الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زينب السجيني: الزخارف الهندسية في الفن الإسلامي.. متعانقة

زينب السجيني: الزخارف الهندسية في الفن الإسلامي.. متعانقة
4 يوليو 2015 21:15
مجدي عثمان (القاهرة) تنتمي الفنانة التشكيلية زينب السجيني إلى عائلة تعود جذورها إلى الشيخ عبد الرؤوف بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد السجيني الشافعي الأزهري، الشيخ التاسع للأزهر الشريف، ويلقب بالسجيني نسبة إلى بلدته قرية «سجين الكوم» في محافظة الغربية، وكنيته «أبو الجود». عاشت زينب أيامها الأولى منذ ميلادها العام 1930 في أحياء القاهرة القديمة بين الحسين والظاهر والجمالية، في ذلك المناخ المعبأ بسحر العمارة الإسلامية من المساجد المملوكية والمنازل العثمانية ذات المشربيات الخشبية، كما ارتبطت بعمها النحات الكبير جمال السجيني، وكانت نموذجه الأثير ولم تكن قد تعدت السنوات الست، وكان أول تمثال نفذه، بورتريه لها، وهو من مقتنيات متحف الفن المصري الحديث. وقد استفادت كثيراً من مكتبته التي عاد بها من فرنسا بعد انتهاء بعثته هناك، كما نصح لها الالتحاق بمعهد التربية الفنية بعد دراستها في كلية الفنون الجميلة للخروج من الأكاديمية الجامدة، ولذلك أتمت تلك التوليفة العجيبة بالحصول على درجة الدكتوراه في أسس تصميم المنمنمة الإسلامية في المدرسة العربية. العمارة الإسلامية وقالت زينب إنهم كانوا يسكنون في حي الظاهر، بين صحراء العباسية - آنذاك - وباب الشعرية، كما أن أجدادها يعيشون في حي الجمالية في الحسين، ولذلك كانت تمر عند الذهاب إليهم على حي النحاسين، وبيت القاضي، وشارع المعز، وترى الحارات المبلطة، وتعبر من النور إلى الظلمة، ثم إلى النور أسفل البوابات الضخمة فيها، وكانت تنبهر بالأسوار العالية في العمارة الإسلامية، ولم تكن تعلم وقتها لذلك سبباً، وترى عرائس الجامع واتصالها بالسماء، كنوع من اللقاء الروحاني، وتتذكر المولد النبوي والعروسة الحلاوة، وطقوس رمضان، وموكب المحمل، وموالد المشايخ في منطقتهم، بينما يتعبأ الجو برائحة البخور. الهوية المصرية وتضيف السجيني أن للتواصل مع موروث الثقافة بأبعاد جذورها المحلية والتراثية علاقة متأصلة لتأكيد الهوية المصرية، وتدعيم الإبداع بروافد ذات أغوار بعضها معلوم والبعض الآخر ينساب من اللاشعور، وإنه مزيج من التلاحم لاستشعار سحر المنمنمة الإسلامية لتدفق البهجة خلال علاقات تتعدى أبعاد الزمان والمكان. كما أكدت أهمية احترام تراث الفن الإسلامي والتعاطي معه من خلال استيعاب البناء الأساسي له، والخروج بروح التراث، كونه فن دنيوي أو أنه فن الحياة، وأن كلمة زخرف التي ينعت بها كثيراً الفن الإسلامي من خلال بحثها تعني الشيء المكمل للمعنى داخل العمل الفني، حيث يكون الزخرف ذا دلالة بصرية يحتاجها العمل فعلياً. وأشارت إلى أن ارتباطها بالتراث الإسلامي بدأ منذ اختيارها لتكية «المغاوري» لإعداد مشروع التخرج من الكلية، وهي تكية تقع في قلب جبل القلعة، وكان يعيش فيها الألبان، وصادف أن زميلها الفنان الراحل فؤاد حمدي كان جده ألبانيا وعلى اتصال بأهل تلك التكية، فقامت بمشروع تجميلي حداثي للتكية يتعلق بالسياحة، واستخدمت في التصميم الداخلي للتكية التفاصيل الصغيرة من الخرط الموجود في الفن الإسلامي. وأوضحت أن اختيارها لرسوم يحيى بن محمود بن يحيى بن أبي الحسن «الواسطي» كبحث لنيل درجة الدكتوراه جاء لكونه رائداً للمدرسة العربية في القرن ال 13 الميلادي، وكان يعمل رساماً لدى الخليفة المستنصر بالله العباسي ما بين العام 1242 و1258، وزوق أكثر من نسخة من مقامات الحريري وغيرها من أمهات الكتب العربية، ويعتبر مؤسس مدرسة بغداد للمنمنمات، والتي أطلق عليها مصطلح «الواقعية الجديدة» لما تحمله من رؤية واقعية، على الرغم من إلغاء البعد الثالث أو العمق، إلى جانب تميزها برؤية ثاقبة في رصدها للواقع بمختلف عناصره وجمالياته، وإنه حقق في رسومه لمقامات الحريري أكبر إبداع تشكيلي عرفناه في تراثنا العربي، وإنها بدأت تقيس رسومه مدة 10 سنوات لتخرج وحدة قياس تجرب عليها إما بمضاعفتها أو كسرها إلى النصف والربع. عنصر هندسي وأضافت أنها أخذت الدائرة فيما بعد كعنصر هندسي أساسي في بعض الزخارف الإسلامية وقامت بتقسيمها إلى النصف والربع، وصممت منها ما يشبه الأرابيسك، ثم استكملت استلهامها من روح الفن الإسلامي من خلال هندسية أشكاله، مثل ما يسمى بالمربع الدوامي في المستطيل الذهبي، واعتمدت في فكرتها على تقسيم المربع إلى مربع ومستطيل ذهبي، وبالتبعية يخرج من ذلك المستطيل الشكل المربع، ثم اشتغلت على الشبكات المربعة والمثلثة، والتي يُبنى على أساسها الكثير من الزخارف الإسلامية. وقالت إنه دائماً ما كانت الوحدات الزخرفية الهندسية أشكالاً مضافة على بعض العناصر الأساسية في الفنون الإسلامية، مشيرة إلى أنها تجد الزخارف الهندسية في الفن الإسلامي متعانقة ومتشابكة وتتخلق من بعضها، ويكون فيها الفراغ قليلاً ومحسوباً، في حين تجد الفراغ في المنمنمات الإسلامية، وفي الخط العربي، متفاوت المساحة بين الكبر والصغر أو الذوبان في بعض الحروف التي يحوطها فراغ، إلا أنها مهمة باعتبارها ذات دلالات معنوية داخل المحتوى العام للشكل. عظمة الفن وأكدت على أن كثيراً من الفنانين الغربيين الذين درسوا الفن الإسلامي أو زاروا الشرق العربي لم يستشعروا عظمة الفن الإسلامي أو يحسوه كما يحسه الفنان المسلم، ولذلك اقتصرت استلهاماتهم له على بعض الكتابات أو الحروف والزخارف التي شكلت علامات مهاجرة في أعمالهم دون أن تكون أساساً قائماً بذاته. وأضافت أن بعض فناني المدارس الحديثة استفادوا من الخط العربي، بينما البعض الآخر قام بتقليد الشكل فقط دون الدراية بالأسس البنائية للحرف، التي تحدد إمكاناته ومدلوله الشكلي وتعطي القدرة للفنان على استخدام الطواعية الكبيرة للخط، مؤكدة أن في الخط العربي كل إمكانات العمل الفني المتكامل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©