الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمال كوريا الشمالية... في الصين!

2 يوليو 2012
بهدوء، تدعو الصين عشرات الآلاف من عمال كوريا الشمالية لزيارتها في عملية سوف تؤدي لضخ أموال في شرايين هذا البلد المعزول، الذي يحكمه نظام مترنح، لم يعد لديه ما يمكنه تصديره، إلا طاقة العمل الشاق لدى سكانه الذين يعانون من الفقر المدقع. والصفقة التي لم تعلن بشكل رسمي، سواء من قبل بكين أو بيونج يانج، سوف تسمح لعدد من العمال الزائرين للصين بتأشيرات تدريب، يقدر بـ40 ألف عامل، يشملون خياطين، وفنيين، وميكانيكيين، وعمال بناء، وعمال مناجم... بالعمل في الصين بشكل رسمي. وحسب المعلومات التي رشحت عن تلك الصفقة، فإن الجزء الأكبر من الأجور التي سيتقاضاها هؤلاء العمال سوف تذهب مباشرة لخزائن النظام الكوري الشمالي. يقول "سوهن كاينج- جو"، المسؤول السابق بالاستخبارات الكورية الجنوبية والذي يرأس في الوقت الراهن "معهد التوحيد الاستراتيجي" الذي يتخذ من العاصمة سيؤول مقراً له: "لم يعد بمقدور الكوريين الشماليين تصدير الأسلحة بسبب العقوبات المفروضة عليهم والرقابة على صادراتهم، لذلك فهم يستخدمون أفراد شعبهم لجمع ما يحتاجونه من أموال". ورغم أن عمالاً مهاجرين من كويا الشمالية، وفيتنام، وميانمار، والفلبين، يعملون بشكل غير قانوني في الصين منذ سنوات، فإنه من غير المسبوق أن تقوم الصين بإصدار تأشيرات زيارة لعمالة غير ماهرة ونصف ماهرة. والصفقة المذكورة التي توفر عمالاً للعمل في المناطق التي تعاني فيها الصين من نقص للعمالة، تظهر المدى الذي يبدو أن الصين مستعدة للذهاب إليه، من أجل مساندة النظام الكوري الشمالي الذي تسبغ عليه رعايتها. ويعتقد "جون بارك"، الأكاديمي الأميركي المتخصص في العلاقات الصينية الكورية الشمالية، أن ذلك "ليس سوى بداية لموجة من هجرة العمال الكوريين الشماليين للصين، وهو أمر قد يحمل في طياته مغازي غاية في الأهمية". وأضاف براون: "سوف يتيح هذا لكوريا الشمالية ركوب موجة النجاح الاقتصاد الصيني بما يمكنها من دفع اقتصادها مجدداً تحت قيادة الزعيم الجديد". ومن المعروف أن كوريا الشمالية ظلت لفترة طويلة تصدر جزءاً من عمالتها للعمل في المناطق الواقعة في أقصى شرق روسيا، وخصوصاً في المناجم والغابات، بالإضافة لدول أخرى مثل ليبيا، وبلغاريا، وأنجولا. كما اعتادت آلاف العاملات الكوريات الشماليات العمل في مصانع الملابس والأحذية في جمهورية التشيك، لكنهن كن يتعرضن لإلغاء عقودهن بسبب قلق نشطاء جمعيات حقوق الإنسان من أن يكون استخدامهن يتم في نطاق "عمالة السخرة". ووصل العمال الكوريون الشماليون الأوائل الذين ذهبوا إلى الصين بتأشيرة زيارة، وفقاً للصفقة الجديدة، منذ عدة شهور إلى بلدة "تومين"، وهي بلدة هادئة تقع بالقرب من حدود الصين مع كوريا الشمالية."إنهم هنا بالفعل"، هذا ما يقوله أحد رجال الأعمال في "تومين"، وقد أضاف -شريطة عدم ذكر اسمه- أنه شخصياً تعرف على حوالي 140 عاملاً كورياً شمالياً يعملون في مصانع النسيج بالمدينة. كما انتشرت أنباء عن وصول عمال كوريين شماليين لمدن أخرى في مناطق حدودية. وحسب نصوص الاتفاقية، يفترض أن يقوم كل عامل من العمال الزائرين بتحويل حوالي 2000 دولار لبيونج يانج، وذلك من إجمالي الأجور التي يتقاضونها والتي تتراوح بين 200 و300 دولار شهرياً. وهذا يعني أن العمال لن يستطيعوا سوى توفير مبلغ ضئيل يقدر بـ 50 دولاراً في الشهر. ورغم ضآلة هذا المبلغ، فإن توفيره شهرياً يعد ميزةً كبرى لهؤلاء العمال الذين كان متوسط ما يتقاضونه من أجر في الوطن لا يزيد عن 10 دولارات شهرياً. وسوف تعمد كوريا الشمالية لإجراء عملية اختيار غاية في الدقة لتحديد العمال الذين سيسافرون إلى الصين وفقاً لهذه الصفقة، ويتوقع أن تعطي الأولوية للعمال الذين يتميزون بولائهم الشديد للنظام، وممن لهم أقارب في "حزب العمال" الحاكم، وذلك حتى يضمنوا عدم فرارهم، حسب "كيم سو يول"، المحرر بصحيفة "إن كيه" اليومية الإخبارية، والذي يضيف: "أعتقد أنه سيشترط أيضاً أن يكون هؤلاء العمال متزوجين". ولم يعلن أي من النظامين الصيني والكوري الشمالي عن الصفقة سواء لأنهما نظامان مصابان بداء الكتمان المزمن، أو خشية من أن يتم النظر إلى تلك الصفقة على أنها انتهاك عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على كوريا الشمالية، بسبب سعيها الدائم لإنتاج أسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى. ولا يعتقد أن وجود العمال الكوريين الشماليين سوف يكون مقبولاً لدى الكثير من الصينيين. وفي هذا السياق أثارت الحادثة التي وقعت مؤخراً وقام فيها ثلاثة بحارة كوريين شماليين باختطاف ثلاثة قوارب صيد صينية غضب الصينيين الذين يعتقدون أن بلادهم تتساهل أكثر مما يجب مع "بيونج يانج". والحساسية من العمالة الكورية الشمالية لا تتعلق بما قد ترتكبه تلك العمالة من مخالفات فحسب وإنما ترجع أيضاً لحقيقة أنهم سوف يشكلون منافساً كبيراً للشبان الصينيين الساعين للعمل، وخصوصاً في المناطق التي لا تعاني أصلاً من نقص في العمالة. باربرا ديميك سيؤول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©