السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تجدد الثورة المصرية ومصائر الإسلام السياسي

تجدد الثورة المصرية ومصائر الإسلام السياسي
6 يوليو 2013 22:17
يقول د. رضوان السيد: أنهى الشباب المصريون حكم «الإخوان المسلمين» للبلاد ورئاسة الدكتور مرسي بعد عامٍ على بدئه. وكان نزولهم إلى الساحات والميادين بقيادة حركة «تمرد» ساحقاً إلى الحدّ الذي دفع الجيش المصري للتضامن معهم، وتأييد مطالبهم في المسير إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والدخول في مسار انتقالي مختلف عن السابق. فقد وصلت أعدادهم في اليومين الأولين إلى ما يزيد على العشرين مليوناً؛ بينما استطاع «الإخوان» حشد المليون في سائر النواحي. وبقدر ما كانت الأعداد حاسمةً، كان حاسماً أيضاً إصرار الجيش على الاستجابة لإرادة الناس، وهو المسلك نفسه الذي سلكه بعد ثورة 25 يناير 2011. لقد بدأت المشكلة بعد ثلاثة أشهُر على الموجة الثورية الأُولى، عندما شعر الشبان أن الأمر مُرتَّب، وتُركوا وحدهم في الشارع، فاندفعوا للاصطدام بالشرطة ثم الجيش. وظهرت لديهم الفكرة القائلة بأن «الإخوان» اتفقوا مع الجيش والأميركيين على تسلم السلطة بمفردهم. وجاءت الاستفتاءاتُ والانتخابات المتوالية ووصول مرسي إلى الرئاسة لتثبت هذا الانطباع. وفي الشهور الأُولى بدا كأنما سلَّم الجميع بالسيطرة الإخوانية، وتشكّلت أحزاب مُعارِضة ما كان من بينها حزب قويٌ للشباب. ثم توالت وجوه الفشل الإخواني في إدارة الشأن العام، من الاقتصاد إلى التعامل مع مؤسسات الدولة، إلى السياسة الخارجية. وعندما بدأ نشاط «تمرد» لجمع تواقيع من أجل إقالة مُرسي قبل ثلاثة أشهُر، ما كانت فئة معتبرة من فئات الشعب المصري راضيةً، بل كان الراضون فقط متحزبو «الإخوان»، و«حماس»، والأميركيون! فقد اصطدم مرسي بالقضاء والإعلام والجهاز الإداري للدولة والشرطة والجيش والأزهر والأقباط. فلماذا فعل «الإخوان» ذلك، وهل فعلوه بوعي وبناءً على خطة؟ انتفاضة مصر يتساءل د. شملان يوسف العيسى: ماذا يعني سقوط «الإخوان» في مصر للأمة العربية؟ يعني كسب معركة التنوير والحرية والحداثة ضد قوى التخلف والظلام الديني، ليس في مصر لوحدها بل للأمة العربية جمعاء. اليوم مصر الحرة أمامها طريق طويل لترسيخ النظام الديمقراطي المؤسس الذي وضعه وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، وهو تعطيل العمل بالدستور، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، ووضع خريطة طريق للعمل في الفترة الانتقالية. سقوط «الإخوان» في مصر بعد عام واحد من الحكم سيكون محل دراسات وأطروحات دكتوراه، لمعرفة أسباب سقوط حزب ديني يعتبر من أكثر الأحزاب العربية تنظيماً وتمويلاً، ولديه خبرة طويلة في العمل السياسي السري فاقت الثمانين عاماً. هذا الحزب الديني الذي لديه تاريخ طويل من العمل ضد الأنظمة العسكرية الاستبدادية، لماذا لم يصمد في إدارة الحكم لفترة لم تتعد العام الواحد؟ بالتأكيد هناك أسباب كثيرة ومتعددة، لكن الأسباب الرئيسية تكمن في عدم الإيمان الحقيقي بالديمقراطية والتعددية الفكرية والدينية، إنهم لا يؤمنون بالحقوق المتساوية للأقليات في بلد متعدد الديانات، ولا يؤمنون بالمشاركة في الحكم، حيث عمدوا إلى التفرد بالسلطة وإقصاء الآخرين، كما حاولوا مصادرة الحريات وأخونة المجتمع المصري. ماذا يتطلب استقرار الديمقراطية والنظام المؤسسي في مصر؟ هل تخلصت مصر من آثار حكم «الإخوان»؟ أشار د. سالم حميد إلى أن معظم الجماهير المصرية قد أخذتها نشوة الفرحة بالانتصار التاريخي الذي حققه الشعب المصري بطرد حكومة التنظيم الإخواني المتأسلم، وما نراه الآن من نشوة يحق للشعب المصري الإحساس بها بعدما حقق سبقاً تاريخياً جسّد الربيع الحقيقي للشعوب عندما تعي مصالحها الحيوية والمصيرية، وتقوم بتصحيح كل خطأ يؤدي لتفكيك النسيج الاجتماعي، سيستيقظ منها الشعب بعد قليل على واقع مختلف، فالخدعة التي انطلت على بعض أفراد الشعب سرعان ما انقشعت أمام عينيه بمجرد أن أمسك الإخوان المتأسلمون زمام السلطة، وفضحوا أنفسهم سريعاً، فاستعجلوا التمكين وأخونة الدولة والتعدّي على الدستور وليّ عنقه وتطويعه لمصلحة الأخونة الشاملة لمؤسسات الدولة، وإفقاد الشعب المصري سنين عدداً لن يتمكن من تعويضها في القريب المنظور، لأن الخراب سهل جداً ولا يستغرق وقتاً، مقارنةً بالإعمار الذي يحتاج الكثير من الوقت والجهد والمال. فما تسبب فيه حكم الإخوان المتأسلمون بمصر خلال فترة حكمهم القصيرة جداً، يحتاج من الشعب المصري الكثير من الجهد والعديد من السنوات لإصلاح الأعطاب المجتمعية المختلفة التي تسبب فيها. الثورة المصرية... الجولة الثانية استنتج جيمس زغبي أن من كانوا قد أوشكوا على فقدان الأمل في مصر و«الربيع العربي» دفعة قوية من حركة «تمرد» ومن الصلابة التي أظهرها الشعب المصري من خلال المظاهرات الحاشدة التي خرجت إلى الشوارع وأبهرت العالم مرة أخرى، ففي الوقت الذي تتلاحق فيه الأحداث وتتسارع بميدان التحرير ومناطق أخرى فرضت مصر نفسها من جديد كبؤرة اهتمام على الصعيد الدولي، محتلة بذلك مساحات واسعة في الإعلام العالمي. ومع أن حركة «تمرد» ومنظميها ساندهم الشعب الغاضب على الرئيس المعزول مرسي لتوجهه المتزايد نحو التسلط في الحكم، وسعي حزبه لاحتكار السلطة والانفراد بمقاليد الأمور، إلا أنه لا مفر من التعبير عن الإعجاب والتقدير على قدرة «تمرد» في الحشد والتنظيم وتعبئة الملايين من المواطنين الذين وافقوا على رفع ملتمس موقع يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. «أخونة الثقافة»... محنة عابرة يقول خليل علي حيدر: كتبتُ هذا المقال قبل أن تحدث التغييرات الأخيرة في مصر، وفضلتُ، بعد أن زالت مخاطر القمع الثقافي، أن يبقى المقال على ما كان! أصبح المثقفون العرب بعد موجات «الربيع العربي»، وصعود الإسلاميين في مصر خاصة، في وضع لا يحسدون عليه. تجلدهم الأقلام الناقدة لعزلتهم وارتباطهم بالنظام المنهار، وفشلهم في التنبؤ بالثورة الوشيكة وغير ذلك. وتستغل القيادة الحزبية العقائدية في مصر «الإخوان المسلمين» الظرف الحرج للتخلص من معظمهم، وتلطيخ سمعة من يبقى بالحق والباطل، وتحاول كل ما هو ممكن لعزلهم عن النشاط الثقافي، وعن مواضع التأثير في القراء والمتابعين. وتتزعزع في الوقت نفسه بل تكاد تنهار، مجهودات مصر الملكية والجمهورية في هذا المجال البالغ الأهمية، وتذهب أدراج الرياح منجزات مثقفي ومؤلفي وناشري مصر الليبرالية والثورية على حد سواء، بينما حاولت الجماعة الإسلامية المهيمنة مصادرة المؤسسات الثقافية وتغيير طابعها الفكري ونشاطها الإبداعي. ولا شك أن زحفاً مماثلاً للإسلاميين يهدد في مصر وغيرها الإعلام والإرشاد الديني والتعليم الجامعي والعام، إن استمرت سلطة الإخوان. مصر في محنة ثقافية عظمى، والكثير من ملامح ثقافتها ومطبوعاتها الحالية... قد تتغير خلال عام أو بضعة أعوام! ما المخرج؟ ماذا فعل التونسي «بوعزيزي» بالمثقفين العرب؟ عنصر جديد في تهديد الأمن الهندي يقول د.عبدالله المدني: ظلت الهند طوال العقود الماضية تنظر إلى كل من الصين وباكستان كطرفين يهددان أمنها القومي وسيادتها ووحدة أراضيها. فكيفت سياساتها الداخلية والخارجية والعسكرية بطريقة تمكنها من مواجهة هاتين الجارتين اللدودتين. إلا أنه في السنوات الأخيرة برز تهديد جديد من داخل الحدود ممثلاً في الجماعات الماوية الراديكالية التي ما فتئت تسبب الصداع للحكومات الهندية المركزية والمحلية على حد سواء، وتهدد بالمزيد من المتاعب، إلى درجة أن رئيس الوزراء «مانموهان سنج» وصفها مؤخراً بالتهديد الأعظم الذي تواجهه بلاده، فيما راح خصومه ومنافسوه السياسيون يتساءلون عما إذا كان لدى الحكومة خططاً فعالة لمواجهة هذا الوباء الذي تسبب خلال العقد الماضي وحده في مقتل نحو 8000 مواطن. فما أصل هذه الجماعات؟ وماهي أهدافها؟ وكيف تعمل من أجل تحقيق طموحاتها؟ ومن أين تحصل على الدعم؟ ثم ما هي العوامل التي تجعل نيودلهي تشعر بالقلق منها؟ سنحاول هنا الإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها، خصوصاً أن الخوض فيها مفيد على ضوء ما شهدته الهند مؤخراً من عملية عسكرية ناجحة قام بها 500 عنصر من الميليشيات الماوية ضد قافلة للجيش الهندي انطلاقاً من معاقلها في غابات وأحراش ولاية «تشاتيسجار» الشمالية الغربية، وهي العملية التي قتل فيها العضو البارز في حزب المؤتمر الحاكم «ناند كومار باتيل»، وابنه «دانيش باتيل»، إضافة إلى «ماهيندرا كارما»، وهو قائد حركة مدنية تلاحق الماويين وتقتص منهم. الأجهزة اللوحية... ترسم مستقبل الهند يرى فيفيك مادهوا، مدير قسم للبحوث في جامعة ديوك، أن حزب «المؤتمر» الحاكم في الهند مصعوق الآن بحمأة الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية التي لم يكن يتوقعها، ولأول مرة في التاريخ الحديث، ينطلق شبان الطبقة المتوسطة الميّالون بطبيعتهم للتعلّم والتثقف، إلى الحديث عن كل شيء دفعة واحدة، من جرائم الاغتصاب المأساوية التي هزّت العالم مؤخراً، إلى الفساد المستشري في أركان حزب «المؤتمر» ذاته. ولا شك أن شبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية الحديثة دفعت هذه الفئات من المجتمع الهندي للتفكير وفق أسس جديدة غير معهودة. خاصة بعد أن مثّل العالم الرقمي قوّة جديدة بالنسبة للثائرين على أنظمتهم في الصين والشرق الأوسط. وليست هذه إلا البداية، ومع الانخفاض السريع الذي تشهده أسعار الأجهزة الرقمية، ومع السهولة المتزايدة للدخول إلى شبكة الإنترنت، فإننا نشهد الآن نوعاً جديداً من الثورة. ولقد عُرف عن قطاع المعلومات في سابق العصر والأوان طابعه المركزي البحت. ولم يكن الناس يأبهون إلا للأخبار التي تتعلق بقراهم، وكانوا في معزل عن معرفة ما يحدث في البلدات أو القرى المجاورة. وكان هذا الوضع يهيئ للحكومات الفرص السانحة لحقن مواطنيها بما تريد من دعايات وطروحات مزيّفة تنتظر منهم أن يقتنعوا بها. الحالة المصرية... وعنوان المرحلة المقبلة يقول ألستر ماكدونالد: أسعدت خطوة الجيش المصري التي أطاح فيها بالرئيس المعزول محمد مرسي الملايين من مناوئيه السياسيين الذين كرهوا حكم الإسلاميين على مدار السنة الماضية، فيما كان لها وقع صادم على مناصريه، هذا في الوقت الذي احتار فيه القادة الغربيون في كيفية التعامل مع تحرك عسكري يطرح عدداً من التساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في مصر. فبعدما هلل البعض لصعود أول رئيس منتخب في مصر، واعتبروا أن ذلك ربما يكون بداية جديدة في العالم العربي بعد ثورة عام 2011 التي أطاحت بنظام مبارك، ها هو مرسي نفسه يقبع في منشأة تابعة للجيش إثر اعتقاله، وقد ظهر قبل ذلك في شريط فيديو وفي تعليقاته على الفيسبوك وهو يندد بخطوة الجيش معتبراً أنها «انقلاب عسكري كامل» سيدخل مصر في «الفوضى»! ولعل ما يزيد من حيرة المراقبين في توصيف ما جرى في مصر هو تعهد القوات المسلحة بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كجزء من خريطة طريق وضعتها المؤسسة العسكرية خلال لقائها بالمعارضة الليبرالية قبل الإعلان عن عزل مرسي. وقد رحب الليبراليون بإطلاق مرحلة انتقالية جديدة نحو الديمقراطية بعدما شعروا بأنها قد اختُطفت من قبل جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي إليها الرئيس المعزول. ومباشرة بعد إعلان خريطة الطريق نحو الديمقراطية، قيل إن السلطات العسكرية بادرت إلى إغلاق قنوات تلفزيونية متعاطفة مع جماعة «الإخوان المسلمين»، كما شرعت في اعتقال كبار قيادييها. وفي المقابل احتفلت الحشود في ميدان التحرير في مشهد يذكر بالثورة التي انطلقت من الميدان نفسه قبل عامين، ولكن على رغم أجواء الفرح فقد سجلت بعض أعمال العنف في مناطق متفرقة من البلاد، أسفرت عن مقتل 14 شخصاً وجرح حوالي 340 آخرين. تجدد الثورة المصرية ومصائر الإسلام السياسي يقول د. رضوان السيد: أنهى الشباب المصريون حكم «الإخوان المسلمين» للبلاد ورئاسة الدكتور مرسي بعد عامٍ على بدئه. وكان نزولهم إلى الساحات والميادين بقيادة حركة «تمرد» ساحقاً إلى الحدّ الذي دفع الجيش المصري للتضامن معهم، وتأييد مطالبهم في المسير إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والدخول في مسار انتقالي مختلف عن السابق. فقد وصلت أعدادهم في اليومين الأولين إلى ما يزيد على العشرين مليوناً؛ بينما استطاع «الإخوان» حشد المليون في سائر النواحي. وبقدر ما كانت الأعداد حاسمةً، كان حاسماً أيضاً إصرار الجيش على الاستجابة لإرادة الناس، وهو المسلك نفسه الذي سلكه بعد ثورة 25 يناير 2011. لقد بدأت المشكلة بعد ثلاثة أشهُر على الموجة الثورية الأُولى، عندما شعر الشبان أن الأمر مُرتَّب، وتُركوا وحدهم في الشارع، فاندفعوا للاصطدام بالشرطة ثم الجيش. وظهرت لديهم الفكرة القائلة بأن «الإخوان» اتفقوا مع الجيش والأميركيين على تسلم السلطة بمفردهم. وجاءت الاستفتاءاتُ والانتخابات المتوالية ووصول مرسي إلى الرئاسة لتثبت هذا الانطباع. وفي الشهور الأُولى بدا كأنما سلَّم الجميع بالسيطرة الإخوانية، وتشكّلت أحزاب مُعارِضة ما كان من بينها حزب قويٌ للشباب. ثم توالت وجوه الفشل الإخواني في إدارة الشأن العام، من الاقتصاد إلى التعامل مع مؤسسات الدولة، إلى السياسة الخارجية. وعندما بدأ نشاط «تمرد» لجمع تواقيع من أجل إقالة مُرسي قبل ثلاثة أشهُر، ما كانت فئة معتبرة من فئات الشعب المصري راضيةً، بل كان الراضون فقط متحزبو «الإخوان»، و«حماس»، والأميركيون! فقد اصطدم مرسي بالقضاء والإعلام والجهاز الإداري للدولة والشرطة والجيش والأزهر والأقباط. فلماذا فعل «الإخوان» ذلك، وهل فعلوه بوعي وبناءً على خطة؟ انتفاضة مصر يتساءل د. شملان يوسف العيسى: ماذا يعني سقوط «الإخوان» في مصر للأمة العربية؟ يعني كسب معركة التنوير والحرية والحداثة ضد قوى التخلف والظلام الديني، ليس في مصر لوحدها بل للأمة العربية جمعاء. اليوم مصر الحرة أمامها طريق طويل لترسيخ النظام الديمقراطي المؤسس الذي وضعه وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، وهو تعطيل العمل بالدستور، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، ووضع خريطة طريق للعمل في الفترة الانتقالية. سقوط «الإخوان» في مصر بعد عام واحد من الحكم سيكون محل دراسات وأطروحات دكتوراه، لمعرفة أسباب سقوط حزب ديني يعتبر من أكثر الأحزاب العربية تنظيماً وتمويلاً، ولديه خبرة طويلة في العمل السياسي السري فاقت الثمانين عاماً. هذا الحزب الديني الذي لديه تاريخ طويل من العمل ضد الأنظمة العسكرية الاستبدادية، لماذا لم يصمد في إدارة الحكم لفترة لم تتعد العام الواحد؟ بالتأكيد هناك أسباب كثيرة ومتعددة، لكن الأسباب الرئيسية تكمن في عدم الإيمان الحقيقي بالديمقراطية والتعددية الفكرية والدينية، إنهم لا يؤمنون بالحقوق المتساوية للأقليات في بلد متعدد الديانات، ولا يؤمنون بالمشاركة في الحكم، حيث عمدوا إلى التفرد بالسلطة وإقصاء الآخرين، كما حاولوا مصادرة الحريات وأخونة المجتمع المصري. ماذا يتطلب استقرار الديمقراطية والنظام المؤسسي في مصر؟ هل تخلصت مصر من آثار حكم «الإخوان»؟ أشار د. سالم حميد إلى أن معظم الجماهير المصرية قد أخذتها نشوة الفرحة بالانتصار التاريخي الذي حققه الشعب المصري بطرد حكومة التنظيم الإخواني المتأسلم، وما نراه الآن من نشوة يحق للشعب المصري الإحساس بها بعدما حقق سبقاً تاريخياً جسّد الربيع الحقيقي للشعوب عندما تعي مصالحها الحيوية والمصيرية، وتقوم بتصحيح كل خطأ يؤدي لتفكيك النسيج الاجتماعي، سيستيقظ منها الشعب بعد قليل على واقع مختلف، فالخدعة التي انطلت على بعض أفراد الشعب سرعان ما انقشعت أمام عينيه بمجرد أن أمسك الإخوان المتأسلمون زمام السلطة، وفضحوا أنفسهم سريعاً، فاستعجلوا التمكين وأخونة الدولة والتعدّي على الدستور وليّ عنقه وتطويعه لمصلحة الأخونة الشاملة لمؤسسات الدولة، وإفقاد الشعب المصري سنين عدداً لن يتمكن من تعويضها في القريب المنظور، لأن الخراب سهل جداً ولا يستغرق وقتاً، مقارنةً بالإعمار الذي يحتاج الكثير من الوقت والجهد والمال. فما تسبب فيه حكم الإخوان المتأسلمون بمصر خلال فترة حكمهم القصيرة جداً، يحتاج من الشعب المصري الكثير من الجهد والعديد من السنوات لإصلاح الأعطاب المجتمعية المختلفة التي تسبب فيها. الثورة المصرية... الجولة الثانية استنتج جيمس زغبي أن من كانوا قد أوشكوا على فقدان الأمل في مصر و«الربيع العربي» دفعة قوية من حركة «تمرد» ومن الصلابة التي أظهرها الشعب المصري من خلال المظاهرات الحاشدة التي خرجت إلى الشوارع وأبهرت العالم مرة أخرى، ففي الوقت الذي تتلاحق فيه الأحداث وتتسارع بميدان التحرير ومناطق أخرى فرضت مصر نفسها من جديد كبؤرة اهتمام على الصعيد الدولي، محتلة بذلك مساحات واسعة في الإعلام العالمي. ومع أن حركة «تمرد» ومنظميها ساندهم الشعب الغاضب على الرئيس المعزول مرسي لتوجهه المتزايد نحو التسلط في الحكم، وسعي حزبه لاحتكار السلطة والانفراد بمقاليد الأمور، إلا أنه لا مفر من التعبير عن الإعجاب والتقدير على قدرة «تمرد» في الحشد والتنظيم وتعبئة الملايين من المواطنين الذين وافقوا على رفع ملتمس موقع يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. «أخونة الثقافة»... محنة عابرة يقول خليل علي حيدر: كتبتُ هذا المقال قبل أن تحدث التغييرات الأخيرة في مصر، وفضلتُ، بعد أن زالت مخاطر القمع الثقافي، أن يبقى المقال على ما كان! أصبح المثقفون العرب بعد موجات «الربيع العربي»، وصعود الإسلاميين في مصر خاصة، في وضع لا يحسدون عليه. تجلدهم الأقلام الناقدة لعزلتهم وارتباطهم بالنظام المنهار، وفشلهم في التنبؤ بالثورة الوشيكة وغير ذلك. وتستغل القيادة الحزبية العقائدية في مصر «الإخوان المسلمين» الظرف الحرج للتخلص من معظمهم، وتلطيخ سمعة من يبقى بالحق والباطل، وتحاول كل ما هو ممكن لعزلهم عن النشاط الثقافي، وعن مواضع التأثير في القراء والمتابعين. وتتزعزع في الوقت نفسه بل تكاد تنهار، مجهودات مصر الملكية والجمهورية في هذا المجال البالغ الأهمية، وتذهب أدراج الرياح منجزات مثقفي ومؤلفي وناشري مصر الليبرالية والثورية على حد سواء، بينما حاولت الجماعة الإسلامية المهيمنة مصادرة المؤسسات الثقافية وتغيير طابعها الفكري ونشاطها الإبداعي. ولا شك أن زحفاً مماثلاً للإسلاميين يهدد في مصر وغيرها الإعلام والإرشاد الديني والتعليم الجامعي والعام، إن استمرت سلطة الإخوان. مصر في محنة ثقافية عظمى، والكثير من ملامح ثقافتها ومطبوعاتها الحالية... قد تتغير خلال عام أو بضعة أعوام! ما المخرج؟ ماذا فعل التونسي «بوعزيزي» بالمثقفين العرب؟ عنصر جديد في تهديد الأمن الهندي يقول د.عبدالله المدني: ظلت الهند طوال العقود الماضية تنظر إلى كل من الصين وباكستان كطرفين يهددان أمنها القومي وسيادتها ووحدة أراضيها. فكيفت سياساتها الداخلية والخارجية والعسكرية بطريقة تمكنها من مواجهة هاتين الجارتين اللدودتين. إلا أنه في السنوات الأخيرة برز تهديد جديد من داخل الحدود ممثلاً في الجماعات الماوية الراديكالية التي ما فتئت تسبب الصداع للحكومات الهندية المركزية والمحلية على حد سواء، وتهدد بالمزيد من المتاعب، إلى درجة أن رئيس الوزراء «مانموهان سنج» وصفها مؤخراً بالتهديد الأعظم الذي تواجهه بلاده، فيما راح خصومه ومنافسوه السياسيون يتساءلون عما إذا كان لدى الحكومة خططاً فعالة لمواجهة هذا الوباء الذي تسبب خلال العقد الماضي وحده في مقتل نحو 8000 مواطن. فما أصل هذه الجماعات؟ وماهي أهدافها؟ وكيف تعمل من أجل تحقيق طموحاتها؟ ومن أين تحصل على الدعم؟ ثم ما هي العوامل التي تجعل نيودلهي تشعر بالقلق منها؟ سنحاول هنا الإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها، خصوصاً أن الخوض فيها مفيد على ضوء ما شهدته الهند مؤخراً من عملية عسكرية ناجحة قام بها 500 عنصر من الميليشيات الماوية ضد قافلة للجيش الهندي انطلاقاً من معاقلها في غابات وأحراش ولاية «تشاتيسجار» الشمالية الغربية، وهي العملية التي قتل فيها العضو البارز في حزب المؤتمر الحاكم «ناند كومار باتيل»، وابنه «دانيش باتيل»، إضافة إلى «ماهيندرا كارما»، وهو قائد حركة مدنية تلاحق الماويين وتقتص منهم. الأجهزة اللوحية... ترسم مستقبل الهند يرى فيفيك مادهوا، مدير قسم للبحوث في جامعة ديوك، أن حزب «المؤتمر» الحاكم في الهند مصعوق الآن بحمأة الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية التي لم يكن يتوقعها، ولأول مرة في التاريخ الحديث، ينطلق شبان الطبقة المتوسطة الميّالون بطبيعتهم للتعلّم والتثقف، إلى الحديث عن كل شيء دفعة واحدة، من جرائم الاغتصاب المأساوية التي هزّت العالم مؤخراً، إلى الفساد المستشري في أركان حزب «المؤتمر» ذاته. ولا شك أن شبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية الحديثة دفعت هذه الفئات من المجتمع الهندي للتفكير وفق أسس جديدة غير معهودة. خاصة بعد أن مثّل العالم الرقمي قوّة جديدة بالنسبة للثائرين على أنظمتهم في الصين والشرق الأوسط. وليست هذه إلا البداية، ومع الانخفاض السريع الذي تشهده أسعار الأجهزة الرقمية، ومع السهولة المتزايدة للدخول إلى شبكة الإنترنت، فإننا نشهد الآن نوعاً جديداً من الثورة. ولقد عُرف عن قطاع المعلومات في سابق العصر والأوان طابعه المركزي البحت. ولم يكن الناس يأبهون إلا للأخبار التي تتعلق بقراهم، وكانوا في معزل عن معرفة ما يحدث في البلدات أو القرى المجاورة. وكان هذا الوضع يهيئ للحكومات الفرص السانحة لحقن مواطنيها بما تريد من دعايات وطروحات مزيّفة تنتظر منهم أن يقتنعوا بها. بعد عزل مرسي... حان وقت توحيد المعارضة استنتجت ترودي روبن أن «الربيع العربي» دار دورة كاملة، فمنذ عامين طالبت الجموع الهائلة، بإسقاط الديكتاتور السابق المدعوم من قبل الجيش، وإجراء انتخابات ديمقراطية. واليوم، وفي الميدان نفسه، تحتفل الجموع المعارضة لحكم مرسي، بإطاحة أول حكومة بعد ثورة يناير 2011. إلى هنا ينتهي الحديث عن الجاذبية الشعبية للديمقراطية الانتخابية التي يمكن القول إنها قد فشلت بعد حملت جماعات المعارضة الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي إليها المسؤولية عن انهيار الاقتصاد والدولة المستمرين في مصر، وقامت قيادة الجيش بالاستجابة لطلبها وقدمت خريطة طريق تقود لانتخابات جديدة موافق عليها من قبل المعارضة والقوى الشبابية. ولكن الفشل الذي تعرضت له التجربة المصرية يرجع لأسباب تتجاوز بكثير أخطاء مرسي. وما لم تعمل المعارضة على معالجة هذه الأسباب، على نحو عاجل، فسوف تكون هناك قريباً مظاهرات من قبل مصريين ساخطين في ميدان التحرير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©