السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

منتسبون يرون الأسباب مالية وإدارية و «الثقافة» تؤكد عودته في يناير

منتسبون يرون الأسباب مالية وإدارية و «الثقافة» تؤكد عودته في يناير
6 يوليو 2013 23:15
إبراهيم الملا (الشارقة) - كان العاشر من أبريل من العام 2008 على موعد مع افتتاح أول مركز لتعليم الموسيقى العربية في الإمارات، وأنشئ المركز الذي اتخذ من إمارة الشارقة مقرا له، من أجل تكوين نواة أولى لفرقة موسيقية وطنية خالصة، تابعة لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وتضم مجموعة من العازفين والمبدعين المحليين القادرين على تمثيل الدولة في مختلف المناسبات والاستحقاقات المهمة في الداخل وكذلك في المشاركات الخارجية والمهرجانات الدولية، وكان هذا المشروع الثقافي والفني الطموح أشبه بالحلم المؤجل الذي راود ولسنوات طويلة الكثير من المسئولين في قطاعي الثقافة والفنون، ولامس سقفا عاليا من طموح الشباب الإماراتيين الموهوبين في مجال الموسيقى والعزف على الآلات التقليدية والحديثة لتكوين أول فرقة موسيقية رسمية تمتاز بخصوصيتها المحلية وتتقاطع في ذات الوقت مع مناخات الموسيقى العربية والشرقية والعالمية، ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الوزارة لإنشاء المركز، واستقطاب الكفاءات التدريبية العربية، ورغم الحماس الذي أبداه الشباب المشاركون في الدورات التي قدمها المركز خلال السنوات الأربع الفائتة من عمره المبكّر، إلا أن الحلم الكبير والمتأجّج بتكوين الفرقة سرعان ما تراجع وانطفأ مع إغلاق المركز، وتبدّدت أهداف وغايات المشروع وهو على بعد خطوات قليلة من خلق صيغة وهوية وملامح واضحة لانطلاقته ومشاركته الفاعلة في المشهدين الثقافي والفني في الدولة وخارجها، ولاشكّ أن الإغلاق المفاجئ للمركز أصاب العازفين الشباب بالإحباط وأعادهم مرة أخرى للمنطقة الضبابية من الشتات وضمور الدافع الذاتي وضياع الخطط الخاصة باستثمار طاقاتهم الفنية الواعدة وتوحيدها تحت سقف مشترك، يجمعهم ويعزّز ملكاتهم الموسيقية ويطوعها لصالح تطوير وتنمية الحس الوطني الموصول بجذور التراث والهوية وكذلك الاستفادة من الحوار الحضاري مع الآخر. وللتعرف على مسببات وملابسات إغلاق المركز وخفوت وهج هذا المشروع الثقافي المهم التقت “الاتحاد” بثلاثة من الشباب الإماراتيين الواعدين في مجال الموسيقى والذين انضموا للمركز في الفترة الماضية، كما التقت “الاتحاد” ببلال البدور المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والفنون بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لإلقاء المزيد من الضوء على الأسباب الحقيقية والظروف المعاكسة لطموحات المشروع الذي تعثر بشكل سريع ومستغرب قبل اجتيازه لمرحلته التأسيسية. حلم بداية يشير الفنان الشاب حميد الشارجي الذي انضم للمركز منذ انطلاق دوراته التدريبية الأولى، أن افتتاح أول مركز لتعليم الموسيقى العربية في الدولة بهدف تكوين فرقة موسيقية وطنية بكوادر إماراتية خالصة، كان أشبه بحلم تجسد وأصبح واقعا بعد محاولات حثيثة وعديدة لم تر النور في السابق، وأضاف الشارجي بأن أهداف المشروع في الحفاظ على التراث الموسيقي المحلي وإحيائه وتطويره، وإسباغ الصفة الرسمية على نشاطات الفرقة للمشاركة في المهرجانات والفعاليات الموسيقية المحلية والخارجية، دفعه للتفرغ بشكل كامل للفرقة والتنازل عن وظيفته في إحدى المؤسسات الحكومية رغم أن المكافأة الشهرية التي قدمها المركز كانت أقل من راتبه، وتأسف الشارجي على إغلاق المركز بعد الانحسار التدريجي لحماس القائمين عليه، رغم تضحيته الشخصية ورغم شغفه ورغبته في تطوير موهبته الموسيقية ونقلها من حيز الهواية إلى فضاء الاحتراف، مضيفا أن كل الأجواء كانت مهيأة لولادة فرقة موسيقية وطنية مكتملة ومتكاملة استنادا على التسهيلات التي قدمتها الوزارة، وتوافر كفاءات تدريبية عربية ممتازة كانت قادرة على صقل مواهب العازفين الشباب وتوجيهها في السياق الذي يخدم أهداف المشروع. وقال الشارجي إن انضمامه للفرقة أفاده كثيرا، من حيث تلقيه لمعارف جديدة حول مصطلحات مهمة مثل “النوتة” و”الصولفيج” والتعامل مع آلات موسيقية مختلفة، وكيفية خلق التناغم والانسجام بين أعضاء الأوركسترا، الذي وصل عددهم في إحدى الدورات إلى خمسين عازفا إماراتيا، وهو رقم - كما أشار - من الصعب تحقيقه والوصول إليه في ظل الغياب السابق للجهات الراعية والداعمة لهذه المواهب، مضيفا أن أعضاء الفرقة ظلوا طوال فترة انضمامهم للمركز وهم يحاولون تأكيد مهاراتهم في العزف لتكوين الفرقة المنشودة والتي حلم بها وتمناها الجميع. أسباب وعن الأسباب التي أدت إلى ضياع هذه الجهود قال الشارجي إنها أسباب إدارية ومالية بالدرجة الأولى لأن التضييق الإداري ــ كما أشار ــ والمتعلق بضغط البرنامج التدريبي وغياب المرونة وعدم تقدير وتفهّم ظروف الأعضاء غير المتفرغين والذين يقطنون في مناطق وإمارات بعيدة عن مقر المركز، وكذلك قلة المخصص الشهري الممنوح للعضو المتفرغ وهو 6000 درهم، هي كلها ظروف ومسببات ساهمت وبشكل قوي ومؤثر في انسحاب الكثير من العازفين الشباب وعودتهم لعالم الهواية والالتحاق بوظائف أخرى تؤمن لهم احتياجاتهم المعيشية. وأبدى الشارجي رغبته في إعادة إحياء المشروع مجددا، وقال إنه على استعداد للعودة والتضحية مرة أخرى من أجل تحقيق هذا الحلم الوطني الذي يخدم قطاع الفنون والثقافة ويروّج لتراث الدولة الغني بمفرداته الموسيقية والشعبية. أمان وظيفي بدوره يشير الفنان الشاب علي عبيد إسماعيل الذي انضم للمركز فترة عام كامل كعازف ناي قبل إغلاقه، إلى أن الخطوات الإجرائية التي اتبعها مركز تعليم الموسيقى العربية لم تكن ملبية أو مواكبة لحجم الطموحات التي كان يخزّنها ويتمنى تجسيدها على أرض الواقع، واتفق إسماعيل مع الشارجي في أن التمييز الإداري خصوصا مع الأعضاء غير المتفرغين، وقلة الدعم المادي وتوقف مكافآت الأعضاء عند حد أعلى لا يمكن تجاوزه، دفعهم إلى ترك المكان والبحث عن فرص وظيفية أفضل، وتمنى إسماعيل أن يمنح عضو الفرقة مسمى وظيفيا رسميا في الوزارة وبراتب معقول ومواز لما هو ممنوح لموظفي الوزارات الأخرى في الدولة، حتى يشعر عضو الفرقة بالأمان الوظيفي، ويمكن له بالتالي ــ كما أوضح ــ أن يهب كامل وقته وقدراته وأن يطوّع مهاراته في العزف داخل منظومة متكاملة من العازفين وتؤسس لأول فرقة موسيقية وطنية تلبي طموحات المسئولين والقائمين على الشأن الثقافي والفني في الدولة. انطلاقة مبشرة من جهته، يقول الفنان الشاب محمد الحوسني المتخصص في العزف على آلة القانون أن بداية انطلاق الفرقة كانت مبشرة خصوصا مع انضمام مواهب إماراتية مميّزة وقادرة على التعامل والعزف على مختلف الآلات الموسيقية، وكذلك وجود كادر تدريبي عربي على مستوى عال من الكفاءة والتخصص والتجاوب الكبير من عازفين هواة ومتحمسين لخوض المغامرة إلى نهايتها، وتحقيق الغاية المشتركة بولادة أول فرقة موسيقية وطنية مؤهلة وقادرة على تمثيل الدولة في الداخل والخارج، وقال الحوسني “إن هذه الدلالات والمؤشرات الأولى والمبشرة لم تتواصل للأسف لأن تركيز القائمين على المشروع كان منصبا على الفترة التأسيسية فقط، ولم تكن هناك نظرة واضحة للتقدم والتطور على المستويين الفني والإداري بنفس الإيقاع وبنفس الحماس، حيث لم تكن هناك رؤية خاصة للخمس أو العشر سنوات القادمة من عمر المشروع”. وتمنى الحوسني أن يتم وضع تصورات تنظيمية جديدة للمشروع، وتلافي الأخطاء والظروف المضادة في السابق والتي وقفت في وجه اندفاع وطموح العازفين الإماراتيين، والذين ما زالوا متمسكين بهذا الحلم الكبير من خلال التنسيق بين الوزارة وبين أعضاء المركز وإعادة التواصل معهم، وإنشاء مراكز للتدريب قريبة جغرافيا من مقار سكنهم، وتخصيص مكافآت ورواتب قادرة على استقطابهم وتحويلهم من مجرد عازفين هواة إلى محترفين ومشاركين فعليين في النهضة الثقافية والحضارية التي تشهدها الدولة. إغلاق مركز الموسيقى من وجهة نظر وزارة الثقافة ردا على الأسباب والملابسات التي أوردتها تصريحات عينة من الشباب المشاركين الذين انضموا للمركز قبل إغلاقه نهائيا، أوضح بلال البدور الوكيل المساعد لشؤون الثقافة والفنون بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أن الكلفة المادية الكبيرة المترتبة على استئجار مقر مركز الموسيقى بالشارقة، والمصاريف الأخرى المتعلقة بالمرافق التابعة له، أثرت وبشكل كبير على النواحي اللوجستية والخطط المستقبلية الخاصة بتكوين فرقة موسيقية وطنية مؤهلة وقادرة على تمثيل الدولة داخليا وخارجيا، وأضاف البدور بأن مبلغ يصل إلى 300 ألف درهم هو قيمة إيجار المقر كان من الممكن استثماره في البشر قبل الحجر، من خلال تطوير برامج التأهيل الفني للأعضاء المنتسبين إلى الفرقة، وبالتالي - كما أشار - وبعد انتهاء فترة التعاقد مع أساتذة ومعلمي معهد الموسيقى الأردني المتعاون مع المركز، تم اتخاذ قرار بنقل مقر المركز من الشارقة إلى المركز الثقافي بعجمان التابع لوزارة الثقافة كونه مركزا مؤهلا للتدريب وإقامة الحفلات الموسيقية وقادرا أيضا على استقطاب عدد كبير من الرواد. وعن أسباب تأخر الافتتاح الرسمي لمركز الموسيقى الجديد بعجمان، أوضح البدور أن الفاصل الزمني الطويل الذي رافق نقل المعدات ومحتويات المركز القديم ساهم في تأخير افتتاحه في مقره الجديد حتى الآن، هذا بالإضافة ــ كما أشار ــ إلى رغبة الوزارة في ملاحقة التطورات التقنية الخاصة بالتجهيزات الصوتية وإدراج العزف على البيانو ضمن تخصصات المركز في حلته الجديدة بالإضافة إلى العزف على الآلات الشرقية المعروفة المدرجة في الدورات السابقة، وتمنى البدور أن تكتمل الإجراءات الإدارية والتقنية للمركز مع بداية العام الدراسي الجديد وأن يتم افتتاحه رسميا في شهر يناير من العام القادم. وحول الصعوبات التي يواجهها الأعضاء المنتسبون للمركز والذين يسكنون في إمارات بعيدة عن المقر، أشار البدور أن هناك عمليات تنسيق مع المراكز الثقافية التابعة للوزارة في الإمارات الأخرى من أجل إقامة دورات موسيقية تخصصية ترفد وتساهم في تعزيز الثقافة الموسيقية وصقل وتدريب المواهب الإماراتية المميزة، وضرب البدور مثالا بمركز البيانو في أبوظبي كنموذج للمراكز المتخصصة في هذا السياق والتي يمكن الاستفادة من برامجها وخبرتها لتقديم دورات مستقلة حول إحدى الآلات الموسيقية في المراكز الثقافية الأخرى بالدولة. وعن الحلول والمعالجات المقترحة لتلافي المضايقات الإدارية والإشكالات المادية التي عانى منها المشاركون في المركز القديم وساهمت في إيقاف البرامج التدريبية وضياع الجهود السابقة، أكد البدور أن دور المركز كان منصبا في البداية على نشر الثقافة الموسيقية وتدريب المواهب الشابة، ودعمها من خلال مكافآت تشجيعية لدخول عالم الموسيقى، وبالتالي كما قال فإن المواظبة والالتزام بمواعيد التدريب هو أمر أساسي حتى لا يتسبب الشخص غير الملتزم في إرباك جدول المدرسين والمنتسبين، مضيفا بأنه لا يمكن أيضا تعيين هؤلاء المتدربين على كادر وظيفي ثابت إلا بعد تكوين الفرقة رسميا، واختيار الأعضاء المؤهلين والقادرين على المواصلة والمشاركة الفعلية في النشاطات والبرامج والمناسبات المختلفة التي تقيمها الوزارة، خصوصا ــ وكما نوّه البدور ــ إلى أن الوزارة مقبلة خلال الفترة القادمة على تنفيذ برنامج طموح لتطوير الفعاليات الثقافية سواء في مجال الموسيقى أو المسرح أو السينما والمجالات الإبداعية الأخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©