الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيرانيون الأميركيون.. كيف يرون الاتفاق النووي؟

5 يوليو 2015 22:51
غادرت عائلتي إيران عام 1979، في أعقاب الثورة التي خلقت «جمهورية إيران الإسلامية»، ووصلنا إلى الولايات المتحدة حاملين حقيبة سفر واحدة لكل فرد منا، على افتراض أن هذا وضع مؤقت وحسب. وبمجرد أن تستقر الأمور، فإننا حتما سنعود إلى حياتنا في إيران. كان هذا قبل 36 عاماً. واليوم، فإنني واحد من نصف مليون إيراني يعيشون في ساوث كارولينا، التي تضم أكبر عدد من الإيرانيين حول العالم خارج إيران. وفي الواقع، فإن هناك الكثير من الإيرانيين في لوس أنجلوس، يشكلون تقريباً ربع سكان «بيفرلي هيلز»، بما في ذلك رئيس البلدية السابق. وقد جاء معظمنا إلى لوس أنجلوس كمنفيين أو لاجئين يفرون من الاضطهاد الديني. وأمضينا العقود الثلاثة والنصف الأخيرة ونحن نقسم حياتنا بين إيران والولايات المتحدة، لنعيش ما يقرب من حياة الفصام، مثل أطفال الآباء المنفصلين الذين يكرهون بعضهم بعضاً. ويمكنك أن تتخيل أننا نعطي اهتماماً خاصاً للتقدم الذي تحرزه مفاوضات 5+1 مع إيران حول برنامجها النووي، التي على وشك الانتهاء في فيينا. وفيما بين الأميركيين من أصل إيراني، تنقسم الآراء بين الأجيال. فعمتي، مثلًا، هي فنانة فرت بالكاد بحياتها من إيران وتعيش الآن في مقاطعة أورانج. وهي ضمن جيل قديم من الإيرانيين الأميركيين الذين يميلون إلى أن يكونوا محافظين سياسياً، وليس دينياً، ومعزولين قليلاً. وقد أمضت عمتي ما يقرب من ثلاثة عقود في الولايات المتحدة، ولكنها بالكاد تتحدث الإنجليزية، وهي تأكل فقط في المطاعم الفارسية، وتتسوق من المتاجر الإيرانية ولا تشاهد سوى القنوات التليفزيونية الناطقة بالإيرانية، ويوجد منها ما يقرب من 30 قناة تبث عبر الأقمار الصناعية، وربما تعيش كما لو كانت في إيران حتى الآن، ولكنها ليست كذلك. وهذه الحقيقة تملـؤها بغضب تركزه على الملالي الذين حرموها من بلدها المحبوب. وقد انكسر هذا الغضب قليلاً في الآونة الأخيرة، فأصبح جزء منه ينصب على الرئيس أوباما الذي تعتقد أنه أحمق لمتابعة صفقة مع إيران، وهي ترى أن الجمهورية الإسلامية لا يمكن الوثوق بها تحت أي ظرف من الظروف. وإنني أسمع هذا الشعور كثيراً من كبار السن من الإيرانيين الأميركيين في لوس أنجلوس، ومعظمهم مقتنع أن الطريقة الوحيدة لضمان أن إيران لا تمتلك أسلحة نووية هي الإطاحة بالنظام – حتى وإن كان ذلك يعني شن هجوم عسكري، وهذه هي أيضاً وجهة نظر معظم الإيرانيين اليهود في لوس أنجلوس الذين يبلع عددهم حوالي 50 ألف، وهم لا يثقون في الملالي مثلما هو الحال مع عمتي وربما أكثر. أما والدي، وهو ملحد لا يثق في أي شيء يقوله رجل يرتدي عمامة، فقد ذهب إلى قبره وهو ينتظر أن تطيح الولايات المتحدة بالحكومة الإيرانية حتى يتسنى له العودة إلى الوطن. وعندما سألته ما إذا كان يرغب في رؤية طهران وهي تُقصف، قال لي إن الإيرانيين سجناء في بلادهم، وفي بعض الأحيان يحتاج تحطيم السجون إلى قنابل. وبالتأكيد فإن الجيل الأصغر من الإيرانيين الأميركيين الذين ولدوا هنا أو جاؤوا إلى هنا وهم صغار، مثلي، لا يشاركه هذا الرأي. ويشعر الكثير منا أنهم بعيدون عن الاضطراب السياسي والديني للثورة الإيرانية، ولذا، فإن معظمنا قد استبدل غضب آبائنا بمرارة مع شعور بالشوق والانبهار بشأن إيران. وعلى سبيل المثال، فإن شقيقتى الصغرى هي الفرد الوحيد في الأسرة الذي ولد في الولايات المتحدة، ورغم ذلك فهي تتحدث الفارسية أفضل منا، وهي ترتدي الحجاب. وبالنسبة إليها، فإن المفاوضات التي تتم في فيينا ليست بشأن كبح برنامج إيران النووي، ولكنها تمثل الخطوات الأولى لتطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. وإذا كان والدي على قيد الحياة لقال إنها ساذجة وليس لديها أي فكرة عن بشاعة النظام الإيراني ومدى المعاناة التي تسبب فيها، بيد أن هذا هو السبب في أن رأي شقيقتي - والشباب من الإيرانيين الأميركيين - يعد حيوياً جداً. وعلى أي حال، فإن الدبلوماسية الحساسة مثل هذه تتطلب نزاهة. ولا يمكننا تجاهل انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، ولكن إذا أردنا فعل أي شيء حيالها – بدلاً من الشكوى منها - علينا أن ندعم المفاوضات النووية، وأعتقد أن نجاح هذه الدبلوماسية حيال إيران سيمكن المعتدلين فيها، ويعزز المجتمع المدني الإيراني ويحفز التنمية الاقتصادية، كما سيخلق علاقات تجارية مترابطة بين إيران والولايات المتحدة، ما سيحفز قادة إيران على التصرف بشكل مسؤول ومعاقبتهم إن لم يفعلوا. رضا أصلان* *أستاذ بجامعة كارولينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©