الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطلاق ليس الحل الأمثل للخلافات الأسرية

الطلاق ليس الحل الأمثل للخلافات الأسرية
10 فبراير 2008 01:03
تناولنا في استطلاعات سابقة للرأي حول تغير الأفكار والاتجاهات حول عدد من القضايا التي تهم المرأة الإماراتية من خلال استطلاع عينة عشوائية من الجنسين قوامها 500 حالة، وعرضنا في حلقات سابقة الاتجاه الخاص بتعليم المرأة، وعملها، والأفكار العامة عنها، والاختلاط بين الجنسين وتعدد الزوجات، ودور المرأة ومسؤولياتها في الأسرة والمجتمع، وتختتم آخر هذه القضايا بالاتجاه الخاص بظاهرة الطلاق في المجتمع الإماراتي· فمما لا ريب فيه أن الطلاق كظاهرة اجتماعية يصاحبه العديد من المشاكل السوسيولوجية والسيكولوجية التي تلقي بظلالها السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، ومن شأنها أن تسبب تصدع كيانات أسرية كاملة، ولا يمكن تناول أسباب أو دوافع أو أفكار واتجاهات المجتمع حول هذه الظاهرة بمعزل عن خصوصية الواقع الثقافي والاجتماعية لهذا المجتمع أو ذاك رغم عمومية الظاهرة ووجودها في بيئات ومجتمعات متباينة شتى· وتشير الدكتورة هند القاسمي في دراستها المنشورة ''الثابت والمتغير في ثقافة المرأة في الإمارات ''1998 إلى أن هناك ثباتاً وتغييراً في العادات الخاصة بالمرأة المطلقة، وأسباب الطلاق، واختلافاتها بين الأجيال، وإن أرجعت الدراسة أسباب الظاهرة إلى الخلافات الشخصية والزواج بأخرى، وتدخل الأهل وعوامل ذاتية أخرى''، ومما لاشك فيه أن هناك حراكاً وتغيراً ثقافياً ملموساً طرأ على المجتمع الإماراتي خلال العقدين الأخيرين، ومن شأنه أن ينعكس بآثاره الايجابية على ثقافة الأفراد، وأفكارهم، ونمط معيشتهم ورؤاهم وطريقة تفكيرهم، مما يؤكد بالضرورة إحداث تغيير في الاتجاهات والمفاهيم والأفكار· اتجاهات العينة ؟ كان الأمر الملفت في هذا السياق اتفاق جميع أفراد العينة ''من الجنسين'' وبنسبة 100% حول مفهوم ''وعي الزوجين بحقوقهما وواجباتهما يحد من الطلاق''، وهي إشارة مهمة نحو شدة تأثير عامل الوعي والتعليم والثقافة· ؟ لا تزال هناك فجوة عميقة بين اتجاهات الذكور والاناث حول أحقية الزوج ''وحده'' في الطلاق، حيث أشار 52% من الذكور في مقابل 12% من الإناث بالإيجاب، وهذا يفسر نزعة الرجل الشرقي نحو الإحساس بأنه صاحب الحق في الزواج والطلاق، ونتيجة تراكم الثقافة الذكورية وتعنتها في التعامل مع الأمر· ؟ واذا كانت 3% من الإناث أشرن إلى أن الطلاق حل للخلافات الزوجية في مقابل 28% من الذكور، فإن ذلك يعكس حرص المرأة أكثر من الرجل للحفاظ على كيان الأسرة، وأنها لا تقبل مقارنة بالرجل بالطلاق إلا عندما تفشل سائر المحاولات الممكنة للإصلاح· ؟ تقاربت اتجاهات الجنسين أيضاً حول مسألة خروج المرأة عن طاعة زوجها بأنه ليس مبرراً كافياً للطلاق ''80% ذكور في مقابل 76%''، وهذا يعني قناعة الجنسين بإمكانية تفهم الأمر، ونسبية التعامل مع مفهوم ''الطاعة'' وأهمية وجود مساحة من التفاهم المشترك بين الزوج والزوجة· ؟ كما تقاربت نسب العينة بين الجنسين حول مفهوم ''وفاء أحد الأطراف بالالتزامات الأسرية، كل منهما تجاه الآخر'' وأنه ليس مبرراً للطلاق ''94% للذكور، 96% للإناث''، وهو نفس التفسير في العامل السابق، فلا تتطابق الآراء حول مفهوم الوفاء، أو حول مفهوم الالتزامات، وإن اتفقت العينة من الجنسين تقريباً حول هذا العامل· العقم والطلاق ؟ كان الاتجاه حول ''عقم الزوجة سببا كافيا للطلاق'' أبرز الأفكار التي تباينت عندها الاتجاهات ''46% لدى الذكور في مقابل 4% لدى الإناث''، وربما يعكس هذا الفارق تعاطف العينة مع المرأة من جانب عينة الإناث، وكأنهن لا يرجعن مسؤوليتها في ذلك بطبيعة الحال، وكذلك انخفاض النسبة ''نسبياً'' لدى الذكور إلى 46% فقط مما يؤشر حالة من التعاطف الإنساني مع عقم الزوجة· ؟ كشفت إجابات العينة أيضاً تقارب الأفكار والاتجاهات بين الجنسين حول تقبل الزواج الثاني، وأشارت 87% من النساء إلى أن الزواج بأخرى ليس مبرراً للطلاق فيما رفضته 13% من العينة، كما أن 95% من الذكور أيدوا ذلك، وهذا يفسر تقبل ثقافة المجتمع للزواج الثاني، وإن حدث فلا يعد مبرراً كافياً للطلاق· ؟ تجلت النزعة الذكورية، وميل الرجل للسيطرة وحرية اتخاذ القرار، وربما جنوحه إلى تفضيل عقاب الهجر عن الطلاق، حيث أيد الهجر 78% من الذكور باعتباره وسيلة عقاب بدلاً من الطلاق، فيما أيدته 25% فقط من الإناث، على اعتبار أن الهجر قد يكون عقاباً أو طريقة مؤقتة في التعامل بين الزوجين· ؟ ذهب 17% من الذكور في مقابل 6% فقط من الإناث إلى أن عمل المرأة واستقلالها الاقتصادي قد يكون سبباً في الطلاق، وهي حالة تخضع للفروق الفردية، وحالة كل طلاق على حدة، وتقبل المجتمع لعمل المرأة وخوضها كافة النشاطات الاقتصادية، وموافقة غالبية الشباب على عمل المرأة، وتشجيع المجتمع لتعليمها وعملها، ويبقى هذا العامل، عاملا مساعدا وليس سبباً رئيسياً في الطلاق· والخلاصة أنه يمكن القول إن هناك ما يمكن أن نطلق عليه ''ثبات نسبي'' في أفكار واتجاهات المجتمع حول ظاهرة الطلاق ولاسيما ما يتعلق منها بالثقافة الذكورية، بينما يوجد تغير ملموس فيما يتعلق بالمرأة نفسها ودورها وتأثيرها في الأسرة والمجتمع والتطور الاجتماعي والثقافي للمجتمع ككل نتيجة عوامل ومؤثرات بيئية وحضارية داخلية وخارجية عديدة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©