الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نصب تذكارية على ضفاف «الليفي» تخلّد ذكرى مجاعة إيرلندا

نصب تذكارية على ضفاف «الليفي» تخلّد ذكرى مجاعة إيرلندا
5 أكتوبر 2010 21:33
وصلت المحصلة النهائية لخسائر المجاعة التي ألمت بإيرلندا في القرن التاسع عشر إلى فقد أكثر من ربع مواطنيها بسبب الجوع والمرض، وقد خلّدت الحكومة الإيرلندية هذه الأحداث ليس في أرشيفها وحسب وإنما في شوارعها وعلى ضفاف نهرها الشهير الذي شهد هجرة الكثير من أبنائه إلى أميركا وكندا عن طريق إقامة نصب تذكارية تروي الحكاية وتذكّر بقصة المجاعة. تؤشر المنحوتات والنصب التذكارية، التي توجد بغزارة في شوارع الجمهورية الإيرلندية، على مراحل تاريخية مهمة عاصرتها البلاد في العصور الماضية، ومن أشهرها مجموعة نصب تذكارية تتوسط العاصمة الإيرلندية "دبلن"، وتحديداً على ضفاف نهر "الليفي" الذي يقسم المدينة إلى قسمين، لأشخاص يبدو عليهم البؤس والفقر، تحكي في جوهرها قصة المجاعة التاريخية التي عصفت بالبلاد خلال الفترة من سنة 1840 واستمرت حتى نهاية القرن. وتعود أسباب المجاعة التي حدثت آنذاك إلى تلف محصول البطاطس، وهو الغذاء الرئيس للفلاحين في إيرلندا، إذ يعتمد على تناوله أكثر من مليوني شخص يومياً، كما أنه الغذاء الوحيد الذي لا يوجد له بديل في قائمة أغذيتهم وأي نقص فيه يهدد بحدوث مجاعة جماعية. فرحة لم تكتمل بدت الأحوال المناخية في ذلك العام لطيفة ودافئة، ثم سقطت الأمطار بغزارة على البلاد اعتباراً من شهر أغسطس لتبشر بمحصول بطاطس وفير، غير أن فرحة الفلاحين بذلك لم تكتمل ولم تمض إلا فترة قصيرة حتى جاءت الأخبار من مختلف القرى لتنبئ بوقوع الكارثة وتشير إلى تلف المحصول في كل المزارع، وذلك بسبب إصابة المحصول بالفطريات والتي أدت إلى إصابة البطاطس بالذبول والعفن. انتقل التلف، خلال ستة أشهر فقط، إلى غالبية المحصول الزراعي في البلاد إلى أن أصابه كلّه مع نهاية عام 1846. وأمام تلك المجاعة اضطر الناس إلى أكل حشائش الأرض، لكن الكثيرين منهم لم يستطيعوا أن يتحملوا شدّة الجوع فهلكوا، وأصبحت أعداد الموتى في ازدياد كبير لدرجة أن الأكفان المتوافرة لم تعد تكفي لاستيعاب تلك الأعداد الهائلة منهم، فأصبح الميّت يدفن داخل لفافة من القشّ، أما الناجون من المجاعة والذين أمكنهم تحمل الجوع، فكانوا في حال يرثى لها وأجساد أقرب إلى الهياكل العظمية منها إلى الإنسان. جوع ومرض لم تتوقف الأمور عند هذا الحدّ، بل ازداد الأمر سوءاً، حيث بدأ الناس يعانون المرض إلى جانب الجوع. وظهرت بينهم العدوى بمرض التيفوس الذي انتشر بشكل وبائي فعجل بموت المزيد من الإيرلنديين، وأمام ذلك، وفي ظل عدم تقديم المساعدات الكافية من قبل الحكومة الإنجليزية آنذاك، لم يبق من مفر أمام البؤساء سوى تجربة الهجرة لأميركا وكندا لعلهم يحظون بفرصة أفضل في الحياة، فبدأ تيار الهجرة يسير إلى هناك على مهل عام 1847 إلى أن تدفق المهاجرون بعد ذلك بأعداد كبيرة إلى قوارب الهجرة التي اصطفت على ضفاف نهر الليفي. غير أن الحظ لم يحالف الكثيرين حتى في موضوع الهجرة، إذ غرقت العديد من القوارب، أما الذين لم يموتوا بسبب الغرق فقد ماتوا بسبب الجوع والمرض على ظهر هذه القوارب. وأُصيب أكثر من 17 ألف مهاجر بالحمى، علاوة على معاناتهم القاسية من الجوع أثناء رحلة الهجرة إلى العالم الجديد، إلى ذلك فقد نقل بعض المصابين بالحمى الذين وصلوا إلى أميركا المرض إلى الأميركيين، حتى أنه خلال عام 1847 مات حوالي 1396 شخصاً من الإيرلنديين المهاجرين والأميركيين الذين انتقلت لهم العدوى بحمى التيفوس.
المصدر: دبلن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©