الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

المنشآت الرياضية الوجه الآخر للصدمة

المنشآت الرياضية الوجه الآخر للصدمة
18 ديسمبر 2016 22:45
وتتوالى الصدمات فوق خريطة الحلم الأولمبي في ملاعبنا العربية، فالمنشآت الرياضية بواقعها وحالتها وندرتها وتواضعها تشكل الوجه الآخر لأزمة صناعة البطل. في السودان، توجد 4 مراكز رئيسة تمارس فيها الرياضات الأولمبية بمختلف مسمياتها، من رفع الأثقال إلى الملاكمة والجودو وألعاب القوى، وكرة اليد والسباحة. اثنان منهما عمرهما يتجاوز 40 عاماً، وهما مجمع طلعت فريد، وصالة هاشم ضيف الله، وآخران لم يمر على تأسيسهما عامان، مركز شباب الصحافة 22، والساحة الشعبية في حي الديم. وفي «الخرطوم 2» بمساحة تقترب من 2000 متر، تجد مجمع طلعت فريد الرياضي الذي يعود إنشاؤه لعام 1961، ويضم الكاراتيه والتايكوندو والسلة والملاكمة. أما المجمع الذي كان قبلة للرياضيين حتى ثمانينيات القرن الماضي، فتبدلت حاله للأسوأ واحترقت حلبة الملاكمة، وبقية الصالات لم تتم صيانتها منذ التأسيس. وبالقرب من مقر اتحاد كرة القدم السوداني، توجد صالة هاشم ضيف التي كانت الصالة رقم «1» في السودان منذ تأسيسها في 29 أغسطس 1976، ولكن وزارة الشباب والرياضة قامت بتأجير جزء من مساحة المجمع لإحدى صالات الأفراح. ووصف عبدالرحمن السلاوي نائب رئيس اللجنة الأولمبية السودانية كل المجمعات الرياضية بأنها غير مطابقة للمواصفات الدولية الأولمبية، بما فيها التي تم إنشاؤها أو تحديثها خلال العامين الماضيين. وقال: «هناك بعض الأنشطة مثل الجودو والمصارعة والملاكمة يمكن تنفيذها حسب الشروط الأولمبية، وبعض الصالات ارتفاعها 5 أمتار فقط، حيث لا تصل إلى 9 أمتار المقياس الدولي، وبالنسبة للسباحة لا يوجد حوض مطابق للمواصفات في السودان غير مركزي الشرطة والجيش، السودان فيه مواهب، والدول التي نجحت مثل إثيوبيا وجيبوتي وكينيا ليست أفضل منه، ولكن لا توجد رعاية، كل نجاح هو مجهود شخصي لمن حققه». الدعم الحكومي ومن السودان، لم يختلف الوضع كثيراً في عمان، حيث تعتبر البنية التحتية للرياضة الأردنية متواضعة قياساً ومعظم الملاعب والصالات التدريبية الخاصة برياضات المصارعة والجودو وألعاب القوى إلى جانب حمامات السباحة قديمة، ولم يتم تحديث العديد منها منذ عقود، في حين لم يشهد العقد الأخير بناء العدد الكافي من المقرات الرياضية التي تتواءم مع معايير الاتحادات الدولية. وتعود هشاشة البنية التحتية الأردنية إلى العديد من العوامل، يتقدمها قلة الدعم الحكومي، والتجاوزات المالية التي تنخر عمل مجالس إدارات عدد من الاتحادات الرياضية، ناهيك عن غياب اهتمام الاتحادات نفسها في البحث عن مداخيل جديدة تمكنها من تطوير وتأهيل صالاتها وملاعبها على الشكل الأمثل. كما تعاني المرافق الرياضية في الأردن الازدواجية، فكثير من الصالات تكون مخصصة لألعاب عدة في آن معاً، كصالة قصر الرياضة التي تعتبر إحدى أعرق الصروح الرياضية في الأردن، فيما تبدو صالة رفع الأثقال على سبيل المثال لا الحصر بحاجة إلى الكثير من الخدمات كي تصبح المكان المثالي الذي يتدرب فيه الرباع الأردني، فكثير من اللاعبين باتوا يعتمدون في تدريب أنفسهم على الصالات الخاصة المزودة بأحدث الأجهزة التدريبية. وتوجد في صالة الأمير راشد بمدينة الحسين للشباب صالة تدريب خاصة برياضة التايكواندو، وهي ذاتها تعتبر صالة تدريب لمنتخبات الكاراتيه والجودو، بل وتحتوي الصالة ذاتها على مقار للاتحادات القتالية، مما يوضح مدى الضغط الذي تعانيه هذه الصالة على مدار العام. وتعاني صالة الأمير راشد، رغم الإنجازات التاريخية التي حصدتها رياضة التايكواندو الأردنية، ضعف الإضاءة والتكييف السيئ، فكثير من الجماهير لا تبدي رغبتها في حضور النزلات في ظل غياب التكييف المطلوب عن الصالة خاصة في فصل الصيف، فضلاً عن أن الصالة تشهد في فصل الشتاء تسريباً لمياه الأمطار، إذ سبق أن تعرضت الكثير من نزلات التايكواندو إلى التوقف بسبب تسرب المياه، في المقابل لم يقم المعنيون بمعالجة تلك السلبيات كافة التي ظهرت منذ سنوات طويلة. ويقول محمد غازي رئيس لجنة التنظيم السابق لبطولات الاتحاد الأردني للتايكواندو: «صالة الأمير راشد لا تتسع إلا لـ 300 متفرج، وهي ذات مساحة ضيقة؛ مما يصعب من مهمتنا في تنظيم البطولات فيها، وصالة الأمير راشد هي في الأساس مركز للتدريب وليس لاستضافة البطولات، لكن الحاجة الماسة وضعف البنية التحتية اضطرنا لإقامة الكثير من بطولات الألعاب القتالية الرسمية فيها». ما تعانيه الرياضة الأردنية من صعوبات على صعيد البنية التحتية لم يفت من عضد الرياضيين الأردنيين والذين كانوا وما زالوا يجدون بحثاً عن ثغرة يعبرون منها نحو منصات التتويج الإقليمية والقارية والدولية. كراجات للألعاب القتالية وفي الدار البيضاء، كنا على موعد مع المشكلة نفسها، حيث تصرخ الاتحادات الرياضية في المغرب بأعلى صوتها من نقص كبير في المنشآت الرياضية؛ ولذلك يحتضن المعهد الملكي للشباب والرياضة أغلب الرياضات الأولمبية التي تمارس في المغرب. ويتوافر المركز على مسبح أولمبي، وقاعة مغطاة مخصصة للملاكمة ورياضات فنون الحرب وجناح من 120 سريراً و60 غرفة من صنف درجة ممتازة. وإضافة إلى ذلك، تم تهيئة المركز لاستقبال رياضيي النخبة والأبطال الذين سيتم انتقاؤهم في إطار المشاريع التي يشرف على إنجازها اتحاد ألعاب القوى. وتصل الطاقة الاستيعابية للمركز بعد الإصلاحات إلى نحو 500 سرير، وعدا ذلك توجد في المغرب 50 مسبحاً مغطىً، و163 قاعة للألعاب. كما تم مؤخراً اعتماد مركز دولي للمصارعة، من طرف الاتحاد الدولي للعبة، وتستأثر الرباط والدار البيضاء بحصة الأسد في المنشآت الرياضية، بينما تتراجع كثيراً في المناطق القروية، وتكاد تنعدم فيها الملاعب. وتفتقد الصالات الرياضية أبسط التجهيزات، فالألعاب القتالية تمارس في «كراجات» وليس صالات، بينما تفتقد ملاعب أخرى الصيانة أو التجديد. في حين أن ملاعب التنس والفروسية هي عبارة عن نوادٍ خاصة، مما يحول دون ممارستها من كل فئات المجتمع، بينما لا توجد مراكز وطنية لتدريب وإعداد المنتخبات الوطنية المدرسية، حيث تتراجع حصص الرياضة في المدارس خاصة المرحلة الابتدائية. مزارع دجاج ومن المغرب إلى تونس تتسع مساحة الدهشة فوق الوجوه أمام منشآت رياضية منتهية الصلاحية وصالات مهجورة وأخرى أشبه بـ«مزارع الدجاج»، وقاعة حي الخضراء للملاكمة ملاكمون بلا قفازات وصالة بتجهيزات بالية. ما تشاهده في تونس لا يعكس حجم الإنجازات الأولمبية التي تحققت في دورة لندن 2012، عندما توج أسامة الملولي وحبيبة الغريبي بالذهب، أو البرونزيات الثلاث في ريو دي جانيرو عن طريق إيناس البوبكري ومروة العامري واسأمه الوسلاتي، وتكمن المعضلة الحقيقية أساساً في انعدام الصيانة المطلوبة لمثل هذه القاعات التي تعاني الإهمال بشكل كبير، الأمر الذي دفع إلى إغلاق عددٍ كبير منها، ومن مجموع نحو 60 صالة مخصصة للألعاب الجماعية والفردية، فإن عدداً من هذه القاعات أوصدت أبوابها منذ سنوات، وباتت مهجورة بسبب مشاكل تتعلق بالصيانة والترميم والتحسين. أما أغلب بقية الصالات التي ما زالت تكافح كي تصمد رغم أن حالها أشبه ما يكون بـ «مزرعة الدجاج» بسبب تراكم التراب وتآكل أرضياتها وجدرانها وانعدام الصيانة. وخلال زيارة لصالة حي الخضراء للملاكمة في أحد الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة تونس كانت أشبه بـ «بيت الأشباح» لا يوجد فيها الحد الأدنى لممارسة الملاكمة، رغم أنها ولسنوات طويلة قدمت لتونس مواهب رائعة مازال عشاق أبناء المنطقة يتذكرونهم بالاسم أمثال، الصادق عمران والطاهر بلحسن ومنجي الهذيلي ومحرز الجبالي. تلك نماذج لبعض الدول العربية، وبقية الدول ليست أفضل حالاً، ولكن هل مثل هذه الملاعب والمنشآت الرياضية يمكن أن تساهم في صناعة حلمنا الأولمبي؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©