الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلام الداخلي والخارجي

7 يوليو 2013 20:09
بعد انعقاد الدورة العاشرة لملتقى الإعلام العربي أواخر شهر مايو الماضي في الكويت تحت عنوان «الإعلام والسلام»، شهدت بيروت في 21 يونيو الماضي إطلاق جمعية تسمى منظمة إعلام للسلام (map)، وقد رأيت في الحدثين وفي هذا الوقت المتقارب للغاية ترابطاً وثيقاً وانعكاسا لحاجة ملحة وسط البحر المتلاطم من الحروب والاضطرابات التي تحيطنا من كل صوب. نعم ثمة حاجة ملحة لاستدعاء السلام، رغم الحساسية والالتباسات التي تحيط بهذه المفردة في منطقتنا التي تجعله مستحيلا في ظل استمرار قضية الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي لوطنه وأرضه وبعضا ًمن مقدساتنا وهويتنا وتاريخنا واستمرار شعورنا بالعجز تجاه هذه القضية. نعم ثمة حاجة ماسة للسلام الداخلي والذاتي على الأقل. هذا عدا عن أن السلام في كل حالاته لا يعني ويجب الا يعني تنازلاّ عن حق وقبولا بالظلم والعدوان، لأنه يتطلب أخلاقيات عالية وقيم إنسانية نحن بأشد الحاجة إليها في نهج وطرق تعاطينا مع بعضنا البعض أولاً. أما إعلام السلام فلا يعني أنه إعلام بارد أو جاف وغير جذاب كما يوحي من الوهلة الأولى. في حفل إطلاق منظمة إعلام للسلام كانت خطابات لأعضاء صحفيين شباب، منهم من تحدث عن كيف حولته صحافة السلام خلال سنة واحدة من مواطن «مشاهد» ينتقد الوضع إلى مواطن «فاعل» يسعى دائما ليجد الحلول المناسبة. أصبحت أعرف ماذا يعني سلام، وإن مسؤوليتنا ليست إلغاء النزاعات، لأن النزاع شيء طبيعي. مهمتنا هي أن نجد بديلا لردود الفعل السلبية أو العدائية». ومنهم من شرح كيف تحوّل مفهوم صحافة السلام لديه إلى قناعة «رسخت قيم الانفتاح والحوار في حياتي وممارسة عملي الصحافي» وقال أنه بتطبيق هذا المفهوم، استطاع اكتشاف «الآخر المختلف» وأقتنع أن الاختلاف غنى ووسيلة للتطور والتقدم. أمّا أهم ما أعجبني في تلك الخطابات الشابة اعتبار أن صحافة السلام مبدأ للعدل وطريقة تفكير بكيفية جعل السلام ممكنا والتعاطي مع النزاعات بطريقة إيجابية وبناءة وأن الدخول في هذه الصحافة يمنح الشعور بالأمل وبطاقة جديدة والابتعاد عن لغة الأضداد، إنها طريقة للارتقاء بالمجتمع والواقع واهتمامات الناس. رغم النظرة التفاؤلية هنا، تعبّر هذه الآمال والاتجاهات في المقلب الآخر عن واقع مرير في أكثر من بلد عربي، بل في الكثير من الدول العربية للأسف. كما أن تحقيق مثل هذه الآمال لن يكون وقفاً على صحافة السلام، هذا إذا انتشرت بما يكفي. بل لا بد من قوى تأثير وتيارات ثقافية قادرة على إحداث هذا التغيير في التفكير وإدارة الخلافات بطريقة بناءة. وقبل ذلك لن يكون بالوسع أن نشهد سلاما داخلياً حقيقياً بين أنفسنا، بل المزيد من التناحر المُعلن والمُبطن، أي المزيد من العجز والهزائم الجاهزة لدرجة لن يكون فيها أي أعداء خارجيون بحاجة لاتفاقات سلام معنا، عادلاً كان أم مذلا. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©