الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار يمد جسور التفاهم والمودة

الحوار يمد جسور التفاهم والمودة
21 يوليو 2014 23:40
يأمرنا الإسلام بالحوار الهادئ والمعتدل البعيد عن التعصب والتطرف حتى مع ألد الأعداء، وفي المقابل يرفض الدين الحنيف التعصب للرأي ويعتبره جموداً. يؤكد د. محمد الشحات الجندي - الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية - أن الحوار قيمة إسلامية، وضع لها الدين الحنيف أصولها، وحدد مبادئها، واحتفى بها كوسيلة للدعوة والإقناع، وذلك في إطار حرص الدين الإسلامي على روح التواصل، ومد جسور التفاهم بين الناس، والحوار والجدل بالتي هي أحسن، والبعد عما يؤدي إلى توسيع شقة الخلاف بين أفراد الأمة، وتهديد وحدتها وتماسكها وكان الإسلام في احتفائه بقيمة الحوار سباقاً إلى التنبؤ بما يسود عالمنا اليوم من صراع، وقد كان الحوار رأس مال الأنبياء والدعاة في مختلف العصور، كما ارتبط تراجع الأمة وتخلفها بضعف هذه القيمة في الواقع الإسلامي، وسيادة ثقافة الاستبعاد والتسفيه والانطباعات المسبقة، والإملاءات الفكرية الصارمة لهذا وضع قيما بناءة لأصول الحوار وكيفية التحاور مع الآخرين. ويضيف: ومن أهم آداب الحوار أن يكون لدى كافة أطرافه قيمة الاعتراف بالخطأ في حال خالف أحد الصواب، وأن يتأدّب كل طرف مع الآخر باختيار الألفاظ المناسبة التي يرتضي المحاور أن يسمعها من غيره، وأن يحترم كل طرف رأي الطرف الآخر ومبادئه، وأن يراعي نفسيته، وأن يكون الدافع الرئيسي لدى جميع أطراف الحوار إصابة الحقيقة والوصول إلى الصواب والحق والبعد عن الغضب وأسبابه مع الحرص على الاعتدال حتى ينتهي الحوار، وأن يكون لدى كافة الأطراف قدرة على التعبير والمرونة في الحوار وعدم التشنج وضرورة الإصغاء للطرف الآخر والاستفادة من طرحه وكبح جماح النفس عند الرغبة في الجدال. ضوابط للحوار ويشير إلى أن الإسلام وضع ضوابط للحوار من أجل تجنب الشقاق بين المسلمين، ومن آداب الحوار التي أقرها الإسلام ألا يجزم كل ذي رأي بأن رأيه هو الصواب المطلق ورأي غيره هو الخطأ المطلق، طالما أن القضية المثارة لا علاقة لها بثوابت الدين، فعلى كل طرف التسليم بأن العكس قد يكون صحيحاً، وليتذكر الجميع الإمام الشافعي رضي الله عنه صاحب المقولة الشهيرة‏:‏ رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب‏. ‏ ويحذر من التعصب للرأي وإقصاء الآخر، مشيراً إلى أن التعصب جمود في العقل وخلل فكري يدفع بعض الناس إلى التوهم بأنه أفضل من غيره، ولا يسمح بالتعددية الفكرية، وهو جاهلية مقيتة قضى عليها الإسلام من جذورها، لما لها من تعارض مع الأسس التي وضعها الإسلام للمساواة بين البشر والتي تتجلى في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، «سورة الحجرات: الآية 13»، وفي ذلك قال رسولنا - صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبيته». ويقول: ينبغي أن تسود قيمة التحاور والتشاور بين المسلمين، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأسوة الحسنة‏، ‏ فقد تشاوروا حول ما يفعلون بأسرى بدر‏، ‏ فرأي أبو بكر رضي الله عنه أن تقبل فديتهم لما بين المنتصرين والمنهزمين من أواصر القرابة‏، ‏ وكان المشركون قد التمسوا منه أن يكون شفيعا لهم عند الرسول فبعثوا إليه من قالوا‏:‏ يا أبا بكر إن فينا الآباء والإخوان والعمومة وبني العم فأبعدنا قريب، كلم صاحبك يمن علينا أو يفادنا! فوعدهم أبو بكر خيراً وخرج إلى الرسول يشفع فيهم ويرجوه أن يمن عليهم‏، ‏ واتجه رسل المشركين إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقولون: له مقالتهم لأبي بكر فلم يجبهم إلى طلبهم وخرج إلى الرسول يقترح عليه ضرب رقابهم ولم يجب الرسول‏، ‏ وتناوب أبو بكر وعمر الحديث واختلف المسلمون الحاضرون في الرأي بين مؤيد لرأي أبي بكر ومؤيد لرأي عمر‏، ‏ ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ برأي أبي بكر‏، ‏ ومع ذلك لم يغضب عمر أو الذين أيدوه من أبي بكر والذين أيدوه‏، ‏ بل انصرفوا جميعا من مجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يضع كل منهم يده في يد الآخر‏. ‏
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©