الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبح الجوع في «جوبا»

13 ديسمبر 2016 22:58
بينما كانت «سارة كايدن»، وهي ربة منزل من جنوب السودان، تحرك إناء العدس الذي تطهوه، تذكرت أياماً كان في مقدورها تقديم أكثر من وجبة واحدة في اليوم لأبنائها الخمسة. ومما يدعو للأسى أن جنوب السودان، وهي أحدث دولة في العالم، حيث استقلت في العام 2011، أصبح الجوع يطارد سكان عاصمتها، جوبا، بسبب تجدد أعمال العنف والأزمة الاقتصادية المتفاقمة. ولأن زوج «سارة»، وهو بائع ملابس، يربح 200 جنيه سوداني (2,74 دولار) يومياً، ومع ارتفاع أسعار الغذاء إلى ثمانية أضعاف في العام الماضي، باتت هذه الأم، التي تبلغ من العمر 32 عاماً، لا تجد أمامها خياراً سوى طهو إناء من اليخنة، وشراء بعض قطع الخبز المسطح، أملًا في أن يرضي ذلك شهية عائلتها. وفي لقاء معها في منزل عائلتها، وهو عبارة عن كوخ من غرفة واحدة في حي«مونوكي» في جوبا، قالت كايدن: «عندما كنا نتناول ثلاث وجبات يومياً، إفطار وغداء وعشاء، كان كل شيء على ما يرام. ولكن المال ما عاد يكفي لشراء كل ذلك». وقد حصدت الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان المنتجة للنفط بالفعل عشرات الآلاف من الأرواح، وأجبرت 3 ملايين شخص على ترك ديارهم منذ ديسمبر 2013، فيما يعد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية. وقد ذكر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن أكثر من نصف الأسر في جوبا لا تستطيع الحصول على ما يكفيها من غذاء، وهذا أكثر من ضعف العدد المسجل في 2015. وعلى الصعيد الوطني، يواجه ثلث سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة، نقصاً حاداً في الغذاء، مع توقعات بارتفاع مستويات الجوع بأكثر من الضعف خلال العام المقبل. وقد ساهمت أعمال العنف، جنباً إلى جنب مع الانخفاض في الإنتاج والأسعار العالمية للنفط الخام الذي يعد تقريباً هو المصدر الوحيد للدخل في جنوب السودان، في التدهور الاقتصادي، وارتفاع نسبة التضخم إلى 835,7% في شهر ديسمبر، وهي أعلى نسبة في العالم. كما تراجع سعر العملة من 18 جنيهاً مقابل الدولار في شهر ديسمبر 2015 إلى نحو 73 جنيهاً في الوقت الحالي. وأدت نسبة البطالة المتزايدة إلى تقليص دخل الأسر، وأجبرتها على الحد من شراء المواد الغذائية، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي. يذكر أن الحرب الأهلية بدأت في العاصمة جوبا عندما تطورت الاشتباكات بين المقاتلين الموالين لفصائل مختلفة من الحزب الحاكم إلى مذابح عرقية. وبعد فترة قصيرة من الهدوء، انخرطت الحكومة الانتقالية التي كانت تسعى إلى إنهاء الحرب في الاضطرابات، في شهر يوليو، مع تجدد القتال في جوبا بين الفصائل الموالية للرئيس ونائب الرئيس السابق، ما أودى بحياة 270 شخصاً على الأقل.وقد أعقبت سفك الدماء حالة من عدم الاستقرار في الولايات الجنوبية، بما في ذلك سلسلة من الهجمات شنها مسلحون مجهولون على الطريق السريع الحيوي لاستيراد السلع من أوغندا المجاورة، وهي أكبر شريك تجاري لجنوب السودان. وفي يوم الإثنين الماضي، دقت وزارة الخارجية الأميركية ناقوس الخطر بسبب تفاقم العنف الدائر في المنطقة الاستوائية، وحذرت من أن ذلك «قد يخرج سريعاً عن نطاق السيطرة». وقد حشدت حكومة جنوب السودان في المنطقة ميليشيات غير نظامية تضم 4000 فرد على الأقل، ما زاد من خطر تفاقم الاشتباكات والهجمات على المدنيين، حسب ما ذكر «مارك تونر» نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية. وقد ذكرت «كايدن»، التي تعاني بالفعل من شح الدخل وارتفاع التكاليف، أن المواد الغذائية في الأسواق أصبحت نادرة بسبب العنف الذي اندلع في شهر يوليو، ما أدى إلى حالة من الركود في العاصمة استمرت خمسة أيام. وقالت: إن أسرتها اضطرت في البداية إلى التخلي عن وجبة من الطعام وبعد ذلك وجبتين. وفي الأول من ديسمبر، ذكر برنامج الغذاء العالمي أن حال انتشار العنف وانعدام الأمن أدى إلى «قطع طرق التجارة ومنع الواردات التجارية». كما أدى إلى تقييد وصول الأسر إلى الأراضي الزراعية، وبالتالي تفاقم ندرة الغذاء. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©