الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يلَلا ينام مرجان تخترق التكنولوجيا بحكايات ألف ليلة وليلة

يلَلا ينام مرجان تخترق التكنولوجيا بحكايات ألف ليلة وليلة
18 فبراير 2009 22:54
المزج بين العنصر البشري (الممثلون) والعرائس، هو أهم ما في مسرحية ''يللا ينام مرجان'' التي قدمتها ''فرقة مسرح الدمى اللبناني'' التابعة لجمعية خيال مؤخرا لجمهور الأطفال على مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج· وقد استمد المخرج كريم دكروب فكرة المسرحية من أجواء ألف ليلة وليلة، وشخص أدوارها كل من: جاد حكواتي، فؤاد يمين، سلوى حبشي، كاترين دكروب في دور شهرزاد أميرة الحكايات، في إطار ما يمكن تسميته بـ ''مسرح العرض''· لكن في تقديري أن موضوع المسرحية والذي تابعه جمهور متنوع في مهرجان أفنيون بفرنسا، ومهرجان بورصة في تركيا، ومهرجان القاهرة للتلفزيون، ومهرجان ربيع الثقافة بالبحرين، والعديد من الأقطار العربية والأوروبية يصلح أيضا للكبار لان الفكرة تحتوي على مضمون خطير جدا، حيث أن العالم المعاصر يريد عبر التكنولوجيا القفز الى عوالم وأزمان أخرى بسرعة غير منطقية وتناهض الطبيعة، مما كان سببا فيما نراه من أزمة الإنسان المعاصر وتلك ''الخربطة'' و''التغريب'' اللذين يعيشهما تحت وطأة عالم تسوده متناقضات عديدة· وهذا ما حدث فعليا للطفل الأمير مرجان ابن سلطان الزمان الذي أراد أن يقفز على مراحل عمره، مما شكل له أزمة ظل يعاني منها لفترة طويلة وتحديدا قبيل نهاية المسرحية بمشهد واحد، حتى حضرت ''شهرزاد'' أميرة الحكايات الى القصر، لتبدأ معه سلسلة من الحكايات تأخذه من خلالها الى عوالم جديدة يتعرف من خلالها على حياة الناس في المدن والقرى والممالك البعيدة، ويقترب منهم بدهشة الأطفال الحقيقيون، لتصل به في النهاية الى نوم عميق يكتشف معه: كم هو مهم أن يستمتع الإنسان بكل مرحلة من مراحل حياته وبخاصة مرحلة الطفولة، وأن القفز خارج سباق الطبيعة مثل أن يغرد الإنسان وحده خارج السرب· هذا الى جانب توعية الجمهور بأهمية الاعتماد على النفس وتعلم مفهوم اكتشاف الحياة والعالم من خلال التجربة الحية لا من خلال الخيال، بعد أن وقع كاتب النص على قطعة فريدة من التراث الذي يصلح دائما لمسرحيات عربية أصيلة ومتفردة· هذه هي تقريبا المعطيات الأساسية لهذا العرض الذي قدم بهوية شرقية سواء على مستوى الحوار أو الأغنيات والأزياء والموسيقى وغيرها من المهمات المسرحية مثل استخدام الراوي والأقنعة وسرعة تغيير المناظر من خلال القطع الديكورية المتحركة، واعتماد عنصر ''التغريب'' في توالي الأحداث السريعة حيث عمد الإخراج الى إظهار الممثلين وهم يرتدون وجوه العرائس مع اختفاء واضح لبرامج الماريونيت ''عرائس الخيوط'' التقليدية، بالإضافة الى أن كل ممثل لعب أكثر من خمسة أدوار للسيطرة على اتساع رقعة الأحداث وتحقيق أمثل للتعبيرية في تحديد المشاهد، فأصبحنا أمام عرض حافل بالمشهدية البصرية، من جانب استخدام مثالي لبقع ودوائر الإضاءة التي كانت تركز على الممثل والدمية من خلال استخدام تكنيك المسرح الأسود، وإحداث تنويعات من المشاهد الغنية بالحركة والرقص والكوميديا والغناء والاستعراض بما يحقق جذبا للفئات العمرية الصغيرة وهي المستهدف في هذا العرض السحري على كافة المستويات وبخاصة المنطق الدرامي المبني على عروسة وممثل يلعبان في دائرة ''التشخيص''، حينما كان يتحول الممثل بسرعة الى راوية أو جندي أو امرأة، وتتحول العروسة كذلك الى ممكنات وشخصيات تتحاور في إطار جاذب للمدرك البصري، ولعل ذلك أهم ما في الخطة الإخراجية القائمة على كيفية إدخال الجمهور في حالات العرض من خلال كسر الإيهام التمثيلي الذي نجح في تحقيق فكرة المسرح الشامل· يمكن اعتبار ''السينوغرافيا'' هي بطلة هذا العرض الرشيق بلا منازع، وبخاصة عناصر الإضاءة واستخدامها بكفاءة عالية أسهمت في تحقيق مناظر متنوعة وعالية القيمة، هذا الى جانب حركة الممثلين المتسقة تماما مع تطور الأحداث، ومشاهد هذا العرض يعجب لكيفية نجاح المخرج في تحريك أكثر من خمس وثلاثين دمية، ومجموعة كبيرة من الممثلين الرئيسيين والمجاميع الى جانب الأصوات المسجلة كل ذلك في إيقاع واحد لم يتغير طوال ستين دقيقة هي مدة المسرحية التي قدمت باستضافة من نادي تراث الإمارات وشهدها جمهور زاد عن 3000 شخص من الأطفال والعائلات التي وجدت فكرة المسرحية فرصة لتعليم أطفالهم معان ودلالات كثيرة وبخاصة الروح الطفولية المرحة المليئة بحب الابتكار والبحث· يصعب التحدث عن المجال التمثيلي ذلك أنه لا توجد بطولة واضحة للشخصيات كون العرض يقوم على فكرة المزج بين الممثل والدمية، كذلك التركيز على المشهدية البصرية وجمال المنظر وإجادة تحريك المجاميع في المشاهد ذات الطابع الاحتفالي، لكن أداء كاترين دكروب لشخصية شهرزاد كان واضحا على مستوى التنقل الصوتي والنغمات والحركة، والاقتراب كثيرا من جمهور الأطفال بخفة الحركة واللياقة والمهارة في التعامل مع مرجان بصورة أخذت الأطفال بعيدا الى حكايات ألف ليلة وليلة وأجوائها الأسطورية بما في ذلك الخيال البديع الذي تم رسمه من خلال مناظر موحية بتلك الأجواء المحببة حتى الى الكبار، مستذكرين أن العديد من الأعمال الدرامية العربية استلهمت من هذه الحكايات الكثير من الأعمال الفنية· عرض ''يللا ينام مرجان'' جدير بالاحترام كونه حافظ على البيئة الشرقية والجانب المحلي في تعليم الأطفال العديد من القيم السامية، كذلك تمرده على بعض الأشكال التقليدية في مسرح الأطفال سواء من حيث مضمون مسرحياته أو من خلال أشكاله وتركيباته وحسن استخدام المهمات المسرحية والارتفاع عن أجواء الاستخفاف بعقلية الأطفال· إن فكرة المسرحية في مزجها بين التراث وبين الحياة المعاصرة، لا شك في أنها فكرة جريئة وجيدة خاصة وأنها جاءت من مسرح الطفل العريق في لبنان بما يعرف عنه من تاريخ ومواصفات تستثمر كل ما في عناصر المسرح الغنائي من ممكنات جاذبة وممتعة وهادفة! حكايتنا حكاية في غزة سما حسن تسمرت الطفلة ديما الصالحي أمام مشاهد مسرحية ''حكايتنا حكاية''، مبتسمة تارة، وشاردة تارة أخرى، وكأنها تبحث عن طفولتها الضائعة وسط ما كان يجري في غزة قبل الهجمة الأخيرة· فكرة المسرح المتنقل التي تابعت إحدى عروضها الطفلة ديما ونفذتها مؤسسة بسمة للثقافة والفنون، لاقت إعجاب وإقبال الأطفال والكبار، في وقت تنعدم فيه وسائل الترفية في قطاع غزة· وأوضحت الطفلة التي لم تكمل بعد ربيعها العاشر، أنها تتابع فعاليات الترفيه في مدينتها رفح جنوب قطاع غزة، فقط عبر التلفاز، وتنتظر بشغف أي فعاليات مدرسية لتشارك فيها، مشيرة ببراءة إلى أنها لا تدرك من طفولتها سوى المدرسة والبيت· وكانت مؤسسة بسمة للثقافة والفنون، نفذت ما يزيد عن 45 مشروعاً في جميع مناطق قطاع غزة، تضمنت جميعها عروضاً مسرحية ومهرجانات طفولية، سلطت من خلالها الضوء على العديد من القضايا التي تهم مختلف شرائح المجتمع، وطرحها ومناقشتها بطريقة غير تقليدية، من خلال دمج التوعية والتثقيف بالترفيه، لتفعيل المشاركين وزيادة إقبالهم ومشاركتهم في الأنشطة، باعتبار المسرح وسيلة تربوية ناجعة لتوصيل المفاهيم ورفع درجة الوعي لدى الجمهور· وأبدى الطفل محمد عبدالله 11 عاماً إعجابه ببراءة وطفولة بالعرض المسرحي، وامتزاج الترفيه بالوعي والثقافة والتعليم، مؤكداً أن التعليم من خلال وسائل الترفيه يستقر في كيان الطفل ويجعله لا ينسى ويطبق ما يتعلمه عملياً· وأشار الطفل المتفوق في دراسته ويحصل على نسبة 93%، إلى أن غالبية أماكن الترفيه في غزة عادية ومملة وغير متجددة، مطالباً بتنظيم المزيد من وسائل التعليم والتوعية عبر المسرحية والأغنية والمهرجان· وبلغت العروض المسرحية المتنقلة التي نفذتها مؤسسة بسمة 20 عرضاً مسرحياً بعنوان ''حكايتنا حكاية''، وذلك ضمن مشروع ''تعزيز الحوار والتسامح بين الشباب في قطاع غزة''، الممول من ''مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط''، وإشراف ''مؤسسة الإبداع الدولية'' واستهدفت خلاله طالبات وطلاب المدارس الإعدادية التابعة لوكالة غوث اللاجئين في قطاع غزة· وأوضح ناهض حنونة مدير عام الجمعية، أن كل عرض يليه إجراء ورشة عمل تتضمن إعادة تمثيل بعض القضايا التي تناولتها المسرحية، أو قضايا جديدة حسب رؤية الطلاب أنفسهم، ويلي ذلك إجراء مناقشة وحوار مع الطلاب والطالبات· ولفت إلى تنفيذ ثلاثة عروض مسرحية، في مدرسة بنات الشاطئ الإعدادية ''ج'' ومدرسة بنات النصيرات ''ب''، ومدرسة بنات البريج الإعدادية ''أ''، حيث لاقت استحساناً من قبل الطالبات والمعلمات وإدارة المدرسة· وحول حجم الاستفادة التي شعر بها الأطفال بعد العروض الترفيهية وورش العمل والنقاشات التي ينفذها عادة شبان مدربون يرتدون زي مهرج، قريب إلى نفوس الأطفال، أكدت الطفلة لينا صايمة 13 عاماً، أن المعلومات التربوية والسلوكيات التي تناولتها العروض وركز عليها المهرجون بطرق ترفيهية، لاقت تصفيقاً وتهليلاً من الأطفال، مؤكدة أن ترديد الهتافات سوياً حول السلوك الصحيح والمعلومة السليمة، أكد مدى اهتمام الطفل بوسائل الترفيه والتعليم التربوي الترفيهي· واستهدفت العروض المسرحية 5000 مشارك ومشاركة في جميع مناطق قطاع غزة، ومن المتوقع أن يتم عقد 20 عرضاً مسرحياً وورشة عمل خلال الشهر الجاري وبداية الشهر القادم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©