل زبون، حيث صارت هذا الرسومات على النحاس الآن تشمل إلى جانب الآيات القرآنية، أسماء لبعض الأشخاص وتستخدم في الهدايا الشخصية في أعياد الميلاد ومناسبات الخِطبَة والزواج، وهناك جانب كبير من السائحين يطلبون المشغولات النحاسية للرسومات الفرعونية. ويذكر أن أكثر الأشكال شيوعاً بين المشغولات النحاسية، هي الهدايا البسيطة مثل الإكسسوارات النسائية والأطباق والصواني، وأباريق القهوة والشاي، إلى جانب اللوحات التي تُصنع بأحجام متفاوتة وتستخدم للديكور والزينة في غرف الاستقبال في المنازل أو الشركات والمكاتب التجارية لما تحمله من قيمة جمالية عالية، ويستغرق عمل هذه المشغولات من يومين إلى 30 يوماً في بعض الأحوال حسب الحجم ونوع الرسم المطلوب. لافتاً إلى أن المشغولات النحاسية تعتمد على أنواع وخامات نحاسية معينة صار أغلبها يُستورد هذه الأيام من بلدان أخرى مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا. البيئة البدوية يجاور ركن الرسم على النحاس، الرسم بالرمال داخل القوارير الزجاجية، ويقول عنه بيتر وجيه، إن هذا الفن يعتبر مشتركاً بين غالبية الدول العربية وبينها الإمارات، كونه يعتمد على خامات يمكن الحصول عليها في البيئة العربية بسهولة لأنه يتطلب فقط زجاجات فارغة، وألواناً، ورمالاً بيضاء، ولذلك يمكن ممارسته بسهولة في أي مكان اعتماداً على حرفية وموهبة من يقوم به، موضحاً أن الرمال البيضاء يتم الحصول عليها من المناطق الساحلية ويتم غسلها وتنظيفها من الشوائب، ثم تُترك في الشمس نحو يومين لتجف تماماً قبل تلوينها ووضعها في الزجاجات بشكل معين باستخدام أنبوب بلاستيكي «شفاط» حتى يستطيع الفنان رسم ما يريده من تصاميم مجهزة من قبل لديه أو بناءً على طلب الزبائن. ويشير وجيه، إلى أن الرسم باستخدام الرمال في الزجاجات من الهدايا المنتشرة الاستخدام بين الكثيرين، كونها غير مكلفة وتحمل معاني جميلة في ذات الوقت وأكثر الأشكال شيوعاً هي الصحراء بمكوناتها من نخيل وجِمال وغيرهما من ملامح البيئة البدوية التي يمكن استخدام ألوان معبرة عنها بسهولة في هذا الفن، وبالتالي يعكس ملمحاً مهماً من البيئة العربية تتشارك فيه البلدان العربية وهي الصحراء الممتدة من المحيط إلى الخليج. الخيّامية وفي موقع آخر بالجناح المصري، وعلى وقع أنغام رقصات التنورة وغيرها من ألوان العروض الفولكلورية المصرية، يطل علينا فن الخيامية، بما له من حضور قوي في الموروث الشعبي المصري، يورد الفنان التشكيلي أحمد عيد، أحد مسؤولي الجناح المصري بالمهرجان، أن الخيامية واحدة من الحرف التقليدية المصرية التي تعتبر إرثاً ثقافياً عظيماً، تتوارثه الأجيال، منذ الحقبة الفرعونية مروراً بالعصر القبطي وصولاً إلى الإسلامي، الذي ازدهر فيه فن الخيامية بشكل لافت، والذي يعني صناعة الأقمشة الملونة بأشكال وتصاميم فريدة صار أغلبها مرتبطاً بالحقبة الإسلامية وصارت تستخدم في العصر الحالي بشكل موسع في كل أرجاء المجتمع المصري، عبر سرادقات العزاء أو الأفراح، كما كانت تستخدم في العصور الوسطى وحتى بدايات القرن الماضي في تزيين الهودج الذي يحمل العروس على ظهر الجمل إلى بيت الزوجية. الهواء الطلق ويوضح عيد، أن هذه الصناعة تعتمد على القماش السميك، حتى يتحمل عوامل التعرية لاستخدامات فن الخيامية الذي غالباً يكون في أماكن مكشوفة وتبقى هذه الأقمشة المزركشة في الهواء الطلق لفترات طويلة قد تمتد شهوراً مثلما كان يحدث مع كسوة الكعبة الشريفة. وأكثر الأشكال التي تزيَّن بها الأقمشة هي الآيات القرآنية والورود والزهور خصوصاً المرتبطة بالبيئة المصرية مثل زهرة اللوتس، ولكن الخطوط العربية كان لها الاستخدام الأكثر شيوعاً في ملامح الخيامية عبر العصور وحتى يومنا هذا، خصوصاً مع انتشار استخدام الزخرفة بالخطوط العربية في العصر الإسلامي في مختلف مساجد القاهرة القديمة والحديثة. وكانت قوة الزخرفة تعتبر شواهد على التقدم الفني في هذا العصر أو ذاك. وهو ما نراه في المباني والمساجد والأسبلة (جمع سبيل) الأثرية المنتشرة في القاهرة والتي تعود إلى الحقبة المملوكية أو الفاطمية. نقوش إسلامية ومن الخيامية، يبحر بنا الفنان التشكيلي إلى عالم الزخرفة على الفخار، الذي تأثر بشدة بالخطوط والنقوش الإسلامية والتي منحته أبعاداً جمالية فريدة، جعلت الخزفيات ذات النقوش الإسلامية تستخدم في زينة أرقى الأماكن مثل القصور، لما تعكسه من أناقة وفخامة يلمسها كل من يطالعها. ولفت إلى أن مصر منذ مئات السنين مثَّلت بوتقة لصناعة الخزف في المنطقة في مناطق معينة مثل خان الخليل، وهي في ذلك تتشارك مع ملمح مهم في التراث الإماراتي وهو صناعة الفخار الذي ازدهر في الإمارات منذ قرون عديدة ودخل في استخدامات منزلية مختلفة وإلى الآن يستخدم في ذات الاستخدامات إلى جانب أغراض الزينة والديكور. «التنورة».. أيقونة العروض الشعبية التنورة، تمثل أيقونة العروض الشعبية المصرية والذي يؤدي عروضها يومياً الفنان إبراهيم سامي على مسرح العروض الشعبية الذي يتوسط الجناح المصري، إلى جانب عدد من زملائه، وذكر أنه، يعمل عارضاً في فرقة رضا للفنون الشعبية منذ عدة سنوات، وهو طالب بمعهد الفنون الشعبية التابع لأكاديمية الفنون بالقاهرة، وأن التنورة استمدت شهرتها لما فيه من حركات إيقاعية صعبة ومتوازنة في الوقت ذاته، والتي تعتمد في أغلبها على دوران الراقص حول نفسه ما قد يصيب أي شخص بالدوار إذا ما حاول أن يمارس هذه الرقصة دون تدريب كاف، فضلا عن أنها تتطلب استعدادات معينة أولها عدم تناول أي مأكولات أو مشروبات قبل العرض لفترة ساعتين على الأقل. ويضيف، أن التنورة في الأصل تحمل أبعاداً دينية وفلسفية عميقة، والتي ترمز في حركتها الدائرية إلى حركة الكون المستمرة بلا انقطاع، وكانت بدايات هذا الفن في تركيا عبر مشايخ الطرق الصوفية هناك، الذين كانوا يقيمون حلقات للذكر تضم أفراداً كثيرين ويقومون بحركات إيقاعية، مع ترديد لفظ الجلالة. وهو ما تم تطويره اليوم إلى رقصة التنورة التي يعرفها الجميع، والتي تؤدى على وقع موسيقات وأناشيد دينية مصرية خالصة، ويرتدي مؤدوها تنورة واسعة ذات ألوان زاهية ومن هنا اكتسب العرض اسم «التنورة»، والتي أصبحت أكثر جماهيرية باستخدام العديد من الآلات الموسيقية المصاحبة معها مثل المزامير والدفوف والصاجات. وأوضح إبراهيم، أنه رغم صعوبة هذا اللون من الفن الشعبي المصري على من يؤديه (وهو مالاحظناه من تسارع أنفاس الفنان بشكل لافت أثناء حواره إلى الاتحاد عقب أدائه لفقرته)، إلا أن انبهار الجمهور ومسارعتهم إلى متابعة فقرة التنورة والتصفيق الحار الذي يعقب كل فقرة يعتبر أكبر محفز له وغيره من الفنانين على أداء هذا النمط من الفلكلور المصري الذي يتطلب رشاقة وتمريناً مستمراً حتى يتم تقديمه بذات الصورة الجميلة المرسومة في قلوب وأذهان الكثيرين عنه. صلاح خليل: تلاق ثقافي وتبادل للخبرات قال صلاح خليل، خبير تنمية الأعمال بمركز تحديث الصناعات التابع لوزارة الثقافة المصرية، إن الجناح المصري هذا العام اشتمل على مشاركات من مختلف الحرف والمشغولات اليدوية المصرية، بشكل فاق مشاركة العام الماضي، نظراً للأهمية الكبيرة التي يحتلها مهرجان الشيخ زايد التراثي على صعيد الفعاليات التراثية العالمية. وأضاف: للمرة الأولى نجد مثل هذا العدد الذي يصل إلى 17 دولة تعرض منتوجاتها التراثية ونماذج من تراثها الإنساني جنباً إلى جنب وبرعاية فائقة من قبل أهل الإمارات الذين لم يقصروا في توفير كل سبل الراحة للعارضين القادمين من مصر وغيرها من الدول سواء بتكلفة السفر أو الإقامة وغيرها من أساليب الدعم اللوجيستي الذي يشجع على إبراز المكون التراثي للعديد من الشعوب، والوقوف على أوجه التلاقي وتبادل الخبرات والثقافات بين العاملين في المجال التراثي من مختلف دول العالم الذين جمعهم مهرجان الشيخ زايد التراثي هذا العام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©