الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدوان إسرائيل.. وحربها الخاسرة

عدوان إسرائيل.. وحربها الخاسرة
22 يوليو 2014 02:22
يقول أحد التعريفات الشعبية الشائعة للحماقة إنها تعني أن يكرر المرء فعل الشيء نفسه ويتوقع نتائج مختلفة في كل مرة. والجيش الإسرائيلي شن حملات عسكرية في عامي 2008 و2012 بهدف يفترض أنه القضاء على قدرات «حماس» على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة. ومن الواضح أن الحملات فشلت وأطلقت «حماس» مرة أخرى وابلاً من الصواريخ، وقصفت إسرائيل أيضاً غزة مرة أخرى. وإسرائيل لا تستطيع الفوز بهذه الحرب، وذلك يرجع في المقام الأول إلى أنها لا تكافح إلا أعراض الصراع مع الفلسطينيين، ومنها إطلاق الصواريخ، وليس الأسباب الكامنة خلفه التي تتمثل في حصار غزة والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ولم يكن مدى صواريخ «حماس» يصل إلا 50 ميلاً في عام 2012 وكانت تصل إلى مواقع مثل أشدود. واليوم يبلغ مدى بعض الصواريخ التي تطلق من غزة ما يقرب من 100 ميل وتستهدف تل أبيب وحيفا. وقد أطلقت «حماس» أكثر من 800 صاروخ في الأيام الستة الأولى من المواجهة الحالية، وهو عدد أكبر مما أطلقته في 21 يوماً في مواجهة عام 2008. كما شنت إسرائيل أكثر من 1300 ضربة جوية على غزة في الأيام الستة الأولى تلك. وقتل 17 فرداً من عائلة العميد تيسير البطش مدير عام الشرطة في حكومة «حماس» في إحدى هذه الضربات، وهو أكبر عدد يستهدف من أسرة واحدة في هجوم مفرد في الحملات الثلاث. ولا ندري المدة التي يمكن أن يستمر فيها الصراع الحالي ولكن عدد ضحاياه قد يكون أكبر هذه المرة. وقد استمر أيضاً النشطاء الفلسطينيون في إطلاق الصواريخ على إسرائيل في ظل غياب بوادر انفراجة دبلوماسية، ودون أن يلوح في الأفق وقف لإطلاق النار. وبدأت إسرائيل هجوماً برياً على قطاع غزة الذي تسيطر عليه «حماس» يوم الخميس الماضي بعد أن أخفق قصف جوي وبحري ومدفعي عنيف على مدى عشرة أيام في وقف إطلاق الصواريخ من غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قد عزز وجوده يوم الأحد بهدف تدمير مخزونات الصواريخ وشبكة أنفاق كبيرة حفرتها «حماس» على طول حدود القطاع مع إسرائيل. وكان مسؤولون بوزارة الصحة في غزة أكدوا أن 370 فلسطينياً على الأقل، كثير منهم من المدنيين، قتلوا في العملية الإسرائيلية التي بدأت قبل 13 يوماً. وعلى الجانب الإسرائيلي قتل مدنيان بالصواريخ وقتل خمسة جنود أيضاً في اشتباكات. ولن يؤدي القصف المكثف لغزة إلا إلى تعميق مشكلة إسرائيل وليس حلها. وعلى مدار السنوات السبع والأربعين الماضية تسببت إسرائيل عن عمد في خلق واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم في قطاع غزة. فكلما دمر جيشها المزيد من الأهداف واعتدى على القطاع كلما تصاعد الإحباط وسط سكان غزة. وذوو القتلى وجيرانهم وأصدقاؤهم وباقي مجتمع غزة هم الآن أكثر غضباً مما مضى بسبب الحصار الإسرائيلي. وتفاقم الإحباط في غزة المحاصرة يدفع الأمور إلى الحافة في المقام الأول. ومن المضلل الادعاء بأن المعارك الحالية عندما تنتهي سيعود الجانبان لاستئناف الحياة العادية. فالصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلق معنيين لما يعرف بالحالة الطبيعية أو الحياة العادية. فهناك 40 ألفاً من قوات الاحتياط استدعتهم إسرائيل هذه المرة، وهؤلاء سيعود معظمهم إلى وظائفهم ومنازلهم بعدما ينتهي القتال. ولكن سكان غزة الذين يرزح 39 في المئة منهم في البطالة بدون عمل سيعودون إلى حياتهم «العادية» في ظل ظروف معيشية شاقة تحت الحصار الإسرائيلي، وتحت رحمة المحددات الإسرائيلية لنوع وكم الطعام والبضائع الأساسية الأخرى المسموح بدخولها إلى غزة. والفلسطينيون في الضفة الغربية سيعودون أيضاً ليواجهوا الإهانات اليومية في حواجز الطرق وواقع توسيع المستوطنات الإسرائيلية على حساب مصادر رزقهم. والجانبان في الواقع أقرب للمساواة في ظل ظروف الحرب بخلاف حالة عدم المساواة الواضحة بينهما في ظل ظروف السلم. وعلى رغم أن الإسرائيليين أكثر قوة عسكرياً ويلحقون بالجانب الآخر أضراراً أكبر، إلا أن كلا الجانبين سواء تقريباً في المعاناة من وطأة التوجس من التعرض للهجمات. وعندما ينتهي القتال توفر «الحالة الطبيعية» لدى الفلسطينيين كل حافز ممكن لكي يتحدَّوا حواجز الطرق الإسرائيلية والحصار. وعندما يكون على الفلسطينيين الاختيار بين قبول الحصار والحياة داخل ما يطلقون عليه «أكبر سجن بلا جدران في العالم» وبين القتال فلا أحد، على الأرجح، سيفكر في أي شيء آخر غير الخيار الأخير. ولمنع نشوب حرب مأساوية أخرى في المستقبل يتعين تغيير كثير من معطيات الأمور. والفلسطينيون يحتاجون في الأساس إلى شيئين: الكرامة والخبز. ويتعين على إسرائيل أن تنهي الاحتلال بصفة عامة، والحصار المفروض على غزة بصفة خاصة. فالخطأ الذي وقعت فيه جهود الوساطة في عامي 2008 و2012 هو أنها توصلت إلى عمليات وقف إطلاق نار سمحت للإسرائيليين بأن يعودوا إلى العمل كالمعتاد، ولكنها تركت الحصار الإسرائيلي على غزة كما هو، وجعلت الظروف التي لا يمكن الدفاع عنها تستمر مما أدى إلى المزيد من الاحتقان والصراع الأكثر دموية. ولا تستطيع إسرائيل أن تفوز بهذا الصراع أو بأي صراع آخر في المستقبل بقصف غزة. فدون معالجة جذور المشكلة لن يتحقق استقرار ولا انتصار، حتى لو شلت إسرائيل حركة «حماس» التي استطاعت أن تفرض الهدوء بعد عام 2012. بل على العكس، لن يؤدي هذا إلا إلى إعداد المسرح مرة ثانية لهجوم آخر ضد أي جماعة أو جماعات قد تكون حتى أكثر تشدداً من «حماس»، ولا مفر من ظهورها في أية لحظة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال» عدوان إسرائيل. . وحربها الخاسرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©