الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البّر» ولي النعم واسع العطاء

«البّر» ولي النعم واسع العطاء
4 يوليو 2013 19:45
أحمد محمد (القاهرة) - “البر” من اسماء الله الحسنى عز وجل هو الصادق في وعده الذي يتجاوز عن عبده وينصره ويحميه، ويقبل القليل منه وينميه وهذا الاسم له دلالته وارتباطه بالإحسان الإلهي على الخلق والإنعام عليهم في كل حال، والتفكر فيه يورث العبد الذل والخضوع والانكسار بين يديه، والافتقار إليه. وبر الله بخلقه يعني إحسانه إليهم وإصلاح جميع أحوالهم، والبر هو الذي لا ينقطع إحسانه عن خلقه، شمل الكائنات بأسرها ببره وهباته وكرمه، هو الذي يحسن على السائلين بحسن عطائه، ويتفضل على العابدين بجزيل جزائه، لا يقطع إحسانا بسبب العصيان، لا يصدر عنه القبيح، وكل فعله مليح، وهذا البر إما في الدنيا أو في الدين.. في الدين بالإيمان والطاعة أو بإعطاء الثواب على كل ذلك، وأما في الدنيا فما قسم من الصحة والقوة والجاه والأولاد والأنصار وما هو خارج عن الحصر. ورد اسم الله “البّر” في القرآن الكريم في موضع واحد في قوله تعالى: “إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم” “الطور: 28” ومعنى اسم الله البّر أي الذي شمل الكائنات بأسرها ببره ومنه وعطائه واسع العطاء دائم الإحسان لم يزل بالبٌر والعطاء موصوفا وبالمن والإحسان معروفا تفضل على العباد بالنعم السابغة والعطايا المتتابعة والآلاء المتنوعة ليس لجوده وبره وكرمه مقدار فهو سبحانه ذو الكرم الواسع المتتابع والعطاء المدرار. وبره سبحانه نوعان، الأول عام وهو البر الذي وسع الخلق كلهم فما من شخص إلا ووسعه من الله تعالى وفاض عليه إحسانه: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” وهذا التكريم يدخل فيه خلق الإنسان على هذه الهيئة الحسنة والصورة الطيبة وجعل له السمع والبصر والفؤاد وجعله يمشي قائما منتصبا على رجليه ويأكل بيده بينما غيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه الى غير ذلك مما خص به بني آدم وكرمهم به. والثاني بر خاص وهو هدايته من شاء منهم لهذا الدين القويم وتوفيقهم لطاعة رب العالمين ونيل مايترتب على ذلك من السعادة في الدنيا والآخرة يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر يتقبل منهم القليل من العمل ويثيب عليه الثواب الكثير ويعفو عن السيئات ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها ويضاعف لمن يشاء. ومن بره بعباده أنه فتح لهم أبواب الإنابة والتوبة مهما كثرت الذنوب وتعددت الآثام، قال تعالى: “قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم”. ومن بره بعباده معاملتهم بالصفح والعفو وستر الذنوب والتجاوز عنها وانه سبحانه مع غناه يفرح بتوبة التائبين وإنابة المنيبين. وقال العلامة ابن القيم من برّه سبحانه ستره على العاصي حال ارتكاب المعصية مع كمال رؤيته له ولو شاء لفضحه بين خلقه، وهذا من كمال بره ومن أسمائه “البر”. ويقول ابن منظور البر هو العطوف الرحيم اللطيف الكريم، وقال ابن الأثير البرُّ من أسماء الله تعالى وهو العطوف على عباده ببره ولطفه. وقال أبو سليمان الخطابي البر هو العطوف على عباده المحسن إليهم عمّ ببره جميع خلقه فلم يبخل عليهم برزقه وهو البر بأوليائه إذ خصهم بولايته واصطفاهم لعبادته وهو البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه. وذكر الإمام البيهقي في كتابه الأسماء والصفات عن الحليمي قوله البر معناه الرفيق بعباده، يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر ويعفو عن كثير من سيئاتهم، ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها، ويكتب لهم الهمّ بالحسنة، ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة. ويقول الإمام الغزالي البر هو المحسن بالبِر المطلق وقد ذكر الإمام الرازي البر هو الذي منَّ على المريدين بكشف طريقه وعلى العابدين بفضله وتوفيقه. والبّر سبحانه يحب أهل البر فيقرب قلوبهم منه بحسب ما قاموا به من البر ويحب أعمال البر فيجازي عليها بالهدى والفلاح والرفعة في الدنيا والآخرة والبر أصله التوسع في فعل الخيرات. ومن تأمل في بر الله بخلقه وإحسانه إليهم وعطفه عليهم وجده كريما لا حدود لكرمه عطوفا لا يتوقف عطفه ولا يتلاشى خيره إليهم نازل يرسل السماء عليهم مدرارا ويمدهم بالأموال والبنين ويجري لهم الأنهار وينبت جنات الأرض ويخرج كنوزها. وكل ما في الدنيا لا يأتي قطرة من بره بعباده المؤمنين في الآخرة في جنات النعيم ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون لا يهرمون ولا يبأسون ولا يموتون ولا يمرضون ومعرفة هذا الاسم تؤدي إلى الاشتياق إلى ما وعد به عباده بأصناف النعيم، قال تعالى: “إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©