الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجون «الناتو»... أفضل!

8 يوليو 2011 21:26
مايواند سافي أفغانستان لا شيء أسوأ لدى الأفغان، عند احتجازهم كمتهمين من قبل قوات حلف شمال الأطلسي، من تسليمهم للقوات الأفغانية للتحقيق معهم، فعلى الأقل مع قوات "الناتو" يستطيع الأفغان الذين يشتبه فيهم إثبات براءتهم والرجوع إلى بيوتهم سالمين، وهو الأمر الذي يتعذر مع القوات الأفغانية التي تبتز المتهمين وتطالبهم بتقديم رشاوى مقابل إطلاق سراحهم. هذه المعاناة التي يمر بها المواطنون الأفغان عندما يسوقهم حظهم العاثر إلى أيدي القوات المحلية يؤكده "حاجي محمد آغا" من محافظة "كابيسا" حيث يصف ما حدث له مع شقيقه وأبناء أخيه بعد اعتقالهم من قبل قوات حلف شمال الأطلسي. فحسب رواية "آغا" قامت قوات "الناتو" بعد التحقيق معهم والتحقق من براءتهم بتسليمهم إلى قوات الشرطة الأفغانية، وما أن وصلوا إلى مقر تلك القوات حتى أطلق سراحه هو ليبقى شقيقه وأبناؤه في الحجز لمدة غير معلومة رغم عدم توافر أدلة تدينهم، وقد استمر الأمر على هذا الحال لخمسة أشهر دون تقديم ما يبرر احتجاز أقارب "آغا"، الذي ظل يتردد طيلة الأشهر الخمسة على مختلف الجهات الحكومية محاولاً تأمين إطلاق سراحهم دون جدوى. وفي كل المحاولات التي بذلها، كان دائماً يواجه بمسؤولين يطالبونه بتقديم رشاوى مقابل الإفراج عن شقيقه وأبنائه، وهو ما يوضحه بقوله "أينما ذهبت كنت أجد من يطالب بتقديم أموال". ولتفادي هذه المعاناة التي مر بها ينصح المواطن الأفغاني بأن يتم الإفراج مباشرة عن المشتبه فيهم من قبل قوات حلف شمال الأطلسي دون الحاجة إلى تسليمهم إلى حلفائهم الأفغان. وفي مثال آخر يقول أحد الأفغان المحتجز حالياً لدى قوات الشرطة المحلية، والذي رفض الكشف عن هويته مخافة تعرضه للانتقام أنه بعد عدم تمكن الأميركيين من إثبات تهم عليه لعدم توفر الأدلة سُلم إلى الشرطة الأفغانية التي تحتجزه دون سند قانوني. ويضيف المحتجز "لقد مكثت في الحجز أربعة أشهر دون ارتكاب أي جريمة، والحقيقة أني لا أدري لمَ يتعامل معنا المسؤولون الأفغان بهذه الطريقة، فالأشخاص الذين سلمتهم القوات الأميركية إلى الشرطة الأفغانية يتعرضون للضرب والتعذيب وتنتهك أبسط حقوقهم دون وجه حق"، ويتابع المواطن الأفغاني "إن الأميركيين ليسوا أناساً طيبين لكنهم يظلون مع ذلك أفضل من الشرطة الأفغانية"، غير أن مسؤولاً في حلف شمال الأطلسي يعمل بمحافظة "كابيسا" رفض الكشف عن هويته لحساسية الموضوع أكد بأن عملية تسليم الأفغان المشتبه فيهم إلى الشرطة المحلية أمر مبرر، قائلًا "إن الأشخاص الذين نقوم باعتقالهم لا يمكثون في الحجز أكثر من 96 ساعة يتم خلالها التحقيق معهم لمعرفة ما إذا كانوا متورطين في جرائم، أم أبرياء، لكن بعد انقضاء هذه المدة، وإذا ثبت أن الشرطة الأفغانية لديها معلوماتها الخاصة يتم تسليم هؤلاء الأشخاص إليهم لمتابعة التحقيق على ضوء ما لديهم من معطيات ووفقاً للمبادئ التي يعملون بها". ومن جانبهم ينفي المسؤولون الأفغان في المحافظة أن يكون المعتقلون يتعرضون لأي سوء معاملة أو تعذيب، كما يستبعدون مطالبة الشرطة برشاوى لإطلاق سراح المشتبه فيهم، وفي هذا السياق يقول "محمد صديق شفاق"، المسؤول في محافظة "كابيسا": "تختلف تقنياتنا في التحقيق عن تلك المتبعة لدى الأجانب، فهم لديهم معاييرهم الخاصة ونحن نعتمد على معاييرنا المختلفة، فعندما يسلم "الناتو" متهمين للشرطة المحلية يتم التحقيق معهم، وإذا تأكد أنهم متورطون يدخلون السجن، أما إذا ثبتت براءتهم يُطلق سراحهم على الفور"، ويؤكد "شفاق" أنه في حالة تبين أن أحد رجال الشرطة طالب المتهم بالمال للإفراج عنه فإنه يواجه عقوبة بالسجن، لكن مع ذلك يشير المواطنون الذين يتعاملون يومياً مع الدوائر الرسمية إلى تفشي الرشوة والفساد في جميع المرافق الحكومية وفي مقدمتها الأمن الذي ينتهك حقوق الناس ويبتزهم للحصول على المال، متسائلين عن السبب الذي يمنع الحكومات الأجنبية المشاركة في تحالف "الناتو" من التدخل لاقتلاع الفساد من جذوره، رغم معرفتها الأكيدة بما يحصل من تجاوزات. وفي هذا السياق يقول "سيد أجان"، أحد سكان المحافظة "لو فقط يطلق الأجانب سراح الأشخاص الأبرياء دون تسليمهم إلى الشرطة الأفغانية لأكسبهم ذلك بعض الصدقية، ولأصبح الناس أكثر تعاونا مع قوات "الناتو" ولتحسنت صورتهم في أعينهم، لكن إذا استمروا في تسليم الناس إلى الشرطة المحلية ليتعرضوا للضرب والتعذيب والإهانة فإنهم سيحملون جميع المشاكل على الأجانب". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©