السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الروح في أزهى تجلياتها

الروح في أزهى تجلياتها
23 يوليو 2014 00:40
رمضان هو شهر الخير والبركة والعودة إلى الذات لتحقيق استراحة النفس، ويكون التجلي في أبهى وأزهى مظاهر الصفاء الروحي الذي يسكن دواخلنا ويجيش في أعماقنا، رمضان هو ليس شهر الجوع والعطش، وإنما هو في جوهره مساحة للاشباع والتفاعل الروحي، والوصول إلى تحقيق التفاعل الإيجابي مع الذات بكل تفاصيلها الباطنية، فلا مجال في هذا الشهر الكريم للتأوه والانكسار النفسي، لأنه يتيح لنا أن نستغرق في الرؤية الداخلية التي تبعث فينا المزيد من الاطمئنان والانتصار للعميق والروحي الصرف الذي يهبنا الكثير من الأفكار الخلاقة والفاعلة، ويصل بنا إلى المصالحة الذاتية التي لابد منها لتغزونا السكينة وتهبنا المتعة الروحية المفقودة في غيره من شهور السنة. في المملكة الأردنية الهاشمية، لرمضان رائحة الخير والبركة والتضامن والتعاون والإخاء والتكافل والعطاء الذي يتملك القلوب ويهبنا الفرح الذي نحن اليوم كعرب في أمس الحاجة إليه في الوقت الذي تزداد فيه الانقسامات من حولنا ويسيح الدم العربي في مختلف الأرجاء، إننا ببساطة محاطون بالخوف الجاثم على بني ملتنا من حولنا، ونشعر بذلك جيدا ونتألم في داخلنا لأجلهم في سورية والعراق وغزة، وغيرها من المناطق الساخنة التي أصبحت اليوم ساحات للاختلاف والتقتيل في السنوات الأخيرة وبؤرا للتفجير والتنكيل، ونحن في الأردن في ظل هذا المناخ الذي تشكل من حولنا أصبحنا حصنا آمنا للجميع، واستطاعت دولتنا الحبيبة بما توفر لها من إمكانيات أن تقف إلى جانب الإنسان أينما كان، وهكذا كانت دائما، فما بالك إذا كان الأمر في شهر رمضان المعظم، حيث تتضاعف فيه مساحة الرحمة، ويسعى الجميع إلى القيام بالمبادرات الخيرة ليرسم البسمة على الوجوه، إننا إزاء شعب يحب الحياة ويؤكد في كل مرة أنه طالما كان مثالا للتضامن والعطاء بلا حدود، وهذا ما يكسبنا الفخر كأردنيين، ويجعلنا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل أكبر، وحرص جاد على التعامل مع المتغيرات بالكثير من الانسانية وهو ما نستلهمه من القيم الاسلامية السمحة التي تربينا عليها. تحلق الروح في هذا الشهر الكريم لندعو لغيرنا بتجاوز المصاعب والانتكاسات والإشكاليات التي عصفت ريحها منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام، وهذه النفس التي يغمرها الإيمان العميق بالانسان أينما كان تجلت بوضوح أكبر خلال هذا الشهر الذي ننتظره بفارغ الصبر لنقرأ ونكتب وننشد، وفي المحصلة لنحب الحياة أكثر، ونسعى إلى رؤية ذواتنا على حقيقتها بعيدا عن التزويق والرياء، فالمسلم المعتدل يجد في هذا الشهر مناسبة رائعة لمصارحة نفسه ومراجعة كثير من المسائل العالقة بينه وبين ذاته، هذه الذات التي تجد نفسها حاضرة بوضوح أكبر، ومتحلية بسلاسة لا مثيل لها، تختلف عن غيرها في باقي الأيام، حيث لا نجد الوقت الكافي لما نجده خلال هذه الأيام. في مدينتي الرائعة (الزرقاء)، التي هي في نهاية المطاف تمثل كل المدن الأردنية، ولا تختلف عنها في شيء، تتجلى مفاهيم وقيم أخرى تعودنا عليها في كل رمضان، وعادات نصر على اتباعها والحفاظ عليها لكي يتواصل حضورها في الزمان والمكان، وطقوس ومناخات خاصة جدا يوشحها الصفاء، وتسكنها روائح تضوع بالحب والقيم النبيلة، وما رمضان إلا مناسبة لنستعيد الذكريات والطفولة والحكايات الجميلة وخرافات الجدات التي صاغت حياتنا وميزت واقعنا، ويفتح لنا السمر واللقاء فرصا أخرى لمزيد الإلتقاء والتقارب والعطاء بلا حدود في ظل عائلة واحدة إذا اشتكى منها عضو تداعت له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى، وهناك يتجلى التوادد والتراحم في أزهى مظاهرهوأروع تجلياته. *شاعرة أردنية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©