السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا ومحاربة التطرف

5 يوليو 2015 00:21
عندما غادر ثلاثة شبان تلال «يوركشاير» الغربية الهادئة لتفجير أنفسهم في محطات القطار والحافلات في لندن قبل عشرة أعوام، أصابت الناس حالة من الذهول في هذه المنطقة متعددة الإثنيات في شمال إنجلترا، وسرعان ما شعروا برغبة في تضافر جهودهم معاً لمواجهة التطرف. وشبّك الأئمة والقساوسة والحاخامات أيديهم، مطالبين بالسلام. واتفقت الشرطة وقادة المجتمعات المحلية على التعاون وتنسيق الجهود من أجل إحباط أية محاولات عنف متطرفة. وسارعت الحكومة إلى وضع برنامج طموح يضمن عدم تكرار حوادث تفجيرات كتلك التي وقعت في السابع من يوليو عام 2005، والتي أسفرت عن مصرع 52 شخصاً، وتعرف في بريطانيا بأحداث «7/‏7»، ولكن بعد مرور عقد كامل، لم يحدث شيء من ذلك. فعندما قررت ثلاث شقيقات مغادرة منزلهن الشهر الماضي، وسافرن إلى سوريا مع أطفالهن التسعة، ليعشن على ما يبدو مع تنظيم «داعش» الإرهابي، أظهر ردّ الفعل المحلي كيف تغيرت أمور كثيرة داخل بريطانيا فيما يتعلق بالحرب ضد التطرف. وتهمس السلطات بأن شيئاً ما خاطئاً في منازل النسوة الثلاث أو مجتمعهن، وقد عارض أفراد أسرهن فكرة أن الشرطة هي من دفعتهن إلى التصرف بتهوّر. وبدلاً من لمّ شمل الناس معاً، أصبح رحيل الشقيقات بمثابة ومضة أخرى في الجدال الوطني اللاذع والمثير للشقاق حول من يتحمل اللوم عن التدفق المقلق لمئات من الشباب المسلمين البريطانيين إلى صفوف تنظيم أعلن الحرب على الغرب. وهذا الجدال يضع الحكومة البريطانية في مواجهة بعض مواطنيها، ويعكس غياب الثقة العميق الذي يشعر به كثيرون في المجتمع المسلم داخل بريطانيا تجاه الأجهزة الأمنية في البلاد، وفي هذا السياق أوضح إلياس كارماني، مستشار وزعيم المجتمع المسلم في مدينة «برادفورد» أن «ما حدث خلال الأعوام العشرة الماضية هو أننا أصبحنا مستقطبين كمجتمع»، مضيفاً: «لم نحقق أي شيء حقيقة، ونكرر نفس الأخطاء». وتكاد لا تكون بريطانيا وحدها في هذا الصدد، فآلاف الشباب المسلمين من الدول الغربية ذهبوا إلى تنظيم «داعش»، تاركين مجتمعاتهم التي يرونها فاسدة، ومنافقة وغير متدينة لبدء حياة جديدة في منطقة حرب! بيد أن المتطوعين البريطانيين قدموا مساهمات واضحة بصورة خاصة في الحروب الدائرة في الشرق الأوسط، فالجلاد الذي اشتهر في أنحاء العالم بـ«الإرهابي جون» تربى في منطقة شمال شرق غرب لندن حيث تغلب الطبقة المتوسطة. وتولى بريطانيون آخرون أدواراً قيادية في حركة «الشباب» الصومالية الإرهابية، أو نفذوا هجمات انتحارية في أنحاء منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك هجوم في العراق الشهر الماضي على يد شاب يبلغ من العمر 17 عاماً كان يعيش بالقرب من «برادفورد». ومع تزايد الخوف من أنها قد تكون مسألة وقت قبل أن يُحول متطرفون نشؤوا في الداخل تركيزهم على هجوم آخر على الأراضي البريطانية، يتصاعد الجدال حول من المسؤول عن تطرف الشباب وانسلاخهم من مجتمعهم. وبالنسبة إلى كثيرين في الحكومة، فالإجابة هي أن على المجتمعات المسلمة أن تفتش في داخلها، ومؤخراً استشهد مسؤولون في الحكومة بداية من ديفيد كاميرون بقضية الشقيقات الثلاث لدفع المسلمين البريطانيين إلى بذل مزيد من الجهود في محاربة التطرف داخل أسرهم وأحيائهم. وفي أحد خطاباته، انتقد كاميرون أولئك المسلمين الذين «يغضون الطرف بهدوء» عن الآراء المتطرفة. وفي إشارة إلى «داعش»، قال «إن هؤلاء الناس يساعدون الآخرين على تحويل كثير من المراهقين البريطانيين بسهولة إلى مقاتلين دواعش أو زوجات داعشيات». ولكن في «برادفورد»، حيث عاشت الشقيقات الثلاث في منزل تقليدي بين جيران يتحدثون الأوردو مثل الإنجليزية، اعتبرت تصريحات كاميرون استفزازاً. جريف ويت وسواد ميخينت - برادفورد * يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©