ملبورن ـ أيمن جمعة:
أكدت استراليا التزامها بإبرام اتفاقية التجارة الحرة مع دولة الإمارات، التي وصفتها بأنها توفر واحدة من أفضل البيئات الاستثمارية ليس في منطقة الخليج وحدها بل والعالم كله· وأظهرت وثائق وزارة التجارة والشؤون الخارجية الاسترالية أن الحكومة الاتحادية في كانبيرا أجرت مشاورات مكثفة مع كل الولايات والمناطق، وأنها لمست تأييداً جماعياً لإبرام اتفاقية التجارة، وسط اقتناع بأن هذه الخطوة ستفتح الباب واسعاً أمام تطور العلاقات الثنائية بين البلدين· وتؤكد الوثائق أنه تم إحراز تقدم جيد وشامل خلال الجولات الأربع الأولى من المفاوضات التي عقدت منذ مارس 2005 وحتى مارس 2006 بشأن البضائع والخدمات والاستثمار وحقوق الملكية الفكرية والمسائل القانونية، وأن مسؤولي البلدين متحمسون لإحراز المزيد من التقدم· وقالت شينج تيو، المدير التجاري في إدارة التجارة والتنمية الاقتصادية بحكومة استراليا لـ ''الاتحاد'' :''الإمارات شريك تجاري حيوي لاستراليا، ولا أبالغ إذا قلت إننا نعتبرها بوابة الدخول إلى أسواق الشرق الأوسط كلها· الإمارات مركز مالي قوي ولها سمعة عالمية جيدة· وعلى الرغم من أننا لم ننشر بعد البيانات الرسمية لحجم التعاملات التجارية لعام 2005 فإن كل المؤشرات تؤكد أنها في تزايد مستمر''·
وأضافت ''التزامنا باتفاقية التجارة الحرة يعكس قوة واتساع العلاقات التجارية بين البلدين· فالاقتصادان يكملان بعضهما البعض إلى حد كبير، وأعتقد أن إبرام هذه الاتفاقية سيضمن استمرار نمو العلاقات التجارية المتبادلة ويعطي لرجال الأعمال الاستراليين ما يمكن وصفه بأنه منصة انطلاق إلى أسواق الخليج والشرق الأوسط·''
وأضافت خلال حفل تكريم وفد من كلية طلبة أبوظبي أثناء زيارة تدريبية لاستراليا: ''يمثل النفط الجانب الأكبر من صادرات الإمارات إلى أستراليا إضافة إلى بعض المعادن مثل البوتان والبروبان المسال والهياكل المعدنية· وفي المقابل فإن أهم واردات الإمارات تتمثل في السيارات التي يتم تصنيعها وتجميعها في أستراليا، وهي تويوتا وهولدن وميتسوبيشي ومعدات الاتصالات واللحوم ومنتجات الألبان إضافة إلى الأغذية المعالجة''·
وقد قفزت قيمة التبادلات التجارية في البضائع بين الإمارات واستراليا إلى 2,2 مليار دولار في عام ،2004 حيث سجلت استراليا فائضاً قيمته 343 مليون دولار· وتمثل سيارات الركاب 18 % من الصادرات الاسترالية إلى الإمارات حيث بلغت قيمتها 235 مليون دولار عام 2004 أي 9 % من إجمالي مبيعات السيارات الاسترالية في العالم كله· كما نمت التبادلات في مجال الخدمات (الخدمات المالية وتلك المتعلقة بالتشييد والتصميم وغيرها) وبشكل مطرد في الأعوام الأخيرة لتصل إلى 1,5 مليار دولار عام ،2004 بما يجعل هذه التعاملات عنصرا رئيسيا في العلاقات التجارية الثنائية· ويشير المراقبون إلى أن التبادلات التجارية بصفة عامة تنوعت واتسع نطاقها من المنتجات التقليدية (كالنفط والماشية واللحوم والأغذية المعالجة) لتشمل الخدمات والبضائع فائقة التقدم·
وارتفعت أيضاً العلاقات الثنائية في مجال السياحة والتعليم بمعدل سريع، حيث تظهر إحصائيات قطاع السياحة الاسترالي أن عدد السياح الإماراتيين ارتفع بنسبة 31 % بين عامي 2003 و2004 ليصل إلى حوالي 20 ألف سائح· وارتفع عدد الطلبة الإماراتيين خلال الفترة نفسها بنسبة 36 %، ويدرس أغلبهم في كليات للطيران والسياحة والتفتيش الغذائي·
ويقول بريندان ستيوارت رئيس مجلس العلاقات العربي الاسترالي ''بالنسبة لمن يتطلعون لمزاولة الاعمال في العالم العربي فإن دولة الإمارات مكان رائع للانطلاق منه، فهي توفر بيئة استثمارية مواتية جدا، وهي مركز منطقة الخليج كلها· ولا تلمس فيها أي حواجز بشأن اللغة حيث تستطيع التواصل جيداً باللغة الانجليزية في أي مكان· الدور الذي تلعبه الامارات في منطقة الشرق الاوسط أشبه ما يكون بما تلعبه سنغافورة في منطقة جنوب شرق آسيا· تتسم الامارات بالعديد من المزايا منها معدلات النمو الاقتصاد المدهشة، والنظام المصرفي الجيد التنظيم والبنية الأساسية القوية، وإلمام مجتمع الأعمال فيها بأحدث الممارسات العالمية إضافة الى تركيبتها السكانية الفتية التي يبلغ متوسط عمرها 28 عاما''·
وأجمعت آراء كل المسؤولين الاستراليين الذين التقت بهم ''الاتحاد'' على أن الموقع الاستراتيجي للامارات ودورها كمركز مالي وتجاري إقليمي· ويقول جون دانبار مدير جامعة ''تيف جنوب استراليا'': ''الامارات تتمتع بموارد طبيعية ضخمة إضافة إلى حيوية القطاع الخاص فضلاً عن قوة البنية التحتية، وهي شريك تجاري جذاب جدا لكل من يتطلع الى العمل في أجواء مواتية· وفي المقابل فإن أستراليا توفر هي الاخرى للامارات موقعاً فريداً لتأسيس قواعد يمكن من خلالها تعزيز العلاقات مع كل الدول الآسيوية المطلة على المحيط الهادي·''
وتشدد الحكومة الاسترالية في تقرير اقتصادي لتشجيع الاستثمار في الامارات على أن ''النمو الاقتصادي في الامارات وما يصاحبه بالضرورة من تزايد الواردات اضافة الى ارتفاع مستوى الدخل فيها يعني أنها توفر سوقا استثمارية جذابة لاستراليا·'' ويمضى التقرير يقول ''الامارات هي ثاني أكبر شركائنا التجاريين في الشرق الأوسط، وقد ارتفعت صادراتنا من البضائع بنسبة 15 % بين عامي 2003 و2004 لتصل الى 1,3 مليار دولار من 1,1 مليار· ونمت صادرات الخدمات بمعدل اكبر وصل الى 55 % الى 472 مليون دولار خلال الفترة نفسها· وهذه الارقام كلها مرشحة للصعود·''
عدد اليوم
