الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رعب «طالبان» في وزيرستان

22 يوليو 2014 01:00
عندما يغادر أهل القرى في وزيرستان الشمالية ديارهم في غمرة هجوم للجيش الباكستاني في المنطقة يشعرون كما لو أنهم قد فروا من سجن جو رعب رهيب، حيث يقولون إن المتشددين الإسلاميين يجوبون تلك المناطق بلا رادع. وأولئك المتشددون يجمعون الإتاوات بالإكراه، ويسيطرون على الشوارع، وقد دأبوا على احتجاز وإساءة معاملة أي شخص يشكون في أنه ضدهم، أو مع جهات إنفاذ القانون. ومنذ 18 يونيو قصف الجيش الباكستاني منطقة وزيرستان الشمالية القبلية في عملية قال مسؤولون إنها طهرت المنطقة من المتشددين الضالعين في الهجمات على جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية. وقد اضطرت العملية أيضاً مليوناً من السكان معظمهم من النساء والأطفال لأن يرحلوا إلى مناطق أخرى من باكستان، أو إلى أفغانستان، لتعجز عن استيعابهم السلطات المحلية ووكالات الإغاثة الدولية. وقد صرّح الميجر جنرال «عاصم باجوا»، وهو متحدث باسم الجيش الباكستاني، يوم الثلاثاء الماضي، بأن أكثر من 400 باكستاني ومتشدد أجنبي قتلوا، وأن الجنود تمكنوا من تدمير عشرات مصانع إنتاج القنابل وصادروا كميات كبيرة من المواد الناسفة من مدينة «ميرانشاه»، عاصمة الإقليم. وذكر مسؤولون عسكريون أيضاً أن 26 شخصاً قتلوا، ولكنهم لم يحددوا المدة التي استغرقتها العملية. ومنطقة وزيرستان الشمالية مغلقة بالفعل، ولكن كثيراً من أهل القرى يعتقدون أن كبار قيادات المتشددين غادروا المنطقة قبل بدء التحرك كما حدث في العمليات السابقة. والهجوم كان متوقعاً على مدار شهور بعد أن انهارت محاولات الحكومة الباكستانية الرامية لإدماج المتشددين في محادثات السلام. وقد اعترف بعض المسؤولين العسكريين بأن المتشددين كان لديهم من الوقت ما يكفي ليفروا. وقال الميجر جنرال «ظفر الله خان» وهو قائد في الجيش الباكستاني في المنطقة القبلية للصحفيين الأسبوع الماضي في معسكر في «ميرانشاه»: «الحقيقة أن القيادة في الوقت الحالي ليست موجودة في المناطق التي نقوم فيها بالعمليات. لو كان أفرادها هنا لاعتقلناهم». وقد أكد قادة عسكريون أنهم طهروا «ميرانشاه» من المتشددين ولكن بعض المراقبين والخبراء يعتقدون أن معظم قيادات المتمردين فروا عبر الحدود إلى أفغانستان، وربما يكونون مسؤولين أيضاً عن تصاعد الهجمات التي واكبت الانتخابات الرئاسية الأفغانية. وفي سياق متصل ذكرت «سي. كريستين فير» الأستاذة في جامعة جورج تاون أن شبكة حقاني الضالعة في بعض من أكثر الهجمات دموية ضد القوات الأميركية في أفغانستان لم ينلها أذى كبير في الهجوم الباكستاني. وتضم الجماعات المتشددة التي وجدت ملاذاً أمناً في وزيرستان الشمالية جماعة حقاني و«طالبان» الباكستانية، وبعض المتطرفين العرب الموالين لجماعة «القاعدة»، واليوغور المعارضين للحكومة الصينية، و«الحركة الإسلامية» الأوزبكية. وكان كثير منهم قد بدأوا التدفق إلى المنطقة بعد عملية للجيش في عام 2006 ضد المتشددين انتهت بوقف لإطلاق النار. ويقول نشطاء إنه على رغم الهدنة، فقد أعادت الجماعات المتشددة سريعاً تنظيم نفسها وانضم إليها عدد من المقاتلين من روسيا وآسيا الوسطى وألمانيا والصين وتركيا والدول الأوروبية. وجاء كثير من هؤلاء ليقاتلوا القوات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان. وتعليقاً على ذلك قال «جول وزير»، وهو ناشط سياسي في «بانو» التي تقع على تخوم وزيرستان الشمالية: «لقد بدأ الكابوس عندما أخذ متشددون من طالبان والعرب والأوزبك وأجانب آخرين يتدفقون إلى المنطقة بعد أن قام الجيش بعملية في عام 2006». كما تحدث بعض رجال القبائل عن الحرية التي يتمتع بها المتشددون في بعض البلدات والقرى بينما كان وجود قوات الأمن الباكستانية يقتصر على حامية صغيرة في «ميرانشاه». وقد تودد المتشددون في البداية للسكان وشنوا حملة على عصابة إجرامية في «ميرانشاه». وتزوج كثير من المقاتلين أيضاً نساء من المنطقة. وحتى في ظل توافر أمن نسبي في «بانو»، التي اتخذ فيها مئات الآلاف ملاذاً في الأسابيع القليلة الماضية، تردد كثير من السكان في الحديث عن مدى سيطرة المتشددين على منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية الوعرة. وأشار البعض إلى أن المقاتلين من «طالبان» الباكستانية جبوا الضرائب والإتاوات من السائقين عند نقلهم البضائع من وزيرستان الشمالية أو إليها. كما ذكر السكان أن المتشددين أقاموا شبكة موسعة واعتقلوا وأعدموا أشخاصاً ظنوا أنهم ينقلون معلومات إلى الحكومة الأميركية أو الباكستانية. وقد أفاد رجل زعم أن المتشددين احتجزوه لمدة ثلاثة أشهر عام 2010 للاشتباه في نقله معلومات إلى الأميركيين في أفغانستان: «إن ما يقلق المتشددين كثيراً هو أن يطلع السكان المحليون على أنشطتهم». وذكر الرجل أنه قد احتجز في واحدة من عدة زنازين في مجمع كبير في وزيرستان الشمالية، وكانت يداه وقدماه مصفدتين بسلاسل حديد. ونفي الرجل التهمة وأفرج عنه بعد ثلاثة أشهر، ولكن صديقاً له قتل في معتقل المتشددين وعثر على جثته يملؤها الرصاص ملقاة على قارعة الطريق فيما بعد. وعادة ما تنسب مهمة تعقب الجواسيس إلى جماعة «خراسان» التي تشيع الخوف في القلوب، والتي وصفها خبراء بأنها الجناح الاستخباراتي لجماعة «طالبان» الباكستانية التي يقودها «حافظ جول بهادور». وذكر السكان أن هؤلاء المقاتلين المدربين جيداً يسيرون عادة حفاة، ويغطي الواحد منهم وجهه بلثام أسود. ولدى جماعة «خراسان» مراكز احتجاز خاصة بها قتل فيها عدد غير معلوم من المدنيين. وسجلت الجماعة اعترافات للمتهمين بالتجسس والإبلاغ عن أنشطتها. وقد عثر على جثث بلا رؤوس علقت في أشجار عليها تحذيرات بعدم الدفن لمدة ثلاثة أيام في مخالفة لتعاليم الإسلام. وأكد طبيب ذكر أنه عالج مقاتلين أن المتشددين ابتدعوا تقنيات جديدة لإرهاب السكان. ففي صباح أحد الأيام قال إنه رأى 29 رأساً بشرية وضعت في صف أمام المستشفى الحكومي في «ميرانشاه» مقابل قاعدة أمنية. وفي وقت لاحق بدأ المتشددون يركلون الرؤوس. وقال الطبيب «لم أر منظراً مروعاً كهذا في حياتي». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©