السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العاصمة الكونية

18 يناير 2011 20:19
نزلت في فندق يطل على الشارع الثاني والأربعين في منهاتن قريباً من مقر الأمم المتحدة، في نيويورك، عاصمة العالم الكونية. قضيت يوماً كاملاً في السفر إلى هذه المدينة التي تعتبر أكبر المدن الأميركية بسكانها البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة، والمعروفة بأشياء كثيرة من أهمها ميدانها الشهير تايمز سكوير، ومسارحها الفنية التي يصل عددها إلى اثنين وأربعين مسرحاً والتي يشغل كثير منها شارع برادواي الشهير، الأمر الذي أغواني بحضور إحدى مسرحياته الغنائية، كان المسرح يغص بالجمهور الشاب، وكانت المسرحية تدور حول تضحية شباب أميركا دائماً بأرواحهم ما أن يطلب منهم ذلك، تاركين ملذاتهم وشهواتهم وعائلاتهم من أجل حروب بلادهم البعيدة جداً عن الوطن، هذه الحروب التي تقول بلادهم إنها حروب للدفاع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، وقد يذهب خيرة من الشباب ضحايا وشهداء من أجل تلك الحروب وبعض ممن لم يقتل في الحرب يقضي في الحانات الرخيصة في فيتنام، والفلبين وكوريا، ثم في أفغانستان والعراق، وتنتهي المسرحية بدعوة جديدة للحرب! ووجدتني أشرد بذهني متسائلاً ترى أين ستكون جبهة الحرب القادمة، ألن تتعلم شعوب العالم درساً من الشعب التونسي فيستغني العالم عن الحروب الأميركية التي تدعي أنها من أجل الحرية والديمقراطية! لم أجد جواباً ومشيت باتجاه البحر، فعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي ازور فيها نيويورك غير أن القادم إلى نيويورك لابد أن يزور مكان برجي التجارة العالمي أو ما يطلق عليه «جراوند زيرو» فالمكان تحول اليوم إلى مزار سياحي وانتفض ليخرج من بين الركام والتراب برج زجاجي جديد سمي برج الحرية يعتبر تحفة هندسية كتب عنها أنها ترمز للحرية وبه مركز تجاري وأماكن للترفيه ومقبرة تذكارية للقتلى والمفقودين في إرهاب الحادي عشر من سبتمبر. حول سياج ورشة البناء علقت قوائم القتلى وصور الدمار التي حدثت في ذلك اليوم المشؤوم وصور أهالي نيويورك الفارين المفزوعين وقد غطاهم الرماد والغبار والدخان. ولذلك فإن رجال الإطفاء تحولوا هنا إلى أبطال منذ أحداث سبتمبر المأساوية وترى كثيراً من السكان والسياح يتوقفون لأخذ الصور التذكارية معهم وهم يقفون بكامل عدتهم أمام سياراتهم التي غالبا ما تكون متوقفة في شوارع المدينة استعداداً لأي طارئ. لكن صخب المدينة ظل يطاردني فهي مدينة لا تنام ويزيدها صخباً صوت سيارات الشرطة التي تطارد المجرمين أو تتسابق إلى مكان حادث ما، وهي تتناوب مع حركة السيارات التي لا تتوقف طوال اليوم على إيقاظي في منتصف الليل من نومي في الغرفة الصغيرة المطلة على الشارع الرئيسي. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©