الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حل الدولتين ··· خيار يحتضر

حل الدولتين ··· خيار يحتضر
17 فبراير 2009 23:33
عندما تحول طرح ''حل الدولتين'' إلى عبارة يرددها الرئيس بوش في بداية فترته الرئاسية معلناً بذلك عن الموقف الأميركي إزاء الصراع في الشرق الأوسط كان يبدو وقتها أنه لا حل آخر مطروحا على الطاولة، وأن حل الدولتين هو الخيار الوحيد المتاح أمام طرفي الصراع، رغم العراقيل الجسيمة التي تعترض التطبيق وتحول دون اكتماله· بيد أنه في الشهور الأخيرة، وخاصة في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية التي أظهرت ميلاً واضحاً للناخبين نحو ''اليمين''، بدأت مجموعة متزايدة من الفلسطينيين والإسرائيليين تحذر من دخول مسألة الدولتين مرحلة الاحتضار، وأنه لم يبقَ منها سوى الاسم ليبدو أن ''حل الدولة الواحدة'' آخذ في فرض نفسه على ساحة النقاش السياسي لدى الطرفين، رغم أنهما يعتبرانه وبالا على الشعبين وتهديداً للاستقرار في المنطقة· وعن هذا الأمر يقول ''مصطفى البرغوثي''، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية عام 2005 بعد الرئيس محمود عباس ''إن نافذة الأمل ما فتئت تنغلق في وجه حل الدولتين''، وهو ما يؤكده أيضا ''آلون بينكاس''، القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك، والذي يرأس حالياً المعهد الأميركي- الإسرائيلي بمركز إسحاق رابين بتل أبيب قائلاً ''إن حل الدولتين يقترب من الموت في هذه اللحظة ويشارف على النهاية''· هذا الموقف ردده أيضاً الزعيم الليبي معمر القذافي الذي شدد بأن حل الدولتين لم يعد مطروحاً في الوقت الراهن، وأنه فقط دولة واحدة ثنائية القومية يعيش في إطارها الفلسطينيون واليهود في انسجام تام تشكل الحل الوحيد المعقول لإنهاء الصراع الذي دام عقوداً من الزمن وخلف العديد من الآلام والضحايا· ولكل من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني دوافعه التي تدفعه لاستنتاج أن حل الدولتين لم يعد واقعياً وأن السعي إلى تحقيقه بدأ يتلاشى رويداً، فالتفسير الفلسطيني هو ببساطة الخريطة التي تُظهر بوضوح الزحف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في شكل مستوطنات تجتاح الضفة الغربية، فضلاً عن الجدار العازل الذي يعيق حركة الفلسطينيين داخل أراضيهم، ويحــد من الأنشطــة التجارية ليتم القضاء في النهاية على إمكانيـــة نشوء دولتين متجاورتين في المهد، وعلى الجانب الإسرائيلي تراجع الدعم لحــل الدولتين بين شرائح واسعة من الساسة والمواطنين بسبب ما يرونه من غياب شريك فلسطيني يستطيعون التفاوض معه حول تفاصيل الدولة ويكون قادراً على الوفاء بالتزاماته· وفي هذا السيـــاق يقـــول ''بينكاس'' إن مجموعة من القادة الإسرائيليين ''بمن فيهم أنا حذروا وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندوليزا رايس، أن حل الدولتين، وإنْ كان مشروعاً جيداً، إلا أنــه أصبح أقل قــــدرة على الاستمـــرار بسبب ابتعاد الفلسطينيين والإسرائيليين عن مبادئه الأساسية''· لكن مع ذلك يظل حل الدولتين جزءا رئيسيا من السياسة الرسمية لكل من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وهو ما حرص الرئيس أوباما على التشديد عليه مباشرة بعد توليه الرئاسة، حيث سارع إلى تعيين مبعوث خاص للشرق الأوسط متمثلاً في شخص ''جورج ميتشل'' الذي قام بجولته الأولى في المنطقة للاستماع إلى وجهات نظر الأطراف المختلفة في محاولة لإحياء حل الدولتين وإعطائه دفعة إلى الأمام· بيد أن الطرفين اللذين يسعى المجتمع الدولي إلى المصالحة بينهما ليسا متفائلين بآفاق السلام، ففي إسرائيل يرفض رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتانياهو، الذي من المتوقع أن يُدعى لتشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، أي حديث عن تجميد بناء المستوطنات، مركزاً فقط على ضرورة تدمير ''حماس'' التي تسيطر على قطاع غزة، وينتظر الفلسطينيون من جانبهم توجيهات ميتشل لإسرائيل بإيقاف عملية الاستيطان تماشياً مع نتائج تقرير سابق أعده في العام 2001 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية· ورغم الزيارة المتوقعة لميتشل إلى المنطقة كمبعوث للرئيس أوباما مع نهاية الشهر الجاري، إلا أن الواقع السياسي في الولايات المتحدة لا يبعث على التفاؤل بأن ميتشل سيضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان· وبالنسبة للإسرائيليين الذين يرون في حل الدولة الواحدة كارثة على مستقبل إسرائيل فإنهم يسوقون تفسيراً واحداً: العامل الديموغرافي، مشيرين إلى أنه بحلول العام 2017 سيتجاوز عدد العرب سواء داخل إسرائيل، أو في الأراضي المحتلة عدد اليهود في إسرائيل، وهو ما سيعلن بنظرهم نهاية الدولة اليهودية· وحسب بعض المعتدلين في إسرائيل مثل ''بينكاس'' لم يبقَ من خيار في ظل استحالة الدولة الواحدة وابتعاد حل الدولتين عن الواقع سوى تأجيل مفاوضات الحل النهائي في الوقت الذي يتم فيه تعزيز الشريك الفلسطيني وتطوير مؤسسات الدولة المرتقبة بمساعدة دولية، لكن هذا الحل يقول السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي يكرس الوضع الحالي القائم على ''الاحتلال والتفرقة العنصرية'' وهو ما سيقــود إلى المزيد من الاضطرابات، والحال أن ما يحتاجه الفلسطينيون، حسب البرغوتي، هو إشــارة تحيي التفاؤل في نفوسهم مثل تخيير الرئيس أوباما ومبعوثه ميتشل لإسرائيل بين وقف الاستطيان، أو خسارة المساعدات الأميركية لأنه ''إذا لم يتحقق ذلك'' يقول البرغوثي ''فلنودع حل الدولتين إلى الأبد''· هاواد لافرانشي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©