الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثمن الوفاء

ثمن الوفاء
2 فبراير 2010 21:44
المشكلة عزيزي الدكتور: حكايتي يا سيدي، أنني نشأت في كنف أسرة متوسطة الحال، لكنني أزعم أن قوامها المبادئ، والثوابت والقيم، وتعلمت منها كيف تحافظ الفتاة أو المرأة على بيتها، وزوجها، وأولادها، وتخرجت في الجامعة، وتزوجت عن طريق الأهل من شاب سمعت عنه أنه حسن السيرة والطموح، وأثمر زواجنا طفلة عمرها الآن أربع سنوات. أمام مسؤوليات الحياة، وطموحات زوجي لم أتردد في بيع كل مجوهراتي لدعم زوجي في مشروع تجاري جديد، وكنت سعيدة جداً بأنني أساهم مساهمة فعلية في بناء حياتنا الجديدة، وبدأنا نجني ثمار هذا النجاح، وتحمس نحو التوسع في نشاطه، وحدث ما لم يكن متوقعاً من تعثر واستدانة وتورط في ديون وشيكات، ووجد نفسه يواجه الحكم بالسجن، فلم أبخل عنه، ووقفت إلى جانبه في أحلك الظروف، وفي هذه الفترة كنت قد انشغلت نوعاً ما برعاية والدي المريض، وتربية ابنتي، ولم يكن بوسعي التخلي عن وظيفتي للظروف الصعبة التي نواجهها. قرر زوجي نقل نشاطه إلى إمارة قريبة مجاورة، وبدأ يستعيد توازنه تدريجياً، ولم أتخل عنه لحظة بأي نوع من الدعم والمساندة ، لكن ظروفه عمله كانت تجبره على البقاء معظم أيام الأسبوع بعيداً عنا، واستمرت هذه الحال لمدة عام تقريباً، وكنت لا أراه إلا في نهاية الأسبوع. فجأة.. علمت زواجه من أخرى، ولا يمكن وصف الصدمة التي تلقيتها، وتوفى والدي، واستمر انفصالنا بضعة أشهر، لم يتوقف خلالها عن محاولته إصلاح ما أفسده، وعشت صدمة الزوجة المغدورة المكلومة وحاول كثيراً أن يتواصل معي، ويؤكد حبه لي، لكنني اشترطت أن يطلق زوجته الثانية، لا سيما أنه لم ينجب منها، إلا أنه رفض هذا الشرط، متعللاً بأنها لم تذنب بحقه، وساق إليّ كثيراً من الأصدقاء والمعارف ممن يتبنون وجهة نظره.. فهل أنا على حق في التمسك بموقفي؟ وهل من نصيحة تعينني في التعامل مع الأزمة؟ أم عفراء النصيحة سيدتي: لم أجد من الكلمات التي تفي حقك، وليس للوفاء والنبل ثمن، ومن ثم لا تنتظري يوماً شكراً أو رداً على معروف فعلتيه، ولا سيما إذا كان هذا المعروف نتاج طبيعي لخلقك وتربيتك، ونشأتك، وفطرتك التي تربيتي عليها. لن أنضم إلى فريق المدافعين عن زوجك، لكن أدعوك إلى أن نكون أكثر عقلانية، وحاولي معي أن تعتبري نفسك طرفاً ثالثاً للمشكلة، رغم صعوبة ذلك. أنت وقفت إلى جانب زوجك من نبع إحساسك بمسؤولياتك وواجبك كزوجة، وكنا نتوقع أن يفي زوجك بما قدم إليه، لكنه انحرف إلى اتجاه آخر لهوى في نفسه الضعيفة، وربما ليملأ أي فراغ في ذاته، وعلينا أن نعترف بضعفه كأي رجل. ربما لم تستوعبي طبيعة زوجك منذ البداية، وكانت الصدمة أكبر من أي توقع، والآن لا مفر من التعامل مع زوج ضعيف، وطفلة تحتاج مناخاً صالحاً لتنشأ فيه، ولنترك أمر الزوجة الأخرى للأيام، ومن ثم لزاماً عليك التفكير بعيداً عن جرح الكبرياء، ومثالية الوفاء، وكيفية استرداد الكرامة المفقودة، وبعيداً عن الأهواء، والرغبة في الانتقام- لا سمح الله. كنت مثالاً للعقلانية في بدايتك، ويمكنني أن أجزم بأنك تميلين إلى الوفاق أيضاً، وأستشعر جنوحك نحو الخير، فاستخيري ربك، وأتمنى لكم التوفيق إن شاء الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©