الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا: عودة إلى تعزيز الصلاحيات الرئاسية

5 أكتوبر 2010 21:04
أصدرت المحكمة العليا في أوكرانيا قراراً مثيراً للجدل يوم الجمعة الماضي يشبه إلى حد بعيد القنبلة السياسية في مفاعيله وتداعياته، حيث أعلنت "عدم شرعية" الصفقة المعقدة التي تم التوصل إليها قبل ست سنوات وساهمت في إنهاء "الثورة البرتقالية" على نحو سلمي من خلال إعادة توزيع السلطة بين الرئيس والبرلمان ومنح هذه الأخير بقاعدته الجماهيرية الأوسع صلاحيات أكبر، وفيما يدافع المؤيدون للقرار على توجه المحكمة بقولهم إن أوكرانيا تحتاج إلى يد قوية ترشدها إلى الطريق الصحيح وسط الأزمة الاقتصادية والسياسة الخانقة، يرى المعارضون له بأنه يمنح الرئيس "فيكتور يانوكوفيتش" الذي انتخب بصعوبة في شهر فبراير الماضي من السنة الجارية فرصة لتكريس سلطته على حساب البرلمان والذهاب بعيداً في تطبيق أجندته السياسية المرتبطة بروسيا، وهي الأجندة التي تقوم على ترميم العلاقات الأوكرانية مع جارتها روسيا، بالإضافة إلى وقف مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بل أكثر من ذلك إقرار اللغة الروسية التي يتحدث بها نصف السكان تقريباً كلغة رسمية للبلاد. هذا التوجه يعتبره "فلوديمير هورباش"، المحلل في مؤسسة الاندماج الأوروبي الأطلسي في كييف "كارثياً لأنه سيحول أوكرانيا إلى بلد أشبه بالجمهوريات المجاورة المرتهنة لروسيا مثل أوزبكستان وبيلاروسيا بحيث يتم القضاء على نظام الرقابة والفصل بين السلطات"، مضيفاً أن "سيادة الشعب الأوكراني مُرغت في التراب وهو ما يدعونا إلى التمرد مرة أخرى". والحقيقة أن قرار المحكمة العليا المثير للجدل من شأنه إعادة الصراع السياسي إلى الواجهة، وقد حذرت زعيمة المعارضة، "يوليا تيموشينكو"، في مؤتمر صحفي عقدته يوم الجمعة الماضي في العاصمة "كييف" أن القرار في حال تطبيقه سيقود الدولة إلى الانهيار. وترى "تيموشينكو" التي هُزمت بهامش ضئيل في الانتخابات الرئاسية لشهر فبراير الماضي أن "أوكرانيا بموجب القرار الجديد أصبحت خارج حدود الثقافة السياسية والبرلمانية الصحيحة، بل هي خرجت عن الحضارة الديمقراطية"، مضيفة أن ما يجري هو "جنون مناقض للدستور تقوم بها السلطات التي قررت أن القانون لا يعني شيئاً في أوكرانيا، لذا أعتبر القرار بمثابة سلاح نووي سياسي يجسده قائد غير كفء يسعى إلى حيازة سلطة تحوله إلى ديكتاتور"؛ وخلال إعلانه عن القرار قال كبير القضاة في المحكمة العليا، "أناتولي هولوفين"، إن التعديلات الدستورية التي جرت في 8 ديسمبر 2004 التي أقرت بعد ثلاثة أسابيع على المظاهرات الاحتجاجية التي هزت شوارع العاصمة كييف، والتي عرفت باسم الثورة البرتقالية "لا تنسجم مع الدستور الأوكراني، وهي لذلك غير دستورية بسبب ما صاحب إقرارها والمصادقة عليها من خروقات دستورية". ومن شأن القرار الجديد في حال تطبيقه إعادة أوكرانيا إلى دستور العام 1996 الذي أسند حصة الأسد في السلطة للرئيس بما فيما ذلك صلاحية تسمية رئيس الوزراء وباقي أعضاء الحكومة، ويحتج المعارضون بأن النظام الرئاسي القديم في الدستور السابق أدى إلى تفشي الفساد والشطط في استخدام السلطة الذي ميز عهد الرئيس السابق "ليونيد كوتشما"، بل أدى إلى انتشار مزاعم بتزوير الانتخابات التي مكنت "يانوكوفيتش" للفوز خلال الجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية للعام 2004، والتي بدورها أفضت إلى اندلاع "الثورة البرتقالية". وقد ساهمت الصفقة التي تم بموجبها تقاسم السلطة بين الرئيس والبرلمان إلى منع اندلاع مواجهات واسعة بين فريقين في أوكرانيا التي يتوزعها الناطقون بالروسية في المناطق الشرقية الموالية لموسكو، وبين المنطقة الغربية التي تميل إلى الغرب، لكن الصفقة أيضاً أفضت إلى نشوب صراع شل البلاد بين الرئيس السابق الموالي للغرب "فيكتور يوشينكو" والغرفة العليا في البرلمان التي تسيطر عليها المعارضة، وهو ما أعاق تمرير أغلب التشريعات الرامية إلى إصلاح الاقتصاد الأوكراني وتقريب البلاد من الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس "يوشينكو" قد دخل في صراع مع حليفته في "الثورة البرتقالية" "تيموشينكو" أدى في الأخير إلى خسارته الانتخابية مطلع العام الجاري، ومن بين التبريرات التي يسوقها المدافعون عن قرار المحكمة العليا حاجة البلاد إلى جهاز تنفيذي قوي قادر على إخراجها من أزمتها الاقتصادية المستفحلة ومساعدتها على بناء علاقات دبلوماسية متوازنة بين الغرب وروسيا. وفي هذا الإطار يقول "ديميترو فيدرين"، مدير معهد الاندماج والتنمية المستقل في كييف "لقد ألغت المحكمة العليا تعديلًا دستورياً تم إقراره بسرعة ودون تفكير، وتبين أن تلك التعديلات كانت غير قانونية"، مضيفاً: "آمل أن نطوي هذه الصفحة ونمضي قدماً، فعلى كل حال كان دستور العام 1996 جيداً واستُقبل بترحيب كبير من قبل العالم كله، لأنه اعتُبر الأكثر ديمقراطية وتقدمية في عموم الاتحاد السوفييتي السابق، وإذا حدثت تجاوزات فذلك لأن الرئيس "كوشما" خرق الدستور، وليس لأن النظام كان سيئاً". ومن المتوقع أن يرحب الكريملن بقرار المحكمة العليا بعدما تخلى هو نفسه عن الصيغة البرلمانية في الحكم عقب المواجهة المسلحة التي دامت يومين في موسكو خلال العام 1993، هذا فضلا عن تعبير موسكو المستمر عن انزعاجها من الانتفاضات البرلمانية في الدول المجاورة والتي كان آخرها في قرغيزستان. فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©