الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«المغني» تصارع طواحين الوهم في دراما مركبة

«المغني» تصارع طواحين الوهم في دراما مركبة
3 أكتوبر 2010 21:27
في ثاني عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، في دورته الرابعة المقامة على خشبة مسرح ندوة الثقافة والعلوم في دبي، قدمت المخرجة الشابة شيخة الحوسني مساء أمس الأول عرضا بعنوان “المغني”، من تأليف الفنان عمر غباش، وإنتاج مسرح أبوظبي، ومشاركة عدد من الممثلين والفنيين الشباب. قبل الدخول إلى أجواء العرض نقرأ ما يقوله عمر غباش بصدد عمله هذا “عندما تصطدم الأحلام بقسوة الواقع، نفكر بطريقة للخلاص من هذا الواقع المر، ولكن هل دائما نستطيع أن نصل إلى نهاية الطريق المظلم، أم نتعثر ونقع؟ المغني محاولة لتلمس أحلامنا التي لم نصل إليها بعد.. ربما نستطيع يوما ما أن نحققها”. في أول تجربة إخراجية لها، تمسك المخرجة الشابة بخيوط النص فتخلق منه لعبة درامية معقدة رغم ما يبدو من بساطتها في بدايات العرض، هذا التعقيد الذي ستفرضه نهاية الحبكة المسرحية، التي يلتبس فيها الحلم بالوهم والواقع بالخيال، وتستطيع المخرجة أن تقنعنا طوال مدة العرض تقريبا أن ما نشاهده هو الواقع، لتفاجئنا في نهاية العرض أننا أمام حلم شخص عاجز يخوض حروبا دونكيشوتية وهو منكفئ على نفسه في مقعد فاخر. حمد المغني الذي قام بدوره الممثل يعقوب علي، هو شاب يبدو طبيعيا يعشق علياء التي قامت بدورها الممثلة زينب عبد الله ويحلم بأن يصبح مغنيا شهيرا، لكن ابن عمه سعيد الذي قام بدوره الممثل زكريا أحمد يحاول إبعاده عن هذا “الهذر” الذي لا طائل منه، والاتجاه بدلا من ذلك لاسترداد حقوقه من شقيقه راشد الذي قام بدوره الممثل أحمد الشحي الذي استولى على ميراث الوالد وعقاراته، بل يحاول الوصول إلى علياء والزواج منها. الصراع مكشوف، لكن شخصية حمد هي شخصية شاب حالم متردد وعاجز لا يستطيع اتخاذ قرار، يتحكم به ابن عمه المحرض ويوجهه. يبدأ العرض بأغنية من التراث الشعبي تأتي من خلف ستارة مغلقة، ثم تنفتح الستارة على ديكور قليل أنيق، وسينوغرافيا مرسومة لتخلق عالم الموسيقى بألوانها ونغماتها، والشاب حمد يغني حزينا، وحين يدخل سعيد يسخر من العزف والعازف، ويستمر في تحريضه على الشقيق، وحين يحدث اللقاء بين حمد وعلياء تخلق المخرجة بالأضواء والموسيقى أجواء عاطفية حميمة وحوارات شفافة، لكن حمد يتذكر وشاية سعيد فيسأل علياء عن راشد فتجيب بتردد، ما يزيد الشك في قلبه هو المتشكك أصلا. يبلغ العرض ذروته الدرامية مع التصعيد الذي يمارسه سعيد في تحريضه لحمد ضد شقيقه راشد، فترسم المخرجة مشهدا غاية في المأسوية، وهو مشهد تمهد له بحوارات قصيرة وإضاءات متنوعة على زاوية في مقدمة الخشبة، حيث يتهيأ حمد لقتل شقيقه، فيحمل الوسادة، ونرى كيف يتسلل إلى غرفة نوم راشد ويهجم عليه بعنف وقسوة، تتدخل الإضاءة والمؤثرات الصوتية فتخلق جوا مرعبا، ويبدو حمد شخصا آخر وهو يخمد أنفاس شقيقه، وهنا تظهر الوالدة قادمة من الموت، بملابسها السوداء، فتأخذ حمد إليها وتحاول تهدئته، وتغادر وسط دهشته وخوفه. في المشهد الأخير تحل المخرجة لغز الدراما والحل لهذا العرض، حيث تظهر الأم ولكن في صورة أخرى، تظهر وهي تحاول أن تحمل حمد على النهوض من مقعده إلى النوم، فنراه في حالة عجز جسدي ونفسي ومعنوي، ومن خلال كلمات قليلة نكتشف علاقته المرضية مع العود، وهي علاقة تجعله يعيش وحيدا بعيدا عن العالم، في عالم من الوهم والخيال، وأن شقيقه راشد مسافر منذ زمن ولا أحد يعرف عنه شيئا، وأنه يعيش في الكوابيس. هكذا، بأدوات وعناصر فنية بسيطة، ومن خلال نص مركب يمتزج فيه الحلم بالوعي والأمل باليأس، استطاعت المخرجة الشابة وفريق عملها تقديم رؤية جديدة لواحدة من مشكلات الشباب، مشكلة الخلط بين الوهم والحلم، فهما ليسا الأمر نفسه، وقد استعانت المخرجة بمجموعة من المقولات والمأثورات الشعبية والتراثية لترسم ملامح شخوصها وسلوكياتهم. ربما كانت هناك مشاهد قوية جدا تخيل القتل والإحالة على هابيل وقابيل، لكن هناك مشاهد كانت الحركة فيها ضعيفة وبطيئة، وبوصفها التجربة الأولى للمخرجة ولا فرق هنا بين شاب وفتاة، فالتعويل هو على حجم الموهبة فهي خطوة جيدة على طريق طويل وصعب.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©