الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مفاوضات «نووية» بلا توقف!

23 يوليو 2014 01:15
وصلت المفاوضات النووية الإيرانية إلى طريق مسدود. وطالب البيت الأبيض بتمديد أجلها، وعلى الكونجرس أن يسمح بوقت إضافي. ولكن التعثر الأخير يُسلّط الضوء على بعض الأسئلة التي تحتاج إلى بحث. فهل أفضل ما يمكن أن نأمل فيه هو سلسلة من الاتفاقات الانتقالية التي تكبح برنامج إيران، لكنْ من دون حل القضايا الجوهرية؟ وهل استراتيجيتنا الجبرية كافية للتعامل مع الحالة الثورية الدائرة في الشرق الأوسط؟ وهل يمكن التأثير على طموحات إيران النووية عن طريق التوسط الدبلوماسي؟ وقد كان المجتمع الدولي يتفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي المحظور ليس فقط منذ ستة أشهر وإنما منذ 11 عاماً. ولكن في كل مرة كانت تقدم مجموعة المسوغات لتبرير ضعف التقدم في المحادثات. فعندما قادت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا المحادثات بداية، كان من المقترح أن تسفر المشاركة الأميركية عن التوصل إلى حل. وعندما انضمت الولايات المتحدة إلى وفد ما يعرف بمجموعة «5+1» في ظل إدارة أوباما، زعم البعض أن المحادثات الثنائية وحدها يمكن أن تكسر حالة الجمود. وعلى الرغم من ذلك، كان المفاوض الإيراني آنذاك سعيد جليلي، الذي اتسم بالتعنت، يرفض عادة مثل هذه اللقاءات الجانبية، لذا، كان من السهل إلقاء اللوم عليه في الوصول إلى طريق مسدود. وقيل عندئذ لو أن من يحكم إيران رئيس براجماتي ومن يمثلها في المحادثات الثنائية دبلوماسي بارع يتحدث بلغة الاعتدال. فجاء انتخاب الرئيس الحالي حسن روحاني وتعيين وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وهو ما أدى إلى التوصل إلى اتفاق مبدئي جيد. . ولكن على الرغم من ذلك وصلنا إلى طريق مسدود مرة أخرى! وقد كان هناك دائماً شيء ما غريب بشأن فصل الطموحات النووية الإيرانية عن الصراعات المتأججة في المنطقة، بينما كان المرشد الإيراني مشغولاً بتحصين خلافة الأسد في سوريا، وضمان بقاء نظام مرن في العراق، ورعاية «حزب الله» وتسليح «حماس» في حربها ضد إسرائيل. ومن وجهة نظر المرشد، تعتبر الولايات المتحدة دولة استعمارية كئيبة عاجزة عن فرض أوامرها على منطقة جريئة ومتحدية، وفي خطابه الأخير، سخر خامنئي من مفهوم العقاب العسكري الأميركي، مصرحاً بأن «هناك أشخاصاً قليلين جداً في العالم الآن يأخذون هذه التهديدات العسكرية على محمل الجد». وأيّاً كانت إجراءات بناء الثقة التي يفكر فيها دبلوماسيوه، فإن صانع القرار الأكثر تأثيراً في إيران يرى في تراجع الولايات المتحدة فرصة نادرة لبسط النفوذ في الشرق الأوسط الذي يعج بالنزاعات. وبالطبع ستكون قدرات الأسلحة النووية أداة مركزية لطموحات القوة المهيمنة. ولا شك الآن أن في الجولة الأخيرة من المحادثات لم تمتلك الولايات المتحدة التأثير الكافي لفرض تسوية على الإيرانيين. وعلى الرغم من أن نظام العقوبات الحالي كان فعّالاً في عزل طهران عن الأسواق العالمية، لكن من الواضح أن هناك كثيراً من الأمور لابد من فعلها. وقد آن الأوان كي يتحد البيت الأبيض والكونجرس في صياغة مشروع قانون لعقوبات تزيد من الضغوط على الاقتصاد الإيراني. ولم يعد مفهوماً أن أي إجراء يتخذه الكونجرس من شأنه إخراج الاتفاق بين الغرب وإيران عن مساره حجة مناسبة؛ فما حال من دون التوصل إلى اتفاق ليس مبادرة الكونجرس وإنما التعصب والشراسة الإيرانية. وعند دراسة ردها، سيكون من الحكمة أن تكمل الولايات المتحدة سياساتها العقابية باستراتيجية إقليمية صارمة ضد إيران، وتجردها من مكاسبها الأخيرة التي حققتها. ويقتضي ذلك الانخراط في المنطقة مرة أخرى وفي أزماتها الكثيرة. وبمساعدة المعارضين الموثوقين في سوريا والسعي لإعادة تأهيل نظام شامل في العراق، يمكن لواشنطن أن تقطع شوطاً طويلاً نحو عرقلة الطفرة الإيرانية. وربما تبرهن هذه الإجراءات أن الجمهورية الإسلامية المعزولة عن المنطقة والمنهكة اقتصادياً في الداخل، ستتحول إلى محاور بنّاء في محادثات السيطرة على الأسلحة. وفي غياب مثل هذه التدابير، لابد أن يوضح البيت الأبيض أسباب اعتباره أن الأشهر الأربعة المقبلة ستكون مختلفة عن الأشهر الستة أو الأحد عشر عاماً الماضية. وتواجه إدارة أوباما مفترق طرق، فيمكنها الانخراط مرة أخرى في الشرق الأوسط وعينها على تشذيب قوة إيران، غير أن ذلك سيقتضي التزاماً أساسياً تجاه المنطقة ونزاعاتها واضطراباتها. أو يمكنها تحديد مواعيد نهائية وأهداف عملاقة والتمهيد لدبلوماسية الخطوات المتزايدة والمكاسب المحدودة. ولكن الاتفاقات المؤقتة لن تصبح طريقاً لاتفاق نهائي، وإنما ستكون غاية في حد ذاتها. إيذاناً بمخاض قوة عظمى في عصر خفض النفقات. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©