الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مظلومة في دارها مُكرمة في غربتها

مظلومة في دارها مُكرمة في غربتها
5 أكتوبر 2010 21:29
إذا كان من موضوع يستحق لقب «قضية الساعة» في العالم العربي طوال العام، فإنه «اللغة العربية واحترام اللغة الأم»، وليس فقط في شهر فبراير - يوم (21) الذي يصادف احتفاء جميع الأمم بلغاتها الأم ومن بينها الدول العربية. ومن الجميل أن تُنظم الندوات واللقاءات وتكتب المقالات والتحليلات، وتُعقد البرامج الإذاعية والتلفزيونية حول واقع اللغة العربية بالمناسبة، لكن الأجمل أن يستمر ذلك طوال العام، ويُتابع بتنفيذ وتطبيق ما يوصي به المتخصصون والخبراء في هذا المجال. وإذا ألقينا نظرة سريعة على حال اللغة العربية في عالمنا العربي، فإننا نجدها مظلومة في جميع مجالات عملنا وعيشنا وعوالمنا، الحقيقية منها والافتراضية. فالأخطاء التي تشوب الكثير من الإعلانات الكبيرة في واجهات المحال التجارية والشوارع، بل وحتى في الإعلانات المعلقة على جدران المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات تصدق ما نقول، وتشعرنا بالتقصير والذنب تجاه لغة كرمها الآخرون وأهانها أهلها. وطالت هذه الإهانة الإنترنت أيضاً، وكان فرصةً لنا لتحسين حال واقع العربية افتراضياً على الأقل، لكننا -للأسف- حولنا واقعها الافتراضي إلى أسوأ من واقعها المادي المعيش. فهل من المنصف أن نحشو مصدر المعلومات الأول في وقتنا الراهن «الإنترنت» بكلام ومصطلحات مشوهة ومعوقة أوهجينة في غالبها؟! إذا حاول قارئ البحث عن كلمة عربية واحدة في أيٍ من محركات البحث سيجد نفسه أمام نتائج بحث لا تمت بصلة إلى ما يبحث عنه، ويُفاجأ بحاجة مصدر المعلومة ذاته إلى التصحيح والتدقيق اللغوي بدلاً من أخذها. هذا الوضع يحتم على الباحث العربي التحوط قبل أن يقبِل على البحث في الإنترنت عن معلومة أو مفردة. وإذا كانت نسبة محتوى الإنجليزية 47% من المحتوى الإجمالي، فإن اللغة العربية لا تشغل سوى 0،3% من مساحة الإنترنت، في الوقت الذي يشكل فيه العرب 5% من سكان الأرض، و10% من مساحتها، وفي الوقت الذي تصنف فيه العربية سادسة لغات العالم الـ6700 من حيث التحدث. وقد زحفت اللهجات المحلية زَحْفَ الجراد على حقول الزرع، فما تركت منبتاً للكلمات العربية الأصيلة، وصارت العربية غريبة في عقر دارها، وفرضت على المستمعين لهجات دخيلة عليهم ولا يستقيم بها لسان. استخدام العامية ليس أمراً منكراً بحد ذاته، لكنه يصير كذلك عندما يحدث بإفراط وعلى حساب العربية الفصيحة. فيما أضحت أسماء كثير من محالنا التجارية ومراكزنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها مشوبة بأخطاء لغوية مكتوبة بـ «البنط العريض» ضمن تصميمات بديعة يفسِدها ضعف المحتوى ويحيلها إلى مسخ يبعث على الحسرة والأسى. هل يُعقل أن تُكرم جميع الأمم لغتها صباح مساء ويمتنع مواطنوها عن الحديث بغيرها رغم معرفتهم بلغات أخرى، في حين نتسارع نحن لإدخال أولادنا إلى مدارس أجنبية تجعل اللغة العربية في أدنى اهتماماتها؟ هذا في الوقت الذي نجد فيه الأجانب لايتجهون لتعلم لغة أخرى قبل أن يقتلوا لغتهم تعلماً وتحدثاً وبحثاً، وحتى إذا تعلموا لغج أجنبية أخرى أو لغتنا العربية بعد ذلك، فإنهم يتقنونها أفضل من الكثير من أبناء جلدتنا من العرب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©