الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين إسرائيل و«حماس».. هل ثمة «مصالح مشتركة»؟

بين إسرائيل و«حماس».. هل ثمة «مصالح مشتركة»؟
21 يوليو 2014 13:14
آرون ديفيد ميلر محلل سياسي أميركي مرة أخرى يندلع الصراع بين «حماس» وإسرائيل بالرغم من الحقائق الثابتة التي تؤكد أن كلا من الطرفين يحتاج إلى الآخر من النواحي الاستراتيجية والسياسية حتى يواصل وجوده وبقاءه. وهذا لا يعني بأي حال أننا نتنكر لحقيقة العداء المستحكم بين الطرفين، بل من المعلوم أنه إذا كانت لدى القادة وصناع القرار عند أي من الطرفين رغبة لا يمكن التخلي عنها، فهي تلك التي ترمي إلى تدمير الطرف الآخر. وتعود علاقة الارتباط المعقدة هذه بين إسرائيل و«حماس» إلى مستهل الفترة التي تأسست فيها هذه الحركة ذات التوجهات الإسلامية. والحقيقة أن إسرائيل ليست هي التي دفعت «حماس» إلى حيّز الوجود عام 1987، بل إن ذلك حدث في إطار محاولاتها للتصدي لكل من منظمة «فتح» (الأكثر ميلا للعلمانية) ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي، وذلك عبر منح العديد من التنظيمات الإسلامية مساحة سياسية أوسع تسمح لها بالتصادم بعضها مع بعض. وذهبت في سياستها هذه حتى إلى منح ترخيص بالعمل السياسي لمؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين. ولعل من أغرب المفارقات، أن السبب الأساسي لوجود «حماس» يعتمد على وجود إسرائيل، رغم أن هدفها الأول والأخير هو تدميرها. وتكمن الطريقة الأولى لتفهم هذا التناقض، في النظر إلى الأمر على أنه يجسّد الصيغة الشرق أوسطية لظاهرة التدمير المشترك. صحيح أن «حماس» لا يمكنها تدمير إسرائيل، وأن إسرائيل تعلم حق العلم أنها لا تستطيع إعادة احتلال غزة وتفكيك هذه المنظمة الإسلامية بالتكاليف المنخفضة التي تستطيع تحملها. ولهذا السبب يمكن القول إن كلا من اللاعبين يستخدم الآخر لخدمة أهدافه الخاصة. وبالنسبة لإسرائيل، تعد «حماس» العنوان المناسب لتحقيق أهدافها ذات المدى القصير. وفي عالم غريب من الصراع العسكري القابل للتحكم، يمكننا أن نلاحظ أنه عندما تريد إسرائيل وقف إطلاق للنار فإنها تذهب إلى «حماس» وليس إلى محمود عباس. وعندما سعت لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف، «جلعاد شاليط»، قصدت «حماس» وليس عباس. وعندما شعرت بالحاجة للانتقام رداً على جريمة قتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، صبّت جام غضبها على «حماس»، بغض النظر عما إذا كانت هي من قام بالاختطاف أم لا.. وهذا يعني بكلمة أبسط أن «حماس» تمثل هدفاً مناسباً للضرب. والأمر الثاني الذي يجب فهمه، هو أن إسرائيل تحتاج إلى الوجود الدائم لـ«حماس» في غزة. وبالطبع، هي لا تريد منظمة مسلحة إرهابية تطلق الصواريخ على مدنها ومواطنيها، إلا أن «حماس» تملك صنع القرار هناك وتؤمّن الحماية الضرورية ضد الحركات الجهادية الأكثر تطرفاً. وكثيراً ما تمّلكني العجب عندما كنت أتساءل: لماذا لم يتمكن تنظيم «القاعدة» من التواجد على النحو الفعّال في غزة؟ ولماذا لم يتبنّ أي عمليات إرهابية ضد إسرائيل ذاتها؟ ولا يمكن أن يُعزى ذلك إلى الوجود الأمني الإسرائيلي، بل إلى القرار السياسي الفلسطيني بعدم السماح للجهاديين بسرقة مكاسبهم السياسية. وآخر ما يمكن لإسرائيل أن تفكر فيه هو السماح بحصول فراغ سياسي في غزة. لقد عبر «جيورا إيلاند»، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عن هذه الحقيقة عندما قال إن الاستقرار في غزة يصب في مصلحة إسرائيل، وإن من مصلحتها أيضاً أن يتمتع القطاع باقتصاد قوي وسلطة مركزية نافذة. وأشار إيلاند إلى أن التركيب السياسي الشبيه بكيان الدولة في غزة، هو وحده الذي يمكنه أن يتحمل مسؤولية الأحداث المرافقة للصراع. والأمر الثالث لفهم هذا التناقض يكمن في أن وجود «حماس» يمثل «البعبع» بالنسبة لأولئك الإسرائيليين الذين يتجنبون الاهتمام بالقضايا العويصة التي يمكن أن تجعل من مشروع حلّ الدولتين أمراً واقعاً. ولا شك أن الطابع العدائي لخطاب «حماس» حيال إسرائيل، والذي تجهر به علناً، هو من المزايا التي يستغلها الجناح اليميني المتطرف لتبرير الأسباب الموجبة لعدم ثقة إسرائيل بالفلسطينيين. ولا تعد المشكلة التي تثيرها «حماس» بخطابها العدائي مجرد قطعة دعائية في خدمة اليمين الإسرائيلي، بل إن غياب طرف منفرد مسؤول عن تنظيم العنف في الأراضي الفلسطينية يخلق تهديداً دائماً لمشروع حلّ الدولتين، وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل. ومن شأن ذلك أن يفسر أيضاً السبب الذي يدفع إسرائيل لدعم محمود عباس الذي يفتقد القدرة على لجم المدافع والصواريخ التي تنطلق من الأراضي الفلسطينية. وأخيراً، يمكن القول إن «حماس» بشكل خاص، لاسيما جناحها العسكري، تستفيد من وجود إسرائيل. ومن المعروف أن الفكر الحمساوي مشتق من أيديولوجيات واستراتيجيات الصراع والمقاومة. وأياً تكن النتائج التي قد تترتب على أيديولوجية التدمير المتبادل، فإن حركة «حماس» تقدم بالنيابة عن الفلسطينيين كلهم جهوداً كبيرة للحفاظ على هويتهم الوطنية ومقاومة إسرائيل ورفض احتلالها لأراضيهم. ويشارك عباس «عملية السلام»، أو ما تبقى منها على أقل تقدير، وهو الذي لا يتوقف عن مواصلة حملته الدولية للاعتراف بمؤسسات الدولة الفلسطينية. أما «حماس»، فإن لديها مشروعها المختلف الذي يرتكز على المواجهة والمقاومة. وهي بذلك تجسّد السبب الأساسي لوجودها وبقائها. وفيما بدأت إسرائيل غزوها البري لقطاع غزة، فإنه من غير المحتمل على الإطلاق أن تنجح في تفكيك حركة «حماس» كمنظمة ثورية، ولا أن تحرمها من السيطرة على القطاع. وربما كان الأمر الأكثر احتمالاً هو أن تتسبب هناك في حمام دم جديد، يضاف إلى عشرات أو ربما مئات الحمامات الدموية التي أدى إليها الصراع الذي لا ينتهي بين الطرفين، وربما لا يحدث شيء من ذلك أبداً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©