الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التأرجح الأميركي حيال الصين

18 ديسمبر 2016 00:53
حين ظهرت أنباء عن مكالمة دونالد ترامب الهاتفية مع الرئيسة التايوانية تساي إينج وين، انتُقد هذا التصرف على نطاق واسع باعتباره زلّة في السياسة الخارجية. فلم يتحدث رئيس أميركي في الهاتف مع زعيم تايواني منذ عقود مخافة إزعاج الصين التي تعتبر تايوان جزءاً منشقاً من أراضيها. لكن «واشنطن بوست» كتبت يوم الاثنين الماضي أن المكالمة الهاتفية كان مقصوداً بها الاستفزاز بالفعل. وأشار أشخاص ساعدوا في الإعداد لهذا الإجراء إلى أن المكالمة تمثل بداية استراتيجية جديدة للتواصل مع تايوان واتخاذ موقف صارم من الصين. والمكالمة الهاتفية غير مسبوقة، لكن الاتجاه العدائي نحو الصين له سوابق. فعلى مدار عقود كان الرؤساء الأميركيون يحملون خطاباً وخططاً شديدة السلبية نحو الصين قبل توليهم السلطة. لكن ما إن يمسكوا بزمام السلطة حتى يحدث ما هو متوقَّع عادةً. وهذا ما يقوله علماء التاريخ. ويذكر ديفيد لامبتون، مدير برنامج دراسات الصين في مدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، أنه من الثابت تاريخياً أن يُصدر السياسيون بيانات انتقادية ضد الصين «لكنهم حين يصبحون في الحكومة، يجدون أنه من الضار التمسك بذالك الموقف». فقد دخل رونالد ريجان البيت الأبيض العام 1981 بينما كانت العلاقات مضطربة مع الصين. وأثناء الحملة الانتخابية، انتقد ريجان الرئيس الذي كان يشغل المنصب في ذاك الوقت وهو جيمي كارتر لقطعه العلاقات الدبلوماسية مع تايوان وتطبيع العلاقات مع الصين عام 1978. وأشار بول هاينل، مدير «مركز كارنيجي تسينجهوا للسياسة العالمية» إلى أن ريجان تعهد مراراً إصلاح العلاقات مع تايوان وإبرام صفقات أسلحة جديدة معها، لكنه ما إن أصبح في السلطة حتى شرع هو ونائبه جورج بوش الأب في تعزيز العلاقات مع الصين. وأشار هاينل إلى أنه في ظل إدارة ريجان، اجتمع ضباط من الجيش الأميركي مع نظرائهم الصينيين لأول مرة وبدأت الولايات المتحدة تصدر «تكنولوجيا ثنائية الاستخدام»، مثل الرادارات وطائرات الهليكوبتر، للجيش الصيني. وفي الحملة الرئاسية لعام 1992، التي جاءت في أعقاب احتجاجات ساحة تيانامين الدموية في بكين، شن بيل كلينتون حملة شهيرة لانتقاد «قصابي بكين». وهاجم كلينتون الرئيس الذي كان في المنصب آنذاك وهو بوش الأب، لأنه «يدلل الطغاة» في الصين ويرسل «المبعوثين لتناول الأنخاب مع مَن سحقوا الديمقراطية». ووعد كلينتون بأن يجبر الصين على التغيير. وفي أول عام له في المنصب أصدر أمراً تنفيذياً يطالب الصين بتحسين سجلها في حقوق الإنسان قبل تجديد المكانة التجارية التفضيلية لبكين. لكن كلينتون بعد فترة قصيرة واجه اعتراضات قوية على استراتيجيته من جماعات المصالح الاقتصادية الأميركية الذين خشوا أن تدشن هذه الاستراتيجية حرباً تجارية. ثم تراجع كلينتون في مذلة حسب وصف لامبتون. وتحول كلينتون في نهاية المطاف إلى تجديد المكانة التجارية التفضيلية للصين قائلاً إن استفزاز الصين سيقود البلاد إلى العودة إلى «فترة العزل وتبادل الاتهامات التي تضر بمصالح أميركا». ثم ساعد كلينتون في وقت لاحق على التفاوض في دخول الصين في منظمة التجارة الدولية. وتكرر التاريخ بدرجة ما مع بوش الابن وباراك أوباما. فقد وصف بوش الصين بأنها «منافس» وليس «شريكاً استراتيجياً» في مسار الحملة. وفي هجمات الحادي عشر من سبتمبر وجد بوش أنه يحتاج إلى دعم الصين في حربه العالمية على الإرهاب، حسب قول لامبتون. ثم في عامه الأول في السلطة وصف بوش العلاقات مع الصين بأنها «صادقة وبناءة وتعاونية». ووعد أوباما مثل ترامب في مسار الحملة بأن يصف الصين بأنها متلاعبة بالعملة. لكن أوباما لم يمضِ على هذا الطريق قط. وواجه أوباما انتقادات لتأجيله مقابلة دالاي لاما إلى ما بعد اجتماعه مع الرئيس الصيني هو جين تاو. ويذكّرنا الخبراء والأحداث بأن من المرجح، في ما يبدو، أن يكون دونالد ترامب نوعاً مختلفاً من الرؤساء تماماً. وإجراء مكالمة من الرئيس المنتخب مع رئيسة تايوان ربما يكون تحولاً دبلوماسياً مع الصين أكبر من كل ما سبق. لكن ترامب حسب قول لامبتون لن يكون «الشخص الأول الذي يخوض السباق على الرئاسة ويقول شيئاً عن الصين ثم يتحول إلى سياسة أكثر مواءمة.. ترامب بطبعه مفاوض وتاجر، لذا أعتقد أنه في كل الاحتمالات، سيضطر إلى التفاوض والتراجع عن بعض هذه المواقف وربما يجد هذا مقبولاً». *صحفية متخصصة في الاقتصاد والصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©