الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا والصين... علاقة معقدة

22 يوليو 2014 01:00
بدأت جولي بيشوب وزيرة الخارجية الأسترالية تفهم ما كانت تعنيه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2009 عندما طرحت السؤال التالي بشأن الصين: «كيف يمكنك أن تتشدد مع مصرفك؟» وبحسب برقيات سربها موقع «ويكيليس» فإن الاجتماع مع رئيس الوزراء الأسترالي في ذلك الحين «كيفين رود» تناول الصعود السريع للصين، والنفوذ الذي تتمتع به بكين على واشنطن بسبب رصيدها الكبير من سندات الخزانة الأميركية. وقد وجدت أستراليا نفسها في علاقة مشابهة حيث بدأ اقتصادها يبدو كما لو أنه قسم تابع للصين. ولكن رئيس الوزراء الحالي «توني آبوت» ليس أيضاً سعيداً بهذا ولذا يتبنى نهجاً أشد مع الصين وإن كان لا يحسن القيام بما يريد. وقد استغل آبوت زيارة رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» مؤخراً لأستراليا ليعيد النظر في السياسة تجاه الصين. وكان «آبوت» قد أعلن في السابق أن اليابان، العدو اللدود للصين، هي «أفضل أصدقاء أستراليا في آسيا» ولكنه تجاوز أيضاً حدود الدبلوماسية الأسبوع الماضي عندما تحدث عن الغواصات اليابانية التي أطلقت الصواريخ على ميناء سيدني أثناء الحرب العالمية الثانية، وقال «أعجبنا بالمهارة والشعور بالشرف الذي نفذت به عملها». ماذا قال رئيس الوزراء؟! ليجرب أي امرئ قول مثل هذا أمام أسر الأسرى الأستراليين والبريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية الذين تعرض كثير منهم للتعذيب على أيدي اليابانيين أثناء مسيرات الموت في «سانداكان» بإندونيسيا، أو كانوا يتضورون جوعاً بينما كانوا يعملون تحت تهديد السلاح في سكك حديد بورما. ولكن وزارة الخارجية الصينية -ومن الواضح أنها لم تنسَ هي أيضاً الحرب- ردت بالقول إن «أي شخص صاحب ضمير لن يوافق على تصريحات الزعيم الأسترالي». وفندت صحيفة «جلوبال تايمز» الناطقة بلسان بكين تصريحات «بيشوب» التي دعا فيها إلى اتخاذ موقف أشد صرامة تجاه الصين. ووصفت الصحيفة وزيرة الخارجية الأسترالية بأنها «محض حمقاء» تساعد في تحويل أستراليا إلى مركز «للأوغاد والخارجين على القانون» الذين لا يفهمون الجغرافيا السياسية لآسيا. ما الذي نخرج به من كل هذا؟ النقطة الواضحة هي أن هيلاري كلينتون كانت محقة. فلأي سبب تخاف الصين من دولة قد تلحق هي بها أزمة غدا بإسقاط ديونها أو تحويل طلبات شرائها للحديد الخام والفحم والنحاس إلى مكان آخر؟ وهناك رسالتان تحذيريتان في هذا الوضع المعقد بين بكين وكانبيرا، إحداهما لـ«آبوت» والآخرى لـ«آبي». بالنسبة للأول: القضية تتلخص في الكيفية التي يمكن أن تجبر بها الصين الأمم الديمقراطية على الاختيار بين الطاعة للحزب الشيوعي والمتاعب الاقتصادية. ومن الواضح هنا أن بريطانيا تسلك طريق الإذعان لأن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أدار ظهره لهونج كونج. وسيكشف الزمن عما إن كانت أستراليا ستدفع الثمن لعلاقتها مع قومي ياباني مثل «آبي» الذي يقود قوة اقتصادية تضعف، بينما توسع الصين نفوذها في عموم الكرة الأرضية. والصين على كل حال هي شريك أستراليا الأول في التجارة، وقوة عسكرية عظمى صاعدة. ودعونا نواجه الأمر، فالحزب الشيوعي الصيني يعرف حقاً كيف يرد الصاع صاعين. أما الرسالة لـ«آبي»، فمؤداها أن عليه التفكير في مدى تأثير سياساته الخارجية. وزيارته غير المبررة في ديسمبر الماضي لضريح «ياسوكوني» في طوكيو الذي يُدفن فيه 14 من مجرمي الحرب، من الطبقة الأولى، أثارت غضب الصين وكوريا الجنوبية. وأثار غضب البلدين أيضاً صمت «آبي» على إنكار أشخاص من حاشيته السياسية وقوع مذبحة «نانجينج» أو جمع الجيش الإمبراطوري للنساء وإجبارهن على أعمال مخلة بالشرف. وفي الآونة الأخيرة انتقل «آبي» أيضاً إلى «إعادة تفسير» الدستور السلمي لليابان، وهو ما زعزع واقع الحالة الأمنية في آسيا، من وجهة نظر المنتقدين. وقد طرحت صحيفة «سيدني مورنينج هيرالد» سؤالاً في أحد عناوينها في 11 يوليو: «هل نحن مرتاحون حقاً لآبي؟». وعندما يتعرض زعماء ديمقراطيون آخرون لانتقادات شديدة بسبب كونهم أصدقاء لك فقد حان الوقت للتأكد من أن سياساتك الداخلية لا تقوض علاقاتك الخارجية. وعلى كل حال، ينبغي أن تستند سياسة «آبي» الاقتصادية على علاقات أكثر قرباً من أكبر اقتصادات آسيا، وليس الابتعاد عنه. وربما تكون لدى أستراليا حالياً مشكلة شبيهة بين يديها في الوقت الذي يختمر فيه غضب الصين بسبب علاقة «آبوت» الحميمة باليابان. ومن حق أستراليا باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة أن تقيم علاقات بحسب ما تراه هي ملائماً. ولكن كما تشهد الأحداث في الآونة الأخيرة، على الحكومات تحقيق التوازن في علاقاتها بين قوة الصين الاقتصادية وخصوصياتها الدبلوماسية أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©