الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة أقفاص الجريد فلكلور مصري في النزع الأخير

صناعة أقفاص الجريد فلكلور مصري في النزع الأخير
8 يوليو 2011 21:16
(القاهرة)- صناعة الأقفاص من جريد النخل في مصر من الحرف الصعبة والخشنة التي لا يقدر عليها سوى ذوي الجلد والقوة، ورغم أهمية وعراقة وقدم المهنة فإنها تواجه الانقراض بسبب متاعبها الصحية وقلة العائد المادي الذي تدره وهجرة معظم العاملين إلى مهن وحرف أخرى. حرفة يدوية تعتبر الفيوم أكثر وأشهر محافظات مصر، التي برع أهلها في هذه الصناعة، التي توارثوها وانتقلوا إلى قرى ومدن محافظة الجيزة القريبة للعمل في المهنة، أملاً في تحسين مستواهم المعيشي لتلبية احتياجات الزبائن خصوصاً تجار الفواكه والخضراوات من الأقفاص. ويقول أحمد عبدالتواب (24 سنة)، أحد صناع الأقفاص بمنطقة أبوالنمرس في الجيزة “أعمل في هذه المهنة منذ 15 عاماً توارثتها عن والدي، الذي توقف عن ممارستها بسبب التقدم في العمر، حيث استأجر ورشة بالقرب من حقل مزروع بأشجار النخيل، الذي نستخدمه في صناعة الأقفاص”. ويضيف أن سكان محافظة الفيوم هم أساس الصنعة ولا يخلو بيت بها من صانعي الأقفاص، كما أن عدداً كبيراً من العاملين في المهنة نزحوا من الفيوم، واستقروا في القاهرة والجيزة لتحسين مستواهم الاقتصادي، ورغم التقدم التكنولوجي فإن المهنة لا تزال يدوية وستظل كذلك لأن الآلة لا يمكن أن تؤدي المهمة نفسها التي تؤديها أيدي الصناع والأدوات البدائية المستخدمة. وعن كيفية الحصول على “الجريد” المستخدم في صناعة الأقفاص، يقول عبدالتواب “نحصل عليه من المزارعين أصحاب أشجار النخيل المنتشرة في منطقة أبوالنمرس والمناطق القريبة منها مثل منيل شيحة والبدرشين والحوامدية وغيرها، والذين يقومون بتقليم أشجار النخيل وتوريد الجريد إلى ورش صناعة الأقفاص”، مشيراً إلى أن سعر الجريد يرتفع صيفاً بسبب توقف أغلب المزارعين عن تقليم أشجار نخيلهم في موسم طرح التمر. طريقة الصنع حول طريقة الصنع، يقول عبدالتواب “بعد تسلم الجريد يتم تركه في الهواء ثلاثة أيام ثم ترطيبه لعمل الأقفاص، كما أعمد إلى وضع بعض القطع التي تستخدم أقواساً لانحناءات الخاصة بالمنتج في الماء كي تكون مرنة وسهلة التطويع، ويبدأ بعد ذلك تقطيعه إلى مقاسات مختلفة الأحجام والطول، ونعمل فيه فتحات وتسمى هذه المرحلة التخريم وهي خاصة بتثبيت الأعمدة أو الجريد، ونحول الجريد إلى أعواد تشبه الخيزران لتثبيت الصنعة وتشكيلها حسب الطلب، وهذه الصناعة لم ندخل عليها أي ألوان، إذ نحن ننتجها بلون الجريد نفسه المعروف لدى الجميع، وتستغرق صناعة القفص الكبير ثلاث ساعات من العمل المتواصل، أما سرير الطفل فهو يحتاج إلى يوم كامل لصناعته”. رغم متاعب المهنة، لايزال عبدالتواب يمارسها بحب وشغف كبيرين، ويقول “صناعتي تطورت فصرت أصنع الكراسي من جريد النخيل، وكنا في ما مضى لا نصنع الكراسي، بل نصنع فقط الأقفاص، وأسرة الأطفال، كما نصنع أسرة نوم خاصة بالعرسان حسب الطلب، وأشهر زبائننا هم تجار الفواكه والخضراوات ومربو الدجاج”. ويضيف “نصنع أيضاً أقفاص الدواجن والطيور والطاولات وأقفاص الخبز وأَسرة للكبار والأطفال وفي بعض الأحيان نصنع غرف نوم لبعض الزبائن الذين يضعونها انتيكة أو ديكورا في غرفة النوم”. وعن تأثر صناعة أقفاص الجريد بظهور الأقفاص البلاستيك، يؤكد أن الطلب على أقفاص الجريد لم يتأثر بظهور الأقفاص البلاستيك نظراً للمزايا العديدة لأقفاص الجريد مثل رخص سعرها مقارنة بالبلاستيك، كما يمكن إصلاحها بسهولة في حال تفككها أو تهشمها، فضلاً عن أنها بدرجة حرارة مناسبة صيفاً وشتاءً ما يجعل الفواكه والخضراوات الموضوعة بها لا تفسد بسرعة على عكس أقفاص البلاستيك التي تصدر منها سخونة تؤدي لفساد محتوياتها. مشاق العمل يقول عبدالتواب إن صناعة الأقفاص من المهن الشاقة، التي تحتاج إلى صبر وقوة تحمل، ومن مساوئ المهنة أنها تسبب لصاحبها أمراضاً كثيرة في الظهر؛ لأن طبيعة المهنة تتطلب أن يظل الصانع أكثر من 16 ساعة متواصلة يومياً جالساً ومنكفئاً على الأرض، من أجل إنتاج سرير للكبار و10 أقفاص خضراوات فقط، فضلاً عن أنها مهنة غير مربحة مقارنة بمهن أخرى”. ويوضح “لن أعلمها لأولادي في المستقبل، وسأوجههم لمهن أخرى لتفادي متاعبها وأضرارها ومعظم العاملين بهذه المهنة مصابون في العمود الفقري بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام الآلات البدائية التي هي عبارة عن شاكوش ومسمار وقطع خشبية”. ويشكو من صعوبة شديدة في بيع المنتجات التي يصنعها التي تمثل مصدر رزقه الوحيد، قائلاً “لولا قلة فرص العمل المتاحة حالياً ما كنت أستمر بهذه المهنة”. وعن الآلات المستخدمة في هذه الصناعة، يقول “نستخدم عدة آلات أهمها المقص والمنشار على شكل شريط والمنشار اليدوي والمطارق والمنجل، ويعمل كل شخص حسب اختصاصه وفي بعض الأحيان يستطيع الفرد أن يقوم بجميع الأعمال لكن هذه الطريقة متعبة وبطيئة”. ويرى أن الاهتمام بالمصنوعات التراثية بدأ يتراجع في السنوات الأخيرة، إلا أن البعض من أصحاب المنازل يفضلون شراء هذه المصنوعات للزينة بالدرجة الأولى باعتبارها من الصناعات اليدوية التي يندر وجودها، بينما يفضل البعض الآخر تزيين مجالس البيوت بالجريد، داعيا إلى الاهتمام بهذه الصناعة التي وصفها بالفلكلورية والتراثية والاهتمام بالعاملين فيها وتوفير الرعاية لهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©