الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بارود...يوك

بارود...يوك
8 يوليو 2011 21:16
(1) الخليفة المنصور كان أول من اعترف بالمنجمين رسمياً، وجعل لهم رواتب من بيت المال، ووضعهم ضمن موظفي الدولة. منذ ذلك اليوم العتيق والمنجمون يشكلون جزءاً من الدولة العربية حتى وان اختلفت مسمياتهم وتسمياتهم. وكانوا تعرضوا لنكسة (على ذمة أبو تمام) حينما أوصوا الخليفة المعتصم بالتريث حتى ينضج التين والعنب من أجل طرد الروم من عمورية.... أي أنهم أوصوا بفتحها في فصل الصيف، لكن المعتصم لم يصبر، وسير الجيش إليها واحتلها، رغم تنبؤات المنجمين بفشل الحملة. هكذا يقول ابو تمام حيث بنى على القصة ديماغوجيا عصبوية عروبية عالية الوطيس أشغلت العرب بالتفاخر والتلمظ بالقصيدة المشهورة، بينما كان المعتصم يسلم الدولة العربية بقضها وقضيضها لأخواله الأتراك السلاجقة. لكن المعتصم رغم ذلك أبقى على المنجمين أولئك جزءاً من تركيبة الدولة العربية، ولا يزالون حتى الآن كما أسلفنا، وإن كنا نسمي المنجم اليوم أحياناً بالمحلل السياسي وطوراً بالمستشار الاجتماعي أو الاقتصادي الذي يقدم “تنبؤاته” لصاحب القرار حتى يتخذ الإجراءات المناسبة حسبما تحكي النجوم التي تحولت اليوم الى أرقام ومعادلات واستبيانات تصل الى نتيجة معروفة سلفاً، أو يريدها المنجم الذي ارتبط منذ أيام المنصور بشكل سري بمراكز القوى التي سعت الى السيطرة على مركز القرار عن طريق منجم الخليفة وأحفاده وأحفاد أحفاد أحفاده. كل ما يفعله المنجم العربي الجديد هو تمرير توجهات ومصالح مراكز القوى التي استخدمته سراً وعلناً، حيث يقوم بمحاباة الحاكم العربي والطبطبة على مشاريعه وأحلامه، مما أوصلنا في النهاية إلى مجموعة دول عربية يقودها التنجيم على طريقة (عرافة الجوف )وعرافة الجوف هذه كانت كلما فشلت تنبؤاتها المعلنة تلوم النجوم، وتسبها وتلعنها مدعية أن النجوم تعمدت الكذب عليها. هكذا نحل بكل بساطة إشكاليات السياسة التنمية والاقتصاد دون أي وازع ضمير أو محاسبة، فالحق دائماً على النجوم!! (2) خلال قصف الأسطول الإيطالي للمناطق العثمانية على الساحل اللبناني (1912) حيث إن المدفعية العثمانية لم ترد على النار بالمثل من تلك المنطقة. الأمر الذي دعا القائد العسكري الى (جلب) المدفعجي المسؤول، وسأله حول سبب عدم الرد على القصف الإيطالي. فقال المدفعجي:?- أولًا بارود يوك (يعني لا يوجد لدينا بارود)، ثانياً...!!?وقبل أن يسترسل المدفعجي في شرح ثانياً وثالثاً وعاشراً أوقفه القائد العسكري عن الكلام وقال:? ما دام بارود (يوك) ما فيه داعي للباقي!! فعلا..فنحن لا نحتاج الى أي تبرير، فعدم وجود المال هو سيد التبريرات بلا منازع.? (3) كان صديقنا وكبيرنا الذي علمنا سحر السخرية محمد طملية يعاني من ضجر دائم، لم أكن أفهم ذلك كثيراً ...فأنا لا أضجر حتى الآن، واستطيع أن أتعايش مع نفسي بشكل مناسب. الموضوع هو كيف يمكن إنقاذ الناس من الضجر؟؟؟ إنقاذ الناس من الضجر هي أكبر تجارة في العصر الحديث، من المخدرات إلى الكحول إلى التلفزيونات المنوعة إلى الانترنت الساونا، مصارعة الثيران الوسائل الميكانيكية الكيميائية لرفع سوية الفحولة. الحروب، هي محاولة وهمية لإنقاذ الناس من مغبة الضجر أيضاً... كانت الحرب الأولى والحرب العالمية الثانية، فلا تنتظروا الحرب العالمية الثالثة أبداً، فهي لن تأتي، لأننا نعيشها ونحياها بشكل دائم سيدة تجار العالم، فقد شنت الحرب العالمية الدائمة على الجميع لمكافحة الضجر وتحريك التجارة العالمية بكافة المجالات( أسلحة – أكفان – دموع تماسيح-أدوات تساعد على الانتحار- عملاء – قصائد حزينة- جنازات لائقة، مياتم، مظاهرات ضد الحرب، وخلافه). يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©