الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم والأولويات الأربع

10 فبراير 2008 01:32
نعيش اليوم في عالم يضم 194 بلدا، وأكثر من 6 مليارات نسمة، وما يزيد عن 6900 لغة؛ وكثيرا ما يُطرح علينا السؤال بخصوص أي نوع من التعليم يمكن أن يُعد الطالب للعيش على هذا الكوكب؛ فما هي الوسائل التي يحتاجها الناس حتى يصبحوا مهندسي حياتهم؟ في عالم تراتبي وتنافسي جدا لا يؤمن سوى بالاختبارات والنتائج التي يمكن قياسها؛ أود أن أقترح أربع أولويات للتعليم يصعب قياسها ويسهل تجاهلها، غير أنها بالغة الأهمية وفي متناولنا جميعا· لقد توصلتُ إلى خلاصة بفضل عملي كموسيقي، وأول أولوياتي تكمن في هدف مشترك يقتسمه الموسيقيون والمعلمون، ألا وهو أن يجعلوا نقل المحتوى، شيئا قابلا للتذكر يصعب نسيانه؛ وحين أتحدث عن قابلية التذكر، فإنني أقصد بذلك أن تترك تجربةُ المستمعين والطلبة في الموسيقى أو المواد الدراسية أثرها عليهم بحيث يظل المحتوى نشطا وقابلا للتذكر في أذهانهم، بل ويمكن أن يتطور ويرتبط بالتجارب المستقبلية، والأكيد أنه ستكون لكل منا قصصه، ولكنني واثق من أن كل واحد منا يستطيع أن يتذكر معلما غيَّر تشجيعُه وإلهامه حياتنا· يصبح المحتوى القابل للتذكر عنصرا رئيسيا في الأولوية الثانية: التعليم الذي يحركه العشق؛ ذلك أن التعليم الذي يحركه العشق يوقظنا لعالم أكبر من ذواتنا ويصيبنا بحب الاستطلاع· فيصبح التعلم مكتفياً ذاتياً لأنه يتحول من ضرورة إلى رغبة· ويعد تعليم الطلبة الذين يحركهم العشق متعةً حقيقية، تماما مثلما أن المعلمين الذين يحركهم العشق لا يبخلون باقتسام معارفهم؛ بل إن التعليم يصبح تعلما والعكس صحيح، كما أن التعليم الذي يحركه العشق يحرر الطلبة ويمنحهم الثقة في النفس لاكتشاف أنفسهم كأفراد ومعرفة موقعهم في العالم· أما الأولوية الثالثة التي أود الإشارة إليها هنا، فهي تطوير مخيلة منضبطة؛ فالمخيلة تنهل من ذكائنا وحواسنا وتجاربنا وحدسنا لتصور سيناريوهات ممكنة، وعبر المخيلة، نستطيع تجاوز واقعنا الحالي المحلي وتصور المستقبل البعيد· وتسمح لنا المخيلة بالتفكير ليس في الوسائل التي يحتاجها الناس اليوم فحسب، وإنما أيضا في الوسائل التي سيحتاجها أولادنا للمساهمة في العالم الذي سيشتركون فيه، وبالتالي، فإن المخيلة هي بمثابة المحرك القوي الذي يحرك الفنون والعلوم ويقويها، وهو مورد متوفر للجميع· تقودني المخيلة المنضبطة إلى الأولوية الأخيرة، ألا وهي ميزة التفهم؛ أن تكون قادرا على وضع نفسك في مكان شخص آخر بدون أحكام مسبقة أمرٌ في غاية الأهمية؛ والتفهم يحدث عندما تفهم شيئا ما فهما عميقا، فيمكنك بالتالي أن تقوم بتواصل غير متوقع، وهذه المقارنات تقربك من أشياء كانت ستبدو في أحوال أخرى بعيدة، وهكذا، فإن التفهم في عالمنا المعاصر، عالم التخصص والتقسيم والعدد الهائل من المسؤوليات، يعد الميزة الأساسية التي تعترف بهويتنا باعتبارنا أفراد العائلة البشرية· من المهم جدا في عالمنا المعقد أن تتوفر للمعلمين الوسائل التي تساعد الطلبة على فهم ليس حياتهم الخاصة فحسب، وإنما أوسع الآفاق الممكنة أيضا، والواقع أن من شأن تعليم يشتمل على الأولويات الأربع المتمثلة في جعل المواد قابلة للتذكر، وتشجيع التعلم الذي يحركه العشق، وتطوير مخيلة منضبطة، وتربية حس التفهم، أن ينتج مواطنين يشاركون مشاركة فعلية في تشكيل معالم مستقبلٍ سنكون جميعا معتزين به· موسيقار أميركي من أصل صيني وسفير الأمم المتحدة للسلام في 2006 ينشر بترتيب خاص مع خدمة تريبيون ميديا سيرفيسز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©