الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليلة النصف يتجلى الله فيها على عباده فيغفر لهم

7 يوليو 2011 21:26
من الأشهر المعظمة في ديننا الحنيف شهر شعبان الذي كان يفرده صلى الله عليه وسلم بالعبادة خاصة فكان يستعد له مع بدايات شهر رجب فكان يقول عند رؤية هلال رجب : “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ “ شهر كان صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام فيه، وتستحب زيادة العبادة فيه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، فعن أُسَامَة بن زَيْدٍ قَالَ :”كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْأَيَّامَ، يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ الأَيَّامَ حَتَّى لاَ يَكَادَ أَنْ يَصُومَ، إلا يَوْمَيْنِ مِنْ الْجُمُعَةِ إِنْ كَانَا فِي صِيَامِهِ وَإِلا صَامَهُمَا ، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ف.َقُلْت: ُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَصُومُ لاَ تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ ، وَتُفْطِرَ حَتَّى لاَ تَكَادَ أَنْ تَصُومَ ، إِلا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلاَ فِي صِيَامِكَ وَإِلاَّ صُمْتَهُمَا ، قَالَ : أَيُّ يَوْمَيْنِ . قَالَ : قُلْتُ يَوْمُ الاثْنَيْنِ وَيَوْمُ الْخَمِيسِ، قَالَ : ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ . قَالَ : قُلْتُ وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ . قَالَ : ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ يُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ” سنة الرسول وإذا كانت هذه سنته صلى الله عليه وسلم وفي اتباع سنته كل خير للمؤمنين في الدنيا والآخرة فعلينا أن نعلم أن هدي الإسلام أنه لايثقل الإنسان على نفسه بالعبادة ثقلا يفقد العبادة صفاء جوهرها وجمال تأثيرها ولهذا علمنا رسول الله أنه ما كان يسرد الصوم ويتابعه بدون انقطاع كما أنه ما كان ليغفل عن ربه والتقرب إليه بمختلف وأنواع العبادات والقربات ، وهذا المنهج هو الذي بينه الحديث الذي روته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قَالَتْ :”لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا” وفي شعبان ليلة مباركة ويتجلى الله تعالى فيها على عباده فيغر لهم ويمتن عليهم بالعفو والتجاوز والغفران، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلاَ مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلاَ كَذَا أَلاَ كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ “، وقَالَ أيضا : “إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ” فضل العبادة قال الحافظ ابن رجب: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامله إلى البصرة عليك بأربع ليال من السنة فإن الله يفرغ فيهن الرحمة إفراغا أول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلة الفطر وليلة الأضحى . فالمواسم ميدان الخيرات ومظان الحسنات يحوطها الإجلال وتتضاعف فيها الأعمال فيقوم العبد المؤمن بها في طاقته من الأعمال المفيدة من تلاوة وذكر وصلاة وصدقات وإحسان والصدقات لها خصوصية لأنها أوفى وأكمل في الأجر لكونها عبادة متعدية إلى الغير. وشهر شعبان هو الشهر الذي تفضل الله تعالى فيه على رسوله صلى الله صلى الله عليه وسلم وصفيه من خلقه فاستجاب له بأن بلغه مناه وأسعده بتحقيق ما تشوق إله ورجاه وبشره في محكم كتابه بأنه قد ولاه قبلة توافق رضاه ، فقال تعالى : قدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ(البقرة : 144) ، وعَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوْ صَلاهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ (البخاري : 13/412) تحويل القبلة فكانت حادثة تحويل القبلة ليلة النصف من شعبان في السنة الثانية للهجرة، صلّى المسلمون إلى بيت المَقْدس سبعة عشر شهراً وثلاثة أيام، ومنة من منن الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ومنن الله تعالى على رسوله لا تحصى ولا تعد والحكمة منها تثبيت فؤاده وتأكيد إحاطة المولى عز وجل برسالته الخاتمة وأنه ناصره ومؤيده ومتمم له ما وعده. فهي تؤكد مكانة الرسول الأكرم عند ربه عز وجل وقربه من مولاه جل شأنه كيف لا وقد خصه الله بالرسالة الخاتمة وأعطاه الشفاعة العظمى والمقام المحمود. مهبط الوحي ومن الأبعاد الحضارية لتحويل القبلة تأكيد معاني الحب والولاء للأوطان فمكة موطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحل نشأته الذي شهد فيه طفولته وشبابه وابتعثه الله تعالى فيها نبيا مرسلا فهي مهبط الوحي ، عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المعاني عندما وقف على مشارفها مغادرا إياها مهاجرا إلى المدينة : “عَلِمْتُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ الأَرْضِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلاَ أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ “، وتدون كتب السيرة أيضا ما فاض به لسانه صلى الله عليه وسلم حال هجرته حين قال : « اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي ، فأسكني أحب البلاد إليك» نستنبط من هذا القول المعبر عن المشاعر النبوية الصادقة نحو موطنه أن حب الأوطان من الإيمان وأن هذا الشعور نحو الوطن شعور فطري ينبغي أن نرسخه لدى أبنائنا سلوكا يوميا بالمحافظة على مكاسبه وإنجازاته والسعي إلى تحقيق تنميته وازدهاره ومناعته بتكريس روح العمل وإتقانه باعتباره سبب كل تقدم تنشده الشعوب والأمم . لأجل ما تقدم ونحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم الذي أنزل فيه القرآن، ومن أدب الإستقبال التوقف عن صيام التطوع في النصف الثاني من شهر شعبان لقوله صلى الله عليه وسلم : “إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا” ، وقَالَ أيضا : َ”لا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ” ، والنهي للتقوى على صيام رمضان شفقة أن يضعفه ذلك عن صيام رمضان . د /سالم بن نصيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©