الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«العاصفة» تجسد مشاعر الإنسان في زمن الحرب

«العاصفة» تجسد مشاعر الإنسان في زمن الحرب
4 أكتوبر 2010 21:03
إنها الحرب، يقول أحد أبطال مسرحية “العاصفة”، يعني الحرب التي لا تعرف من هم ضحاياها ولا تفرق بينهم، لا تفرق بين الناس الأبرياء والجنود المقاتلين، ولا حتى جنود حفظ السلام الذين يعتقدون أن مهمتهم هي حفظ السلام، ليكتشفوا أن الحرب لا تعترف بمهمتهم بل تتعامل معهم كغيرهم، فلا يستطيعون حفظ أرواحهم فضلا عن السلام الذي جاءوا ليحفظوه أو الأبرياء الذين جاءوا لإنقاذهم. هذه هي خلاصة مضمون مسرحية “العاصفة” التي قدمها مسرح الشباب للفنون على خشبة ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء أمس الأول ضمن عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، تأليف حميد فارس وإخراج حسن يوسف.إلا ان العرض ينتهي إلى أنه رغم كل ذلك فلا بد من وجود الأمل، وهو ما نشاهده في المشهد الختامي الذي يعرض الخلاص. في هذا العرض نحن حيال أربعة من جنود قوات حفظ السلام في معسكر مهجور، بيوت مهدمة، وأشجار محطمة لا تصلح سوى لحطب النار التي يتدفأ عليها الجنود، ومشاعر يأس وإحباط تتدفق من جنود جاءوا لينقذوا البشر فوجدوا أنفسهم معزولين ينتظرون من ينقذهم، منهم الحالم ومنهم الواهم الذي يتخيل الخلاص في أي حركة. وهنا نحن حيال عرض يبتعد تماما عن تحديد الزمان والمكان، ليترك الأمر مفتوحا لهذا الفضاء على أبعاده الإنسانية. عرض “العاصفة” يقوم على أساسين متوازيين، أساس يتمثل في النص المكتوب وحواراته، وهو نص مألوف في ما يتعلق بالحروب وتفاصيلها ومآسيها، وأساس آخر يتجسد في الرؤية السمعية البصرية والمشهدية التي تتمثل في رؤية المخرج الشاب وفريقه الفني، وهنا تبرز قدرة العمل على الإبهار في رسم الواقع الذي يعيشه الجنود في حرب لا علاقة لهم بها، وذلك في تجربة إخراجية هي الأولى للمخرج حسن يوسف. البداية البطيئة للعرض لم تكن توحي بما يحدث لذوي الخوذات الزرقاء، حيث يبدو أن الجنود الثلاثة يفتقدون رفيقهم الرابع، وينتظرون بضجر وملل الخروج من المأزق، وإلى أن يأتي الخلاص تكون مياه كثيرة قد مرت من تحت المكان، فالزمن يمر ببطء شديد، وثمة شعور بأن القدر قد أحكم قبضته، لكن ثمة جنديا واحدا يتوهم أو يتخيل قرب الخلاص، فيتحدث عن قافلة قادمة لإنقاذهم مما هم فيه، بينما يعتبره زملاؤه مجنونا، لكن رؤيته هي التي تصح في النهاية. شيئا فشيئا يدخل العرض في حيوات الجنود الخاصة، ويعرض جوانب منها، في مشاهد تنجح الإضاءة والمؤثرات الصوتية في إضفاء قدر من الحميمية عليها، فهم يتحدثون عن خصوصياتهم كما لو كانوا يودعون، وفي لحظة انتظار الخلاص التي يبشر بها الجندي “المجنون” يقع انفجار ويكون ضحيته الجندي الرابع الذي يموت في حضن صديقه، فيقرر أحد الجنود المغادرة، وتحدث المواجهة بينه وبين جندي آخر، لكنه يتراجع تحت ضغط شعور بتأنيب الضمير. أحد أبرز المشاهد في العرض، وربما يكون مألوفا من حيث المضمون، لكنه منفذ فنيا بأسلوب جيد، هو مشهد ذلك الجندي الواهم بالخلاص، حين يتحدث عن الأمل، ويتذكر زوجته، فيستخرج صورتها من جعبته ويأخذ في تأملها وتقبيلها، متذكرا أنه في يوم عيد زواجه، وهنا يمتزج المأسوي بالساخر فينتج مشهد كوميدي مضحك وغريب، من نوع المضحك المبكي. المشهد الأخير في العرض يجسد حالة خاصة على المستوى الفني والموضوعي، فالجنود الثلاثة عرضوا عجزهم عن إنقاذ أحد، وعرضوا مشاهداتهم للضحايا والمآسي التي يتعرض لها الأبرياء، ثم يرتدون خوذاتهم الزرقاء، ويحتضنون بعضهم وسط أصوات القصف ومشاهد الدمار، ويغطون أنفسهم بما تيسر من ملابس، ويبدون في لحظة يأس مطلق. وفي هذه اللحظة تبدأ سماء المسرح تمطر ما يشبه الثلج، وفجأة يأتي صوت طائرة هيلوكبتر، وتسطع إضاءة بيضاء فوق الجنود المكومين في وسط الخشبة، ثم يتدلى سلم الخلاص. عرض يبدو فيه البصري طاغيا على المحكي من الحوارات، خصوصا في هذا المشهد الأخير، وفي غيره من المشاهد، كما يستغل المخرج الإمكانيات الموسيقية للتعبير عن المواقف المختلفة بقدر من التوفيق، وهو ما ينطبق أيضا على موضوع الملابس والإكسسوارات التي كانت معبرة تماما عن حال الجنود في المعسكر، كما كانت الديكورات واقعية جدا في تعبيرها عن العزلة التي يعيشها الجنود في محنتهم، فهي أقرب إلى بيت قديم مهدم لا يرى الجنود من خلفه شيئا. أما التمثيل فكان مستوى أداء الممثلين متذبذبا، وكان نطق بعضهم غير واضح، ولغتهم الفصيحة غير سليمة. فعاليات اليوم تقام اليوم في الرابعة والنصف عصرا في قاعة ندوة الثقافة والعلوم في دبي ندوات فكرية مصاحبة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، ويليها في التاسعة مساء عرض للمسرحية السورية المستضافة من ادارة المهراجان وهي بعنوان “المنفردة” للمخرج السوري نوار بلبل وتعرض على خشبة مسرح ندوة الثقافة والعلوم.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©