الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إطلاق الشائعات جريمة ضد الدين

إطلاق الشائعات جريمة ضد الدين
22 يوليو 2014 20:00
اتخذ الإسلام موقفاً حازماً من الشائعات وأصحابها لما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم - رئيس جامعة الأزهر الأسبق: عدّ الإسلام إطلاق الشائعات سلوكاً منافياً للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمثل العليا، التي جاء بها وحثت عليها شريعتنا الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء، والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء، والشائعة نسف لتلك القيم ومعول هدم لهذه المثُل. ويضيف أن الإسلام حث على التثبت والتبيّن في نقل الأخبار، يقول سبحانه: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَاءٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 6». الظن أكذب الحديث ويوضح أن الشائعات مبنية على سوء الظن بالمسلمين، والله عز وجل يقول: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ الظَّنّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ . . )، «سورة الحجرات: الآية 12»، وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما أن رسول الله قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»، كما نهى الإسلام أتباعه عن أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرَهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق، ويصدّقوا قول كل دعيٍّ مارق. قصة الإفك ويشير إلى أن السيرة العطرة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنموذج يحمل في طياته نماذج حية لتاريخ الشائعة، والموقف السليم منها، فقد رُميت دعوته المباركة بالشائعات منذ بزوغها، فرُمي بالسحر والجنون والكذب والكهانة، وتفنن الكفار والمنافقون في صنع الأراجيف الكاذبة، والاتهامات الباطلة ضد دعوته، ولعلَّ من أشهرها قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، وتتعرّض لعرض أكرم الخلق على الله، وتشغل هذه الشائعة المسلمين بالمدينة شهراً كاملاً. والمجتمع الإسلامي يصطلي بنار تلك الفرية، ويتعذّب ضميره، وتعصره الشائعة الهوجاء عصراً، ولولا عناية الله لعصفت بالأخضر واليابس، حتى تدخّل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة، ويرسم المنهج للمسلمين عبر العصور للواجب اتخاذه عند حلول الشائعات المغرضة: (لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)، «سورة النور: الآية 12»، إلى قوله سبحانه:»وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ *يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ)، «سورة النور: الآيتين 16- 17»، تقول السيدة عائشة - رضي الله عنها: «فمكثت شهراً لا يرقأ لي دمعٌ ولا أكتحل بنوم»، حتى برّأها الله من فوق سبع سموات. جريمة ضد المجتمع والشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته، مثيرٌ للاضطراب والفوضى في الأمة، وقد يكون أخطر من مروّج المخدرات، فكل منهما يستهدف الإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى، وأبناء الأمة مطالبين كلَ إنسان في مجاله بالقضاء على هذه الظاهرة التي لها آثارها المدمرة ضد أمن الأمة واستقرار المجتمع، كما أن على البيت والمسجد والأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام دوراً كبيراً في المحافظة على سلامة المجتمع من شرورها وأخطارها، بدءاً بالوعي وتقوية الوازع الإيماني وتبيين الحقائق ونشرها، وعدم التساهل في نقل الكلام وبث الأنباء، لا سيما في أوقات الأزمات، وعدم التهويل والإثارة في التعليقات، والمبالغة في التحليلات المشبوهة، وإيجاد صيغة علمية وآلية عملية للحوار الحضاري، والموقف السليم في الأحداث والمتغيرات، واختلاف الظروف والمستجدات، بإخلاص وصدق وشفافية من دون تزييف أو التواء، رفعاً للروح المعنوية، وبعداً عن الخور والضعف والانهزامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©