السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاحتشام فطرة إنسانية وأخلاقية على امتداد تاريخ الشعوب والمجتمعات والثقافات

الاحتشام فطرة إنسانية وأخلاقية على امتداد تاريخ الشعوب والمجتمعات والثقافات
4 يوليو 2012
الاحتشام واحترام تقاليد وعادات المجتمع الإماراتي سواء من ناحية التصرف أو الملبس في الأماكن العامة، توصية أخلاقية وتربوية تبناها المجلس الوطني الاتحادي لإصدار قانون اتحادي بشأنها، ووضع عقوبات مناسبة للأفعال والسلوكيات المخالفة التي ترتكب فيها، ليس بغرض تقييد الحريات العامة، وإنما يستهدف إرساء وتكريس ثقافة احترام القيم الأصيلة للمجتمع الإماراتي، وللإطار القيمي والحضاري والأخلاقي السائد، دون المساس بحرية الأفراد على الإطلاق، من خلال صياغة قواعد عامة يلتزم بها أفراد المجتمع، ووضع عقوبات انضباطية مناسبة للأفعال والسلوكيات المخالفة التي ترتكب وتصطدم أو تتنافى مع منظومة المجتمع من قيم وعادات وتقاليد راسخة. ولإرساء ثقافة مجتمعية تستند إلى هذه المقومات، ويكون من شأنها الحفاظ على قيم المجتمع وثقافته، أمام أي محاولات للنيل من "نموذج" التسامح الديني والتعايش الثقافي القائم في دولة الإمارات، وحمايته من أي تشويه يستهدف خصوصياته ومقوماته وركائزه. إن توصية المجلس جاءت على خلفية تساؤلات بشأن الإجراءات التي تتخذ بصدد التوعية اللازمة بأسس الاحتشام واحترام تقاليد وعادات دولة الإمارات في الأماكن العامة، في ضوء ما لوحظ في الآونة الأخيرة من عدم احترام بعض الأجانب أثناء وجودهم في الأماكن العامة لعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي، سواء من ناحية التصرف أو الملبس، وفي دور المجلس في توعية السيّاح والأجانب بعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي. في الوقت الذي أوضحت فيه نشرة “أخبار الساعة” التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن سمات نموذج التعايش والتعددية الثقافية في دولة الإمارات قائمة على أرض الواقع، ونعتز بها وتشهد بها مدن الدولة ومظاهر الحياة فيها، وأشارت إلى أنه لا يمكن أن يقلل من أثر النموذج ولا يحد من وجوده بعض السلوكيات الفردية الخطأ التي يقع فيها بعض الزائرين كما لا يمكن في المقابل تفسير تمسك مواطني الدولة بهويتهم وجذور ثقافتهم المحلية باعتباره سعياً إلى رفض التعددية الثقافية أو نبذاً لثقافة التعايش. هذا في الوقت الذي تفاعل فيه عدد كبير من المواطنين والمقيمين من الجنسين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكات “الإنترنت”، وأبدوا تأييدهم وتفهمهم لدعوة الاحتشام والتحشم بما يتفق وثوابت المجتمع الإماراتي الأخلاقية والدينية، وثقافته وعاداته وتقاليده. يقظة المجتمع تقول سها نائل “طالبة”:” للأسف هناك من يخلط بين التمسك بثوابت المجتمع الأخلاقية والدينية، وثقافته وعاداته وتقاليده، وبين ما يعتبرونه تقييداً للحرية، وهناك خلط بين الحرية المسؤولة، والفوضى الأخلاقية، كما أن هناك كثيرين يعتبرون الانجرار وراء المظاهر الشكلية السلبية، وتقليد الغرب في كثير من القشور، على أنها مظاهر تقدم وتحضر، وهي على العكس من ذلك تماماً، وأعتبرها انسياقاً وتخلفاً، ويفترض أن يكون هناك التزام أخلاقي من قبل كل الناس التي تعيش وتتحرك في هذا المجتمع، وعلى المجتمع بشعبه، وتاريخه، وثوابته، وقيمه ومؤسساته، أن يكون يقظاً لأي محاولة للتشويه المتعمد، أو الانجرار خلف أوهام بمسميات عديدة حتى يحافظ على قيمه وهويته”. وتضيف مريم الحوسني “موظفة”:” أندهش عندما أجد من يناقش ما أطلق عليه “قواعد الحشمة”، ورفض البعض للنموذج الثقافي الذي نعيشه في الإمارات، ويتعلل هؤلاء بأن الدعوة للاحتشام سواء للمرأة أو الرجل على السواء تتعارض مع حقوق الناس أو حرياتهم، هذا كلام عار من الصحة تماماً، فلكل شعب عاداته وتقاليده، وعلى كل الوافدين أو الزائرين أو المقيمين على أرض الإمارات التزام أخلاقي وحضاري باحترام طبيعة وخصوصية العادات والتقاليد التي يعتبرها البعض تقاليد محافظة، فهذا الاحترام والالتزام ليس له علاقة بالدين، وإنما هو التزام أخلاقي أولاً، فمن يزور أي شخص في بيته، أظن أن أول ما يفعله أن يحترم خصوصية البيت وحرمته، وجميع دول العالم تطبق هذه القاعدة، فالحريات الشخصية لا يمكن أن تبتعد عن الحريات العامة، وإلا أصبحت نوعاً من الفوضى”. ويرى جهاد نور علي”مهندس” أن الالتزام بالضوابط الأخلاقية والاجتماعية في اللبس والمظهر، حق من حقوق المجتمع، ولعل المثل العربي القديم يعبر عن تلك الحكمة الأزلية، ويقول:” كل ما يعجبك، والبس ما يعجب الناس”، وهذا المثل موجود في مختلف ثقافات العالم، والخروج عن الضوابط الاجتماعية فوضى باسم التحضر”. ويضيف جهاد:” من حق كل مجتمع أن يدافع عن ثقافته وعاداته وقيمه، وإن لم ينتبه المجتمع الإماراتي لذلك، ستحول الأمر إلى شيء آخر في ظل وجود عدد كبير من الجنسيات المختلفة ومن كل بلدان العالم، واحترام عادات المجتمع أمر متعارف عليه في أكثر المجتمعات العالمية انفتاحاً، ولا يمكن اعتباره دليل انغلاق أو رفضاً مجتمعيا للحريات الشخصية أو للتعددية الثقافية، فمفهوم الحرية يدور حول معنى أساسي، وهو ممارسة الإنسان لاختياراته دون إكراه وبما يتفق وحرية الآخرين في المجتمع الذي يوجد فيه”. اعتداء سافر يقول شاكر عسيري “موظف”: “الالتزام بالمظهر الشخصي سلوك فردي لكنه لا يمكن أن نتناوله بمعزل عن الناس والمجتمع، فهناك من يرفضون ويعارضون ذوي المظهر غير اللائق بارتداء الملابس المبتذلة، أو أولئك الشباب والمراهقين الذين يتباهون بالشعر الطويل، أو التقاليع الغريبة غير المحتشمة، أو الملابس العارية التي ترتديها المرأة مثيرة للغرائز في أماكن عامة، إنما هي اعتداء سافر على حريات الناس والمجتمع، وجرح لمشاعرهم، فالمظهر الشخصي إن دل على شيء يدل على شخصية الإنسان نفسه، وبيئته والمجتمع الذي خرج منه ولا أعتقد أن ما يظهر به الناس من تطويل شعورهم، والظهور بملابس غير لائقة يتفق وحرمة المجتمع الذي نعيش فيه. للأسف هناك البعض ممن تجده متأثراً تأثراً كاملاً بالغرب، ويظن أن في ذلك حضارة وتمدن. الحرية المسؤولة الاختصاصية الاجتماعية مريم الفزاري تلخص كيفية تعامل المجتمع مع فوضى الابتذال وعدم تقيد البعض بمظاهر الاحتشام في الزي والتصرفات والسلوكيات، وتقول:” كثر الكلام، وأثير كثير من الجدل، والأخذ والرد عما يسمى الحرية الشخصية أو الحريات العامة هذه الأيام، وكثير مما يطرحون انتقاداتهم أو تعليقاتهم حول ما أثير عن الدعوة المجتمعية إلى الاحتشام والتقيد بعادات المجتمع وتقاليده، يغيب عنهم الفهم الصحيح للحرية. ليس هناك حرية مطلقة في أي مجتمع، فالحرية المسؤولة تقف عند حدود الآخرين، بحيث تكفل لكل شخص فعل ما يريد بشرط ألا يعتدي على حرية الغير وألا يخرج عن إطار الدين والعادات والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع، وفيما عدا ذلك أصبحت فوضى وانفلات أخلاقي. فالحرية غير المسؤولة انعدام للوعي السياسي والاجتماعي والثقافي والحس الوطني. فممارسات البعض لأي تصرفات معيبة تعد خروجاً عن قيم المجتمع وقوانينه ونظمه، فلا يعقل أن نجد مثلاً ما يسير عكس اتجاه السير، أو آخر يتعمد إحداث صخب وفوضى وضوضاء بما يزعج جيرانه، أو من يخرج أو تخرج علينا في هيئة مبتذلة، أو في سلوك مستهجن وعار من الحياء، فمثل هذه الممارسات والظواهر الناتجة عن الحرية غير المسؤولة، مع انعدام الوعي، والتسيب لدى البعض، تحتاج إعادة نظر ومواجهة وتقنين”. ضوابط اجتماعية وتضيف الفزاري:”هناك ضوابط اجتماعية تحفظ للمجتمع ثوابته وهويته، والتمسك بالعادات والتقاليد والقيم والقوانين المنظمة، في مقدمة هذه الضوابط الأخلاقية، وهي ثوابت وضوابط قديمة وغير مستحدثة، وتمتد امتداد حضارة المجتمع الإماراتي، وهي موجودة في كل مجتمع، وعلينا أن نحترم خصوصية الآخر، وخصوصية من نتعامل معهم، وإلا تحول المجتمع إلى غابة لا ضابط ولا رابط فيها. والالتزام بالحشمة وعدم الابتذال لا يرتبط بالفهم الديني أو العقائدي فقط، وإنما هو سلوك قيمي متحضر وراق، فكلما احترمت خصوصية وثقافة الغير، تجنبت كثيرا من المشاكل، وتجنبت كثيراً من التسيب والفوضى، وأعتقد أنه لو لم يحافظ المجتمع الإماراتي على ثوابته وقيمه وعاداته وتقاليده في ظل وجود عشرات الجنسيات والثقافات، لتحول إلى مجتمع تسوده الفوضى من كل جانب”. القوانين تحمي ثقافة المجتمع ترى الاستشارية الأسرية إنعام المنصوري، أن وجود أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف الجنسيات من شأنه أن يسبب تغيرات ثقافية عديدة لتداخل وتمازج الثقافات والعادات، وقد تظهر بعض الظواهر السلبية هنا أو هناك، لكن التمسك بمنظومة القيم من شأنه أن يحمي الثقافة المحلية من أي مؤثرات سلبية، فاذا كانت الإمارات “بوتقة للثقافات” ونموذجا فريدا من التعايش مع الآخر. فقد نرى مثلاً تقليعات جديدة بين الشباب، فقد يتسبب التقليد الأعمى في طمس وتشويه الهوية، ويصبح الشخص بعد فترة مجرد مقلد! وهناك من يقلد أو يرتكب حماقات تحت مسمى الحرية الشخصية بطريقة مستفزة، فمن الملاحظ أن كثيرا من الشباب والمراهقين ينجرفون في تيار التبعية العمياء والتقليد الأجوف، وأصبحنا اليوم لا نفرق بين الفتاة وبين الشاب، فكلاهما أصبحا متشابهين في المظهر الخارجي من ملبس وحركة وحتى في طريقة الكلام، فنجد الشاب يطيل من شعره ويلبس الملابس التي لا تليق بزعم الموضة ومواكبة حركة الأزياء العالمية والتي هي بعيدة كل البعد عن تقاليدنا الموروثة وعن عاداتنا وقيمنا الإسلامية، وهناك من يظهر في الأماكن العامة بشكل مبتذل، ولا يعير لمشاعر الآخرين اهتماماً، هل هذه هي الحرية؟ وتكمل المنصوري: “ الحرية شيء آخر، إنها المسؤولية الأخلاقية قبل أي شيء، ومن ثم تبقى مسؤولية حماية المجتمع من هذه التيارات الغريبة من خلال حفاظه على ثوابته وقيمه، بتوعية الناس والمجتمع، ومن خلال القوانين الملزمة التي تساعد على تحقيق الانضباط الأخلاقي والاجتماعي، وتوصيل رسائل إلى كل المقيمين بأهمية الالتزام بالسياق العام لعادات المجتمع وتقاليده الراسخة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©