السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تيل جان: «موسيقى أبوظبي الكلاسيكية» استثمار في الثقافة

تيل جان: «موسيقى أبوظبي الكلاسيكية» استثمار في الثقافة
5 أكتوبر 2010 21:27
الموسم الثالث لموسيقى أبوظبي الكلاسيكية مهرجان يشي بروعة منتظرة تحبس أنفاس المنتظرين المتابعين ليدخلوا ردهات قصر الإمارات، ويعيشوا أجواءً ساحرة مع أهم الفرق الأوركسترالية العالمية تعزف أهم المقطوعات العالمية لأهم المؤلفين الموسيقيين في التاريخ. البداية ليلة الأربعاء، الليلة، تعزف أوركسترا أمستردام الملكية كونسيرتجيبو بقيادة دانييل غاتي مقطوعة “سيجفريد زيديل” لريتشارد فاجنر والسيمفونية الخامسة لجوستاف ماهلر. وتكرّ سبحة البرنامج لتجتمع حبّاتها وتصنع مشهداً أكثر ثباتاً واستمرارية تجمع الكبار وأيضاً الصغار الذين هم جيل الغد، وذلك من خلال سعي “موسيقى أبوظبي الكلاسيكية” منذ بدايات مواسمها على التواصل معهم في لفتة فريدة من نوعها لا تتوافر في بلدان العالم وعواصمه، كما قال لـ”دنيا الاتحاد” المدير الفني والتنفيذي لمهرجان “موسيقى أبوظبي الكلاسيكية” تيل جان تشينفيتش، وهي أن الفرق الأوركسترالية تبقى بعد عرض حفلتها لتتواصل في لقاء موسيقي وتثقيفي مع تلاميذ من المدارس الإماراتية ومع العازفين منهم، لقاء تفاعلي مميّز يبني من أجل هدف طويل الأمد.. يتمثل في الحثّ على العمل من أجل فرقة أوركسترا إماراتية. رهبة وخوف وقال تيل: “بداية، من المهم جداً أن نسلط الضوء على أن الأوركسترا الكلاسيكية السيمفونية التي ستقدم حفلاً موسيقياً الليلة لم تكن لتأتي على هذا الشكل من دون الجذور العربية، فالعديد من الآلات المستخدمة في الأوركسترا السيمفونية قد جاء إلى أوروبا من العالم العربي، وتم تطويره، ومن هنا ليس الأمر استيراداً من أوروبا ولا علاقة له بالعالم العربي.. لا بل له العلاقة التاريخية مع هذا العالم العربي الذي لولا تأثيره لما وصل العالم الغربي إلى ما وصل إليه اليوم في الموسيقى، ومثالاً على ذلك الكمان والبوق ذي الجذور العربية التي وصلت إلى أوروبا في القرون الثامن والتاسع والحادي عشر والثاني عشر”. نعم... هناك رهبة لا ينفيها أحد، خصوصاً لدى الذين لم تسنح لهم الظروف بأن يحضروا حفلاً للموسيقى الكلاسيكية، وأضاف تيل: “من المهم جداً معرفة أن الموسيقى الكلاسيكية هي لغة عالمية. مع أنه - وليس بوسعنا أن ننكر واقعاً معيناً- وهو أن الناس يشعرون بالرهبة أو الخوف من حفلات من هذا النوع، ويعتقدون أنه لحضور حفل موسيقي عليهم أن يكونوا متخصصين، وأن يعرفوا المؤلف الموسيقي، إلى تعقيدات السماع للموسيقى الكلاسيكية، ناهيك عن كيفية التصرف في حفل موسيقى كلاسيكية، هل يصفقون أم لا؟!... بعضهم يقول لي إنه ليس مسموحاً بالتصفيق، وانهم يطلبون إغلاق الهواتف الخلوية... وكل هذه الأشياء”. ابتسم وأردف: “عليهم بطبيعة الحال أن يغلقوا الهواتف الخلوية، ولكن ليل الأربعاء لمن لم يذهبوا إلى حفل موسيقى كلاسيكية سابقاً، سوف يلاحظون ويكتشفون أنهم يعرفون السيمفونية الخامسة لجوستاف ماهلر؛ لأنها مشهورة جداً وهي تبث دائماً عبر الأثير، وقد استخدمت وقفة موسيقية في العديد من المحطات، كما في فيلم مشهور جداً.. إذن الموسيقى الكلاسيكية هي أقرب إلى الناس أكثر ممّا يعتقدونه”. فرصة نادرة وتحدث تيل عن البرنامج، معتبراً الحفل الأول مهماً ويتبعه حفل ثان وصفه بـ”التاريخي”، لماذا؟ لأن الفرقة هي من بين الثلاث الأوليات المتنافسة في ما بينها، وقال: “هناك ثلاث فرق أوركسترالية في أوروبا هي دائماً في تنافس في ما بينها؛ لأنها الأُول، وهي أوركسترا فيينا الفيلهارمونية التي قدمت سابقاً إلى أبوظبي، والثانية أوركسترا أمستردام الملكية كونسيرتجيبو والتي ستعزف في حفل الافتتاح، وطبعاً الثالثة وهي التي ستعزف في الحفل الثاني هي (أوركسترا برلين الفيلهارمونية) التي لعبت في القاهرة عام 1951 وفي بعلبك - لبنان عام 1968 لتسجّل عودة تاريخية انطلاقاً من أبوظبي”. ثمة جوانب متعددة من الممكن أن يستشفها المراقب لمواسم “موسيقى أبوظبي الكلاسيكية”، ثمة الفرصة النادرة المتاحة للجمهور بسماع أهم فرق الأوركسترا العالمية تعزف عزفاً حياً على مسرح قصر الإمارات في أبوظبي، فرصة يلاحقها عاشقو الموسيقى الكلاسيكية من بلد إلى آخر، وعن هذا أشار تيل إلى حضور بين الجمهور أتى من دول أوروبية وأميركية خصيصاً من أجل سماع فرقة أوركسترالية معينة. وثمة فرصة للمواطنين والمقيمين في أبوظبي في هذه اللقاءات النادرة. ويقول تيل: “بعض الناس يأتي من دبي والعين وإمارات أخرى ويعود في اليوم نفسه، ومن الجدير ذكره أن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كان لديها الرؤية لتحافظ على ثقافة البلد وفي الوقت نفسه توفر الأفضل بين الثقافات من الخارج”. حفلات مجانية هذا جانب لا يلغي جانباً آخر على قدر كبير من الأهمية، وهو التواصل مع الشباب ومع “الأولاد” في الإمارات من خلال تواصل تم منذ الموسم الأول منذ عامين في مراسلات مع المدارس الإماراتية وجامعاتها والتي أبدت اهتمامها بالموسيقى والثقافة الموسيقية، نتج عنه حدث فريد مخصص للطلاب اعتبره تيل الأول من نوعه في العالم، وهو قائم على الإبقاء على الفرقة الأوركسترالية بعد حفلها المسائي لأيام أخرى تلتقي فيها بالطلاب والأولاد في حفلات مجانية، لا تقتصر على العزف إنما يرافقها دائماً راوٍ يتولى مهمة الشرح عن الموسيقى وعمل الأوركسترا ومواهب العازفين. وأوضح تيل “في اليوم التالي للافتتاح، وفي فترة قبل الظهر حفل للشباب، فقد عمدنا في “موسيقى أبوظبي الكلاسيكية” إلى التعاون مع المدارس ومنها كثير من المدارس المحلية والحكومية، والمهم الإشارة إلى أنه تم التراسل مع كثير من المدارس بعد الموسم الأول للموسيقى الكلاسيكية في أبوظبي، فلقينا في الموسم الثاني تجاوباً من المدارس الإماراتية، فراحت فرق الأوركسترا تعزف مساء وفي الصباح التالي تعزف للأولاد مجاناً ببرنامج خاص بهم أقل تعقيداً يرافقه شرح عمّا يسمعونه ويختبرونه”. وأضاف: “في أماكن أخرى في العالم، تعزف فرق الأوركسترا وترحل في حين أننا هنا نطلب منها البقاء للقاء التلامذة والشرح لهم عن الموسيقى، وهذا مهم جداً وفريد من نوعه وغير متوافر في مناطق أخرى من العالم. مواسم سياحة مقصودة المشروع يستثمر في ناحية تحقق استدامة واستمرارية ولم تكن حفلات مهرجاننا مناسبة تعقد وتختتم وتنتهي عند هذا الحد. هناك جوانب ثلاثة في المشروع، أولاً هناك الأوركسترا الرائعة التي تقدم حفلها والثاني أن هناك التعليم والتثقيف للأطفال والشباب - وهو مثال واحد من أمثلة عديدة نقوم بها. فقد سعينا في مراحل عديـدة لأن يزور الموسيقيون المدارس ويعملون مـع أساتذة الموسيقى فيها ومـع الأولاد وحتـى مـع أساتـذة الرسم للتعاون لفيلم صور متحركة للأولاد”. يبقى جانب لا يلمسه إلا المعاين عن قرب لما يجري في أبوظبي، إذ بات موسم “موسيقى أبوظبي الكلاسيكية” مواسم سياحة مقصودة، وقال تيل “في كل موسم هناك عدد ليس بالضئيل من السياح الذين يأتون خصيصاً للاستماع لفرق أوركسترالية معينة مثل أوركسترا برلين الفيلوهارمونيكية. يأتون من السعودية والبحرين ولبنان، كما لدينا أناس يأتون خصيصاً من أوروبا، وهذا ما شهدناه في الموسم الثاني. مهرجان العين في البرنامج حفلات بالتعاون مع مهرجان العين للموسيقى الكلاسيكية مع حفلات تقام في قلعة الجاهلي في العين، وذلك في شهر مارس 2011. وقال تيل: “إنها شراكة مع مهرجان العين للموسيقى الكلاسيكية تظهر بشكل رسمي الآن في برنامجنا، ذلك أن مهرجان العين يعود إلى 11 سنة، ونحن قد بدأنا منذ ثلاث سنين. وقد استفدنا من استقدام فرق أوركسترالية مهمة وقدرتها على تقديم حفلين بدل حفل واحد فتم التعاون مع مهرجان العين، بحيث تقدم الفرق حفلات في العين لجمهور ربما يكون مختلفاً عن جمهور أبوظبي. كما أنه من المهم لنا التواصل الذي ننشئه مع التلامذة في المدارس والطلاب في الجامعات، ففي العام الماضي دعونا الطلاب، ومن اللافت رؤية مدى التفاعل بين الجمهور والفرق. وهكذا نروج بشكل سلس للموسيقى الكلاسيكية في الإمارات”. فرقة وأكاديمية وأضاف: “إننا نناقش حالياً مفاهيم تتمحور حول كيفية خلق وحث الناس على الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية من أجل تشكيل فرقتنا الأوركسترالية الخاصة، كما أنه من الجدير معرفته أنه لتأسيس أوركسترا، علينا أن نستقدم أساتذة وبروفيسورات، وهذا مشروع ضخم لا يتحقق هكذا، وإنما يحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل. هدفنا الأساسي خلال ست أو سبع سنوات، هو تقديم كل السيمفونيات المهمة في أبوظبي، وعلينا أن ننظم الكثير من الحفلات من أجل ذلك”. وأوضح: “لا أعرف كم سنة نحتاج لإنشاء أوركسترا، وهذا لا يعود لي القرار بشأنه، إنما بوسعي القول إنني لم أتعرف أبداً إلى حكومة مدركة لهذه الدرجة قيمة الثقافة الموسيقية الكلاسيكية في التعليم. فما قامت به الحكومة هنا فريد من نوعه في العالم وليس له مثيل إلا في ألمانيا، وأنا أتحدث عن ألمانيا لسبب، وهو لأنه ليس هناك دولة أعطت هذا العدد من المؤلفين الموسيقيين المهمين عالمياً مثل ألمانيا. لماذا؟ لأن حكومتها استثمرت الأموال في الثقافة”. الموسيقى أساسية وتحدث تيل عن أهمية التثقيف الموسيقي منذ الصغر، مشيراً إلى ما أثبته العلم والدراسات من أن عزف آلة في مراحل عمرية مبكرة يغير تماماً المهارة، والموهبة في كل المجالات إلى الأفضل. وقال: “حين يلقن التلميذ الرياضيات واللغات، فإنه ينمي مهارتي التحليل والبناء، هذا نصف الدماغ والنصف الآخر يتعلق بالمشاعر والإبداع والشعور والخيال، وهذه الجوانب مهملة في المناهج الدراسية، فالقدرة على خلق مناهج دراسية تجمع هذه الجوانب معاً ستحقق نتائج هائلة”. وهذا ما تركز عليه الإمارات والحكومة في الإمارات. وإنه من المدهش أن أبوظبي تقود العالم العربي بريادتها في الجانب الموسيقي، مثبتة أن الموسيقى ليست ترفاً إنما حاجة أساسية”. ليس ذنب باخ عن الربط بين الموسيقى الكلاسيكية والموت في عدد من بلدان العالم العربي، قال تيل جان تشينفيتش: “ليس باخ المسؤول عن ذلك كما أنه ليس ذنبه، وليس ذنب بيتهوفن. باخ ليس هو المذنب، إنها مسؤولية من اعتمد الموسيقى الكلاسيكية في هذا الحدث. أما لماذا؟ ربما لأن الموسيقى تدفع إلى التفكير إلى التأمل وبالتالي التفكير بالمستقبل والقدر والأشياء”. وللجمهور الذي يشعر بالرهبة وبالقلق من طقوس حضور حفلات الفرق الأوركسترالية التي تعزف الموسيقى الكلاسيكية، قال تيل: “ليرتدوا ما يريدون ويأتوا، في برلين وأوروبا يأتون بالجينز، في ميونخ ربما لا ترين بنطال الجينز كثيراً، ولكن هذا يعود لكل بلد، إنما أنا شخصياً أفضل أن ألبس بذلة وكرافات، لأن الحفل الموسيقي هو حدث بالنسبة لي، ومن الجميل أن يخرج الناس ويختبروا شيئاً مهماً تقدمه أبوظبي وتوفره. إنما أعتقد أنه ليس هناك قواعد، ثمة قواعد فقط لسماع الموسيقى وعدم التحدث والصراخ في قاعة المسرح.. وجمهور موسيقى أبوظبي الكلاسيكية هو من أفضل الجماهير، وهذا ما سمعناه ونسمعه من قائدي الأوركسترا العالميين الذين قدموا ولم يكونوا يتوقعون كم هو جمهور أبوظبي يحب الاستماع للموسيقى الكلاسيكية. ما يجري في أبوظبي يغني الحياة الاجتماعية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©