الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإصلاح بين الناس» يؤلف القلوب ويحقق الاستقرار

21 يوليو 2014 23:30
علاج وضعه ديننا الحنيف أفضل من عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها، بدءاً من المشاحنة والمجادلة، مروراً بالهجر والتباعد، وانتهاء بمرحلة الاعتداء والقتال، لأن الشقاق والخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة التي يوغر بها صدور الخلق، لينفصلوا بعد اتحاد، ويتنافروا بعد اتفاق، ويتعادوا بعد أخوة. يقول العلماء إن الإسلام يسعى إلى الصلح وينادي إليه، وليس ثمة خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين، لذا كان الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة، يحبها الله تعالى. زرع المحبة وبالإصلاح تكون الأمة وحدة متماسكة، يعز فيها الضعف ويندر فيها الخلل ويقوى رباطها ويسعى بعضها في إصلاح بعض، ويصلح المجتمع وتأتلف القلوب وتجتمع الكلمة وينبذ الخلاف وتزرع المحبة والمودة، والإصلاح عنوان الإيمان، لذلك أمر الله به، فقال: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، «سورة الحجرات: الآيتين 9 - 10»، وقال: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، «سورة الأنفال: الآية 1»، أي واتقوا الله في أموركم وأصلحوا فيما بينكم ولا تظالموا ولا تخاصموا ولا تشاجروا. تعاليم القرآن يوضح الدكتور أحمد عبد الرحمن - أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الإصلاح بين الناس واجب على المسلم تجاه إخوانه حال وجود شقاق بينهم، وقد علمنا القرآن الكريم ذلك في قوله تعالي: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا . . . )، «سورة النساء: الآية 35»، فواجب المسلم المبادرة إلى الإصلاح حين يشعر بإمكان الشقاق بين الزوجين، ولا ينتظر حتى يتم الشقاق فعلاً، لذا فقد وعد الله بالثواب والأجر العظيم على الإصلاح. الصلح بين الناس من أفضل الأعمال الصالحة، قال الله عز وجل: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ . . . )، «سورة النساء: الآية 114»، والنجوى الكلام الخفي بين الرجل وصاحبه، فأكثر المناجاة بين الناس لا خير فيها إلا من أمر بصدقة أو معروف. أجل الطاعات ولقد اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين حفاظاً على وحدة المسلمين، وسلامة قلوبهم، وإن الإصلاح يعتبر من أعظم وأجل الطاعات، وأفضل الصدقات، فالمصلح بين الناس له أجر عظيم، وثواب كريم، إذا كان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى، فأجره يفوق ما يناله الصائم القائم، المشتغل بخاصة نفسه، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا، بلى، قال، إصلاح ذات البين- وفساد ذات البين هي الحالقة». ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد كان يسعى بنفسه للصلح بين المتشاحنين، مؤكداً بذلك أهمية الإصلاح بين الإخوة المؤمنين، فعن سهل بن سعد أن ناساً من بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء فخرج إليهم النبي في أناس من أصحابه يصلح بينهم، حتى أوشك أن تفوته صلاة الجماعة. والإصلاح بين الناس من الأهداف الأساسية للأنبياء والمرسلين والرسالات الإلهية، فبه تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة، وهذا الأمر عظيم، وله أجر عند الله وتعالى، فإن إصلاح ذات البين يذهب وغر الصدور ويجمع الشمل ويضم الجماعة ويزيل الفرقة، وهو منبع الألفة والمحبة، وآية الاتحاد والتكاتف، ودليل الأخوة وبرهان الإيمان. (القاهرة- الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©