الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معالجات إسلامية

معالجات إسلامية
7 يوليو 2011 21:25
تشجيع الإسلام للمبدعين أخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن من الشجر شجرةً مثلها كمثل المسلم، فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هي النخلة»(أخرجه البخاري). هذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب العلم باب الفهم في العلم. نتعلم من الحديث السابق أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان جالساً مع أصحابه، ومن المعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يستخدم أساليب تربوية وتعليمية متعددة في تعليم أصحابه - رضي الله عنهم أجمعين -، حيث استخدم أسلوباً جديداً يسألهم فيه عن شجرة لا يسقط ورقها، هل تعرفونها؟ وكان من بين الجالسين عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان سنه يقارب العشر سنوات، وأدلى كل واحد من الجالسين برأيه، أما عبد الله فقد وقع في نفسه أنها النخلة، ولكن لصغر سنه استحيا أن يتكلم، وأخبر عبد الله والده بأنه كان يعلم الجواب لكنه سيطر عليه الحياء، وعندئذ خاطبه والده لماذا لم تقل ولم تتكلم؟ فقد كان عمر - رضي الله عنه - يشجع ولده عسى أن تصيبه دعوة من دعوات النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يجيب عن اللغز الذي لم يستطع كبار الصحابة حله، وفي ذلك إشارة واضحة إلى تشجيع عمر - رضي الله عنه - للموهوبين والمبدعين. ومن الجدير بالذكر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان من ضمن مستشاريه الشاب (عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-) وعمره وقتئذ خمس عشرة سنة وكان يجلسه مع أشياخ بدر، وكان الشاب عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز الذي لم يتجاوز الستة عشر عاماً مستشاراً لوالده الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. إن الإسلام رسالة السماء إلى العالمين، ومصدر الخير للبشرية جمعاء إذا التزمت به، وعملت بأحكامه وتأدبت بآدابه، وديننا الإسلامي الحنيف يعرف لكل إنسان حقه ذكراً كان أم أنثى، صغيراً أم كبيراً، كيف لا؟ وهو القائل: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه) (أخرجه الترمذي). لذلك فقد أولى الإسلام عناية فائقة بالأبناء، وحث على رعايتهم والإحسان إليهم، وقد ضرب - صلى الله عليه وسلم - أروع الأمثلة في رحمته بالأطفال كيف لا وهم ثمرة الفؤاد ومهج القلوب، حيث جاء في الحديث (بينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه حدث أمر، فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن ابني قد ارتحلني - أي جعلني كالراحلة فركب على ظهري - فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» (أخرجه النسائي والحاكم). كما حث - صلى الله عليه وسلم - الأمة على حسن تربية أبنائها فقد روى عن علي - كرَّم الله وجهه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حُبّ نبيّكُم، وحُبّ آلِ بيته، وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن في ظلّ عرش الله، يوم لا ظلّ إلا ظلّه مع أنبيائه وأصفيائه) (أخرجه الطبراني). ويأتي اهتمام الإسلام بالموهوبين والمبدعين انطلاقاً من إدراكه لأن الثروة البشرية هي الثروة الحقيقية للأمة، وأن الأمة الناجحة هي التي تستثمر في أغلى ما تملك ألا وهو الإنسان. لقد أثمرت المدرسة النبوية التي بدأت في دار الأرقم بمكة المكرمة ثم انتشرت هنا وهناك في اكتشاف كفاءات كثيرة ومواهب متعددة لدى أصحابه الكرام - رضي الله عنهم أجمعين - كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (أخرجه الترمذي). ومن المعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رعى موهبة الأطفال رعاية تامة وحملهم المسؤوليات الجسام التي يعجز عن حملها أعظم الرجال، فعلي - كرّم الله وجه - ينام في فراشه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الهجرة، ويولي أسامة بن زيد - رضي الله عنه - جيشاً فيه أبو بكر وعمر وعثمان، ويثق في قوة حفظ زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فيأمره بتعلم العبرانية والسريانية فيتعلمهما في أقل من ثلاثة أسابيع. ومن فضل الله عليّ أثناء زيارتي لجمهورية مصر العربية قبل عامين أنني التقيت طالبة موهوبة أكرمها الله بحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وهي في رياض الأطفال، عندما كانت مع والدها، حيث أجرت قناة الفجر الفضائية مقابلة معها، وأما الطالبة فهي: خديجة عبد المجيد عبد الحميد عامر، من كَفْرِ سَرْنَجَة - مركز ميت غمر - بمحافظة الدقهلية، وقد أحسنت قناة الفجر الفضائية صنعاً عندما بدأت بعمل برنامج عن هذه الفتاة الحافظة لتكون قدوة للآخرين. لقد كان الفضل الأول في اكتشاف معجزة هذه الطفلة لوالدها عبد المجيد عامر المدرس بالأزهر، والمقيم بقرية كفر سرنجة بمركز ميت غمر دقهلية، عندما وجدها تحفظ ما يُتلى عليها من المرة الأولى في أي شيء بشكل معجز، مما دفعه لأن يبدأ بتعليمها قراءة القرآن مباشرة، وكان عمرها في ذلك الوقت ثلاث سنوات ونصف السنة، وكانت المفاجأة التي أذهلته أنها بدأت تتقن القراءة والكتابة بشكل معجز، حتى أنها لا تقرأ الجزء من القرآن سوى مرة واحدة وتكون قد حفظته تماماً، فبدأ يعلمها تجويد القرآن، وكانت النتيجة أسرع من التجربة الأولى، وقد شاركت الطالبة خديجة في إحدى مسابقات القرآن الكريم، فأذهلت كل من استمع إليها، حتى أنها هي التي افتتحت الحفل في تلك المسابقة بقراءة جزء مُجَوّد من القرآن، فشدت اهتمام الجميع، وقال عنها فضيلة الشيخ الدكتور / أحمد عيسى المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية عندما استمع إليها، كتب بخط يده «شرفت بسماعي لابنتي خديجة عبد المجيد عامر وهي من المواهب القرآنية التي منحها الله القرآن في سن مبكرة «ست سنوات»، فهي مباركة بما أكرمها الله بكلامه العزيز، وسوف يكون لها شأن عظيم بما منحها الله من القرآن الكريم، وأرجو من والدها الاهتمام بها وإحاطتها بالرعاية أكثر وأكثر، حتى تكون نموذجاً يحتذى به من بين فتيات مصر بل العالم الإسلامي كله، أسال الله أن يبارك فيها وفي والديها، وتكون لهما تاجاً منيراً في الدنيا والآخرة»، وقد فازت والحمد لله بالمرتبة الأولى في مسابقة القرآن الكريم الدولية بجمهورية مصر العربية، حيث شارك في المسابقة أكثر من عشرة آلاف متسابق، كما فازت بالمرتبة الثالثة في مسابقة القرآن الكريم الدولية بمكة المكرمة والتي شارك فيها متسابقون من أكثر من ستين دولة. وقد قام والدها بعمل مشروع خيري لتحفيظ القرآن الكريم أسماه (مئات الخديجات)، ومكان المشروع المركز (ميت غمر)، ويبدأ المشروع بتعليم قراءة القرآن للأطفال من سن ثلاث سنوات حتى السنة السادسة قبل دخول المدرسة، ويكون بختم القرآن الكريم تلاوة صحيحة. ومما لا شك فيه أن كتاب الله - عز وجل - مصون ومحفوظ على مر الدهر، وقد هيأ الله له من عباده من يقومون على خدمته وحفظه وتعليمه في كل الأزمنة والأمكنة. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©