السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محاضرة ترصد جماليات الكثرة والحجلة في كتاب عن العيالة الإماراتية

محاضرة ترصد جماليات الكثرة والحجلة في كتاب عن العيالة الإماراتية
7 يوليو 2013 22:51
جهاد هديب (دبي)- على مدى نصف ساعة قدّمت فرقة جمعية دبي للفنون الشعبية رقصة العيالة، حيث اصطف الراقصون في صفّين متراصين طوليا بدءا من مقدمة المسرح وحتى العمق وتوسطتهما فرقة من قارعي الطبول والطيران ثم انهال الغناء من أحد الصفوف ليتم إعادة قوله وترديده من الصف المقابل، في الوقت الذي كان فيه راقص من كبار السن يتجول بعصاه بين الصفين كما لو أنه يضبط للكلام إيقاعا في حين تنوعت أعمار الرجال في الصفين ما بين الشباب ومراحل أخرى أكثر تقدما. وكان الإيقاع، هو اللافت في العرض حتى للذي لا يتمكن من إدراك مرامي الكلام تماما، فهو يعلو ويهبط وفقا لتشكيل جسدي وبصري يبدو للناظر كما لو أنه محكوم لحالة نفسية بعينها تمور في داخل كل راقص على حدا، أيضا هي تعلو وتهبط كأنها موج الرمل على سطح الصحراء بحيث كما لو أن البيئة بكل ما فيها من تقشف هي التي تمنح الرقص إيقاعها الجمعي هذا. بهذا العرض من رقصة العيالة بدأت مساء أمس الأول محاضرة في دبي بعنوان “قراءة في كتاب الكثرة والحجلة في العيالة الإماراتية” للباحث الدكتور سعيد الحداد الصادر العام 2006 عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وقدمها الإعلامي والكاتب الصحفي الفلسطيني خالد البشير والتي نظمها مركز ديرة الثقافي بالتعاون مع جمعية دبي للفنون الشعبية، على خشبة مسرح دبي الشعبي وبحضور المؤلف وأعضاء الجمعية والمسرح. وبدأت المحاضرة بكلمة للمخرج والمؤلف المسرحي عمر غباش تحدث فيها عن دور التراث الشعبي في تشكيل هوية أي شعب من الشعوب مؤكدا أن اهتمام المركز والجمعية ينصب على التركيز على إبراز التراث الشعبي الإماراتي بما يؤكد العمق العربي للهوية الوطنية الإماراتية. وفي مستهل محاضرته اعتبر الإعلامي خالد البشير العيالة فناً عربياً أصيلاً و”الأكثر تعبيراً عن حياة البادية العربية بكل ما تحمله من ماض مشرف وفروسية وبطولات ويأتي تأكيدا على أهمية التراث الفني الشعبي ودوره في التأريخ لحياة الناس في هذه البادية بما يحمله من مضامين فنية وثقافية واجتماعية وحتى سياسية باعتباره الفن الناقل وبكل مصداقية لحركة التاريخ بكل انتصاراته وإحباطاته”. وعبر رصده للعلامات الفارقة في الجهد البحثي الذي قدمه الدكتور الحداد في بحثه “الكثرة والحجلة في العيالة الإماراتية” برز العديد من النقاط التي توصل إليها الباحث ولا يخلو البحث فيها من بعض سمات البحث الأنثروبولوجي – الاجتماعي التي كانت تحتاج إلى تعميق أكثر وأدوات منهجية ذات صلة أعمق بهذا النوع من الأبحاث. ومن بين هذه النقاط التي أبرزها البشير مصطلح “الكثرة” لدى الدكتور الحداد، إذ تتبع أصول هذه الكلمة ومعانيها وكذلك أهميتها بالنسبة للعيالة والغاية منها، فيعيد الدكتور سعيد أصول الكثرة في العيالة إلى التقاليد العسكرية التي يُعتقد بأنها انحدرت منها حيث إن قوام العيالة وأساسها هو في كثرة الرجال والفرسان الراقصين، كما رأى أن الكثرة “شكل عصب الحياة العسكرية ومن عوائدها على العيالة: الاستحكام والتحكم، والسيادة أو بسط السيادة” بما يعني أن “العيالة الإماراتية تعكس حضور وهيبة ووقار الجيش الكبير”. أيضا تطرق البشير إلى ميزة أخرى للكثرة في العيالة تجعلها متميزة عن سواها من أنواع الرقص الشعبي في الإمارات والخليج، حيث ينقل عن المؤلف بأن هذه الكثرة تمنح العيالة ميزة “الكمال والجمال”، حيث يعلق البشير على ذلك بالقول “الكثرة في العيالة لم ترث الانبهار أو الإبهار من فراغ، إنما ورثته من منطلق الثوابت العسكرية التي انطلقت منها وورثتها”. الأثر أما في ما يتصل بالأثر الذي تتركه العيالة على الراقصين أنفسهم في لحظات تأديتها فيتجسد هذا الأثر في “التفوق والتميز في الأداء”، وكذلك “التشويق والمتعة التي تحققها العيالة كعمل متكامل للمشاركين والحضور على حدٍّ سواء حيث التواصل وحتى المشاركة من الحضور هو عامل مهم من عوامل النجاح”. وتقريبا بالروح ذاتها، يقدم البشير عرضا لمجمل النقاط التي سعى الدكتور الحداد إلى إبرازها عند حديثه في النصف الثاني من الكتاب عن الحجلة أو “اليولة” ليستمدّ من ذلك مدخلا خاصا للحديث عن جماليات “التشكيل الحركي الداخلي والأدوات المستخدمة في الاستعراض وطريقة الاستخدام والتحكم وسواها، من تلك التفاصيل التي لا ينتبه إليها إلا مَنْ يُدرك الروح التي تأسست عليها العيالة. مأخذ غير أن البشير أخذ على الدكتور سعيد الحداد من مثل عدم تعرضه لمكونات أخرى في فن العيالة من بينها القصائد أو الأناشيد المرافقة للرقص باعتبارها “أحد أهم المكوّنات التي تحدد حركة الجموع وما يرافقها من إيقاعات” وكذلك ما يُعرف بـ “النعاشات” ومشاركة المرأة البدوية وأهمية هذه المشاركة التي لم تأت عبثا”. تاليا تحدث الدكتور سعيد الحداد عن الكتاب الذي بدأ عبارة عن تأملات خاصة في فن العيالة مع بداية التسعينات ثم تطوره حتى أصبح كتابا في الكثرة والحجلة في العيالة كاشفا النقاب عن أنه ما تزال هناك أبحاث أخرى في الحقل نفسه أنجزها ولم ينشرها في كتاب حتى الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©