الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النموذج اليمني.. غير صالح لسوريا والعراق

21 يوليو 2014 13:24
كاترين زيمرمان رئيسة فريق بحث في «مشروع المعهد الأميركي لدراسة التهديدات الخطيرة» قال أوباما إن الولايات المتحدة تنظر إلى سياستها في اليمن باعتبارها نموذجاً يمكن أن تسترشد به لمعرفة ما ينبغي لها فعله في العراق وسوريا. إلا أن هذا الشيء الذي اختار له مصطلح «النموذج اليمني» لم يحقق درجة النجاح التي كان ينتظرها البيت الأبيض، كما أنه يواجه الآن خطر الانهيار التام. ولا شك أن محاولة استنساخه في ظل ظروف تنطوي على تحديات أكبر في العراق وسوريا ستفشل أيضاً. ولنتطرق الآن إلى القليل من الحيثيات المتعلقة بالموضوع. فبالرغم من الجهود المشتركة التي بذلتها الولايات المتحدة وشركاؤها وبالتعاون مع حكومة اليمن للتصدي لتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، فإن هذا التنظيم الإرهابي لا يزال يشكل تهديداً للولايات المتحدة ويستهدفها في عقر دارها. ومن قادة هذا التنظيم، أسامة بن لادن الذي كان يديره قبل مصرعه، وناصر الوحيشي المنسق العام لـ«القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، ونزيل غوانتانامو السابق إبراهيم الربيش، وصانع القنابل والمتفجرات الموهوب إبراهيم حسن العسيري الذي لا يزال يستهدف الولايات المتحدة وشركات الخطوط الجوية الأميركية. وكانت إدارة أوباما قد حددت أهدافها في اليمن على نحو يتصف بضيق الأفق وقصر النظر عندما أشارت إلى أنها تقتصر على ردع تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» ومنعه من الاعتداء على المصالح الأميركية خارج الولايات المتحدة وداخلها. وكان لهذه الأهداف الضيّقة أن تشرط استراتيجية الحرب على التنظيم داخل اليمن التي تعتمد على الشراكة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، بعدم مشاركة الجنود الأميركيين. ويقتصر هذا النموذج على تقديم خدمات التدريب والتوجيه لمساعدة الشريك المحلي على وضع الخطر الإرهابي تحت المراقبة. وتشتمل المساعدة العسكرية الأميركية على تقديم وسائل النقل اللوجستية للجنود اليمنيين من أجل توسيع مدى العمليات العسكرية. وتتكفل الولايات المتحدة أيضاً بتدريب الجنود والضباط اليمنيين على تنفيذ العمليات الخاصة المضادة للإرهاب. ولم تمثل الضربات الجوية الأميركية التي تستهدف قادة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» بالإضافة للقيادات المساعدة، أكثر من حلّ مؤقت لا يمكنه أن يعزز القدرات العسكرية اليمنية على تدمير الشبكة القيادية للتنظيم التي تتولى تخطيط العمليات الإرهابية الخارجية وخاصة ضد مصالح الولايات المتحدة. وكان من فضائل النموذج اليمني ومزاياه أنه قليل التكاليف، لا يتطلب إلا الشيء القليل من الحضور العسكري البشري. ولكن، هل يكفي مجرد الشعور السطحي بأنه حل جيد للمشكلة؟. الجواب هو: كلا. وذلك لأن التنظيم واصل محاولاته لقتل الأميركيين منذ تأسيسه عام 2009. وهو مدان بثلاث محاولات على الأقل لضرب أهداف أميركية في أعوام: 2009 و2010 و2012. كما أنه مسؤول عن إطلاق سلسلة من التهديدات كانت كافية لإغلاق أكثر من 20 مقراً دبلوماسياً أميركياً تتوزع في شمال أفريقيا والشرق الأوسط في شهر أغسطس 2013. وفي2011، وهو العام الذي لم يشهد أي محاولة اعتداء على الولايات المتحدة، نشر التنظيم عناصره المتمردة في القطاع الجنوبي من اليمن وأعلن عن إقامة إمارة إسلامية ضمن منطقة ضيقة يسيطر عليها. وما لبثت القوات الحكومية اليمنية أن تراجعت أمامه ووضعت حداً لعملياتها العسكرية قبل أن تتمكن من دحر عناصره بشكل كامل. وكانت الانتصارات التي حققها الجيش النظامي ضد التنظيم ذات طابع تكتيكي مؤقت. وكان الهجوم العسكري الذي استهدف معاقل التنظيم في الجبال الوعرة خلال الربيع الماضي، يهدف إلى قطع خطوط الإمداد والاتصال بين عناصره والتي تمتد من الجنوب إلى الشرق بالإضافة لتنظيم عمليات قصف مركزة على مخيمات التدريب التابعة له. في عملية مشابهة تم تنظيمها عام 2012، ظهر أن التنظيم احتفظ بقدرته على المبادرة والقيام بهجوم مضاد ليستعيد السيطرة على المناطق التي خسرها. ويبدو أن هذا السيناريو يتكرر الآن من خلال الهجمات المتكررة التي تشنها عناصره على المناطق التي سبق له الانسحاب منها. وتكمن المشكلة الأساسية في أن الجيش اليمني غير مهيّأ ولا مدرّب على القتال. وهو الجيش ذاته الذي ورثه عبد ربه منصور هادي عن سلفه. والغالبية العظمى من هذا الجيش الذي يخوض الحرب ضد تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» يتألف من وحدات وكتائب نظامية لا تتلقى مساعدات مباشرة من الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، كانت جلّ المساعدات العسكرية الأميركية تخصص لدعم عمليات مكافحة الإرهاب مثل حملات تفكيك خلايا التنظيم والتصدي لمشروعاته الإرهابية. ولا بد من التذكير بأن القتال في اليمن ليس ضد الإرهاب بشكل أساسي، بل يهدف إلى القضاء على تمرّد الإرهابيين. وصحيح أن المساعدات العسكرية الأميركية لا تضيع هباء، إلا أن عوائدها ستكون ذات قيمة محدودة ما دام المجهود الحربي الأساسي مركزاً على تنظيم العمليات الهجومية الأرضية على التنظيم. وكان الافتراض الذي يحظى بقبول الولايات المتحدة والمتعلق بتعزيز القدرات اليمنية لمحاربة الإرهاب، يرتكز على الاعتقاد السائد بأن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» يُشكل بدرجة أساسية مشكلة إرهابية محلية يمكن معالجتها بمرور الوقت بواسطة القوات النظامية اليمنية. إلا أن هذا الافتراض خاطئ، وذلك لأن اتجاه التنظيم للتمرد على السلطة الشرعية قي عام 2011 طرح الحاجة لإمكانيات عسكرية جديدة يفتقر إليها اليمن. النموذج اليمني لا يتصف بالفشل فحسب، بل إن الظروف التي هيأت له بعض فرص النجاح القليلة والظرفية لا تتوافر الآن في العراق وسوريا. ولسوء الحظ، يمكن القول إن العامل المشترك بين مشاكل اليمن والعراق وسوريا يكمن في تقديم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية غير كافية لقوات غير كفؤة. وهذا سبب الفشل. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©