الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلطان زمانه

سلطان زمانه
10 فبراير 2008 01:02
اشتغلت لدى هذه الأسرة سبعة أشهر كنت خلالها راضية ومرتاحة لأن سيدتي كانت تعاملني معاملة حسنة وكأنني فرد من أفراد الأسرة، فهي امرأة صالحة وتعمل مدرسة ولديها خمسة أطفال· أما زوجها فهو رجل متناقض غريب، مظهره يوحي بأنه رجل متدين، أما تصرفاته فإنها أقرب للمراهقة منها للعقل والحكمة، وهو يعمل بالتدريس أيضاً ولديه عمل إضافي بعد الظهر في تعليم الصغار· سيدتي امرأة طيبة القلب، لم تكن تكلفني بما لا أستطيع، وهي تشاركني مسؤولية المنزل مع أنها تعود من عملها الشاق وهي متعبة تماماً، إلا أنها لا تستسلم للتعب وإنما تأخذ استراحة قصيرة ثم تؤدي واجباتها في إعداد الطعام ومتابعة الأطفال في جميع شؤونهم، فهي تتولى إطعامهم بنفسها، وتذاكر لهم دروسهم، وتحممهم، وتفض نزاعاتهم، وتتحدث معهم، وتحكي لهم القصص، وتشتري لهم احتياجاتهم وكل ما تتطلبه أنشطتهم المدرسية· هذا بالإضافة لكونها تشتري احتياجات المنزل بنفسها وتشرف على كل صغيرة وكبيرة في أسرتها· أما الزوج فهو يتصرف وكأنه سلطان زمانه، ما أن يعود من عمله حتى يجلس في مكان واحد فنتراكض جميعنا لخدمته، ويا ويلها زوجته إن كان هناك أي تقصير أو كانت هناك مشكلة معينة بين الصغار، أو كان هناك جهاز أو حنفية أو أي شيء مكسورا أو معطلا ويحتاج لتدخله، فإنه عندها لا يسكت لحظة واحدة فيسب ويشتم ويتهم الجميع بأنهم لا يخافون الله ويخربون الأشياء· وإذا حدث أن وجد أن الملح ناقص أو زائد في الطعام فإنه يكدر الجميع ويؤذيهم بكلماته القاسية المستفزة· وإن حدث أن ردت عليه زوجته بكلمة واحدة فإنه لا يتردد في ضربها ضرباً قاسياً مؤلماً متهماً إياها بأنها امرأة غير مطيعة لزوجها ولا تحافظ على بيتها· كنت استغرب كثيراً لأن سيدتي تسكت عن كل تصرفات زوجها السيئة معها· الشيء الأكثر غرابة هو أن هذا الزوج الذي كنت أسميه الوحش، كان يبدو لطيفاً ورقيقاً خصوصاً عندما يتحدث معي، فهو يبدو وكأنه قد تحول إلى إنسان آخر غاية في الرقة واللطافة· وكنت أفكر بأنه ربما يتعامل مع زوجته بخشونة أمامنا وأنه ربما يكون لطيفاً جداً معها إذا كانا لوحدهما، وهذا يبرر كونها تسكت على ايذاءاته ولا تدافع عن نفسها بأي أسلوب·من شدة خوف سيدتي من بطش زوجها فإنها كانت تضطر لإرسالي بواسطة التاكسي إلى مناطق بعيدة قليلاً لجلب أحد عمال الصيانة ليصلح الأشياء المعطلة قبل أن يعلم بها زوجها، فكانت تلك المشاوير تمنحني بعض الحرية للتنزه وشم الهواء والتسكع هنا وهناك· وقد عثرت على أحد العمال من أبناء جنسيتي، ونشأت بيننا علاقة صداقة، وصرت أتحدث معه بواسطة الهاتف· وكان يلبي كل طلبات الأسرة في الصيانة حتى تعودوا على وجوده المتكرر في البيت، لأنني وبصراحة كنت أتعمد تخريب بعض الأشياء لتسمح لي سيدتي باستدعائه فنقضي وقتاً لطيفاً بالتحدث والمسامرة· بعد فترة من اللقاءات والمكالمات بيني وبين ذلك الشاب، قررنا أن نتزوج بعد أن ينتهي عقد عملي وأعود لبلدي· لذلك فقد اعتبرت نفسي شبه مخطوبة فتطورت الأمور بيننا لأبعد من الحديث، وكنت سعيدة جداً لأن سيدتي تثق بي ولا تفكر أبداً بمفاجأتي صباحاً عندما يذهب الجميع إلى العمل وأبقى وحدي· وهكذا، تعودت أن أنهي عملي باكراً واستقبل خطيبي في غرفتي فنبقى ساعة واحدة ثم يتركني وينصرف· حدث يوماً ما لم أكن أتوقعه، فقد عاد سيدي فجأة من عمله ولم أشعر به ويا للغرابة فإنه توجه مباشرة إلى غرفتي، ووجد خطيبي معي· تجمدنا في مكاننا لا ندري ما نفعل، فسيدي يطرق بابي ويهمس باسمي، تشجعت قليلاً وأسرعت برش بضع قطرات من الماء على رأسي ولففته بمنشفة وأخبرته بأنني استحم، لكنه طلب مني فتح الباب وألح في ذلك ولم يعطني فرصة للمماطلة· وما أن فتحت الباب حتى هجم عليّ كالثور، فدفعه صديقي دفعة قوية فذهل لشدة المفاجأة، وقبل أن يستعيد توازنه قفز صديقي وخرج إلى خارج الغرفة ثم ترك المنزل مسرعاً قبل أن يتم القبض عليه· أسرعت فدخلت الحمام، وأغلقت على نفسي بالمفتاح، فخرج سيدي من البيت، فانتظرت حتى عودة سيدتي لأنني لم أكن متأكدة من خروجه وكنت خائفة من أن يؤذيني· عادت سيدتي، وبعد أن سمعت صوتها خرجت من مكمني، وقد لاحظت ذعري وخوفي فتساءلت عما حدث فأخبرتها بالحكاية فبقيت ساكتة غير مصدقة ولا تدري ماذا تفعل· عاد زوجها مبكراً كعادته، ولا أدري ماذا قال لزوجته بعد أن أغلق عليهما غرفتهما، بقيت هي في الغرفة وخرج هو وطلب مني جمع ثيابي، فجمعتها في حقيبة وأخذني إلى مكتب الخدم واتفق معهم على أن يجدوا لي مكاناً آخر أعمل فيه وهو مستعد لإحضار ورقة تنازل لكفيل آخر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©