إعداد - عدنان عضيمة:
تصاعدت الأزمة التي نشبت مؤخراً بين شركات تشغيل الموبايل في دول الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية بشأن إصدار قوانين وتشريعات جديدة لتنظيم خدمة التراسل النصّي عبر الموبايل· وكانت معظم المصادر الصحفية أشارت نهاية الأسبوع الماضي إلى أن معركة حقيقية بين الطرفين قد تندلع في أي وقت بعد أن استقرأت هذه الشركات من فحوى القوانين الجديدة أنها تنطوي على الكثير من الأذى من خلال تخفيض مداخيلها إلى حدود غير مقبولة· ونقلت صحيفة ''ذي تايمز'' في تقرير كتبته إليزابيث جادج ونشر في عددها أول أمس الجمعة عن مشغلي الموبايل قولهم: إن هذه القوانين غير ضرورية ولا تنسجم مع السياسات التي تتبناها المفوضية وتقضي بمعاقبة أية شركة لا تستجيب خدماتها لمفاهيم التنافس·
وتتلخص أهم نقطة في الخلاف الناشب بين الطرفين في مسألة التكاليف التي يفرضها مشغلو الموبايل على خدمة التراسل النصي، وحيث تحاول المفوضية الأوروبية خفضها إلى مستويات لا يقبل بها المشغلون· ثم إن هذا الإجراء يأتي عقب مطالب أخرى من المفوضية بتخفيض تكاليف المكالمات الهاتفية الخارجية· وكانت بعض تفاصيل هذه القضية ظهرت الخميس الماضي واتضح منها أن التشريعات الجديدة تجعل هذه الخدمة مقيدة بقواعد بالغة الصرامة ولا لزوم لها· وكانت خدمة التراسل النصي أوحت ذات مرة لمشغلي الموبايل بارتفاع عوائدها بحيث حلّت بعد المكالمات الهاتفية من حيث مداخيلها المالية (تبلغ عوائدها الإجمالية في بريطانيا 18 مليار دولار سنوياً) إلا أنها بقيت توصف من قبل خبراء ومسؤولي المفوضية بالافتقار التام لمقوّمات التنظيم والانضباط· ولهذا السبب كان من الطبيعي أن تحتج الشركات المشغلة للخدمة ضد أية محاولة لتحجيم هذه العوائد· وفي هذا الصدد قال ناطق باسم شركة فودافون: (إن هذه الإجراءات لا تتفق مع السياسة التي ترسمها المفوضية لنفسها والتي تقتضي التدخل فقط في الحالة التي لا يسود فيها مبدأ التنافس في تقديم السلع والخدمات)· ومن جهة أخرى قال ناطق رسمي باسم شركة ''أو''2: ( إننا نرى أن القوة المحركة التي ينبغي أن تغير السوق هي التنافس وليس القوانين والتشريعات الجديدة)· وقال بعض المحللين إن المفوضية ترمي من وراء ذلك إلى زيادة التنافس بين المشغلين من أجل تطوير خدماتهم وتخفيض تكاليفها·
وقال مايكل بارتولوميو مدير الرابطة الأوروبية لتشغيل الشبكات الاتصالية عبر الموبايل والتي تضم 41 شركة ومجموعة أوروبية بما فيها فرانس تيليكوم ودويتش تيليكوم: (لا شك أن لمثل هذه الإجراءات التي تفرضها المفوضية عواقبها على كبار المشغلين· وهي تفتقر إلى المفاهيم المقنعة، وتأتي في غير الوقت المناسب· ولهذا السبب فلقد كان لها أثرها السلبي على مشغلي الموبايل)·
وكان محللون قد أشاروا آخر الأسبوع الماضي إلى أن العوائد المالية للرسائل النصّية في بريطانيا تشكل ما بين 15 و20 بالمئة من العوائد المالية الإجمالية لخدمات الموبايل، وتبلغ 18 مليار دولار· وهذه الأرقام تتناقض مع تلك التي يتحدث عنها المشغلون من خلال مضامين بياناتهم الاحتجاجية ضد الإجراءات والقوانين الجديدة· كما تعد هذه الأزمة الأولى من نوعها التي تتحدى المفوضية الأوروبية في الشأن التنظيمي لقطاع خدمي· ويبدو أنها ستكون متبوعة بالعديد من الإجراءات التنظيمية التي قد تمسّ بعض الخدمات والسلع الأخرى، إلا أن الشيء الذي بدا واضحاً حتى الآن يتعلق بضعف أداء المفوضية في مجال معالجة مثل هذه الأمور الشائكة·
عدد اليوم
