الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخزف.. فن يختزن إرث الحضارات القديمة

الخزف.. فن يختزن إرث الحضارات القديمة
7 يوليو 2013 20:06
هلا عراقي (الشارقة) - الخزف ذلك الفن الخالد في ذاكرة المدن العتيقة، يحكي لنا قصة حضارة، قوامه رسالة فنية بلغة بصرية جمالية تحمل لنا في مكنوناتها إرثا حضاريا ينقله الخزف من جيل لآخر، مسجلاً حضوره الراسخ على قائمة الفنون التشكيلية عبر أعمال إبداعية أضافت لذلك الصلصال الصامت لغات تعبيرية واصفا أحداثاً بلغة تشكيلية راقية. ديك مجسم وتعد تجربة الفنان العراقي أوس البحراني من التجارب المتميزة في فن الخزف، فقدم إبداعات فنية اتسمت بالحرفية العالية، فهو يمزج الصلصال بخلاصة تجربة وعشق للفن مما يضفي على أعماله قوة جمالية وبعداً فنياً مختلفاً. كانت بداية البحراني، حسبما يقول، مع فن الخزف عام 1985 عند التحاقه بمعهد التراث الشعبي في بغداد حاملاً بين أحضانه هواية فطرية بالرسم والتخطيط، ولحسن حظه أنه درس لمدة خمس سنوات تم خلالها بناء الطالب حرفيا على يد أمهر الأساتذة أمثال الفنان قاسم حمزة والفنان المرحوم مؤيد نعمة والمرحوم أسطة سلمان، وكانت تلك بمثابة المرحلة الأولى التي تشرب فيها الحرفة الأصلية لفن الخزف. ومن المرحلة الثانية للخامسة تتلمذنا على أيدي فنانين مشهورين على نطاق الفن والخزف إلى أن تخرجت من المعهد بتقدير امتياز لأشق طريقي وأكمل حلمي بين أروقة أكاديمية الفنون الجميلة. وقد شكل المعهد وأكاديمية الفنون البيئة الحاضنة لموهبة ارتقت لمستوى الاحتراف فالمعهد بنى لي الأساس القوي في التعامل مع الطين، والأكاديمية منحتني الرؤية الفنية.. وبين هذا التمازج زادت معرفتي بفن الخزف وأسراره. ولا أزال أذكر باكورة أعمالي الخزفية في عام 1985 وكان عبارة عن ديك مجسم تشجيعاً من أستاذي المرحوم سلمان. الخزف والحضارات ويشير البحراني إلى الخصوصية التي تميز فن الخزف كونه فنا أصيلا، وجزءًا من هويته بجوانبه الثقافية الموروثة، لذا هو فن متنوع في أشكاله غني في مقوماته فهو معروف من قبل 4500 سنة، ومعظم الحضارات كان الخزف فيها المادة الرئيسة في الكتابة حيث كان يتم تدوين الأحداث بألواح الطين. هذا فضلاً عن استخدامه في حياتهم اليومية كأواني للطبخ، ومن أبرز الحضارات التي استخدمت الخزف السومرية والفرعونية حيث كان الاعتماد في هذه الحضارات وبخاصة السومرية بشكل رئيسي على الخزف في مجالات حياتهم المختلفة منها صناعة الأختام وكتابة المدونات، ومن أبرز هذه الأعمال بوابة بابل الموجودة في متحف اللوفر. والخزف بمفهومه الشخصي يراه البحراني حاملاً للفنون التشكيلية الثلاثة يهبك سطحه لتلوين الرسومات على صلصاله ويمنحك إياه تارة لإحالته لمنحوتة رائعة بفن النحت، لذا استطاع الخزف أن يحتضن أكثر من فن تشكيلي. هذا فضلا عن كونه فنا بحد ذاته. وهذه الفنون الثلاثة مجتمعة تثري العمل الفني وتزيده جمالية وقوة، خاصة مع استخدام تقنية التلوين الزيتي على السطح المزجج وهذه التقنية غير منتشرة بكثرة. فن عريق وبالرغم من قدم هذا الفن إلا أنه لم يطو طي النسيان، بل حافظ على مكانته بين الفنون، كما يرى البحراني، فالخزف يمكنك الاحتفاظ به آلاف السنين، لأنه يتعرض إلى درجات حرارة عالية تجعله متماسكاً عبر هذه الأعوام، ويزيده تعاقب السنوات رصانة فتحيله إلى موروث حضاري يتعاقب عليه الأجيال. أما عن مكانته الفنية فقد حافظ عليها كونه فنا عريقا استخدم كأوان من قبل اليابانيين قبل أكثر من 500 سنة وزين الأتراك به قصورهم وتطور شيئاً فشياً إلى أن تحولت النظرة إلى الخزف من حرفة إلى فن من الفنون. وبما أن الخزف تحفة فنية تخضع للمجال العملي أكثر من النظري، حيث يقول البحراني لا نستطيع أن نصف صناعته إلا أننا نستطيع أن نلخصه في ذلك الفن الذي يضم بين حناياه فنوناً ويعد أصعبها كونه يمر بمراحل كثيرة، المرحلة الأولى هي مرحلة «الفخر» والثانية «الزجاج» والثالثة «الطلاءات» المعدنية كالذهب والبلاتين، هذا فضلاً عن تقنيات كثيرة منها تقنية الألوان الزيتية والمائية وغيرها. «حقيبة سفر» عن تطور خصائص العمل الفني الخزفي المعاصر تدخل به دراسة الكتل الفنية والألوان المنسجمة التي تحمل الألوان الزجاجية المطفية، وهذا يرجع للمدرسة الفنية التي ينتمي إليها العمل. ويصف البحراني علاقته بالخزف كعلاقة الجسد بالروح وقد ينظر البعض إلى مراحل الخزف بأنها صعبة إلا أنه يراها غاية في المتعة. فالخزاف الماهر يجب أن يمتلك الإحساس الفني ويواكب الحركة التشكيلية. ويختتم البحراني حديثه بتناول معرضه الذي قد يرى النور نهاية 2014 ويحمل عنوان «حقيبة سفر»، ويسرد من خلاله خروجه من العراق ويتحدث عن الفترة ما بين 1975 و 2014 .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©