الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رؤى وأدوات جديدة فوق خشبة واحدة

رؤى وأدوات جديدة فوق خشبة واحدة
6 أكتوبر 2010 20:51
في أجواء من الحميمية والفرح، وفضاء مفتوح للقاءات حارة بين مبدعي العمل المسرحي وجماهيره والمهتمين به، وأجيال من المسرحيين، ووسط اهتمام كبير من أطراف الحركة المسرحية ووسائل الإعلام، تستمر في مقر ندوة الثقافة والعلوم في دبي، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان المسرح الشبابي، مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي انطلق مطلع أكتوبر الجاري ويختتم في العاشر منه، بعروضه ونقاشاته وندواته، لتصنع حدثا ثقافيا فنيا بامتياز، ولنكتشف عددا من الطاقات الفنية في مجالات عدة. وعاما بعد عام، ودورة في أثر دورة، يأخذ “مهرجان دبي لمسرح الشباب” في ترسيخ حضوره بوصفه واحدا من الأنشطة المسرحية في الدولة، كما يعتبر المهرجان إحدى أبرز المبادرات الثقافية الفنية التي أطلقتها هيئة دبي للثقافة والفنون في العام 2007 بهدف المحافظة على تقاليد المسرح الأصيل ونشر إبداعاته، فمنذ دورته الأولى شهد المهرجان مشاركات فاعلة وشاملة من قبل المسارح في الإمارات كافة. شهد المهرجان خلال دوراته السابقة تطورا ملحوظا في مستوى الطاقات الإبداعية والخامات الفنية التي يكشف عنها، ويمكن أن نرى ذلك عبر متابعة هؤلاء القادمين الجدد إلى عالم المسرح، ومستوى مشاركاتهم وحجم هذه المشاركات محليا وعربيا، حيث استطاع عدد من الفائزين بجوائز المهرجان عرض أعمالهم في مصر، وفي مهرجان أصيلة وغيره، ونال المشاركون في مختلف دورات المهرجان اهتماماً كبيراً من قبل القطاع المسرحي وتمتعوا بفرص متنوعة للمضي قدماً في تقديم إبداعات جديدة والمضي قدماً نحو حياة مهنية ناجحة. مهرجان لمسرح الشباب هو خطوة لبناء جيل جديد من الفنانين العاملين في الحقل، ليجددوا دماء المسرح المحلي في جوانبه كافة، على مستوى التقنيات كما على صعيد الموضوعات، ولعل أبرز ما يميز هذا المهرجان هو القضايا التي يتناولها الفنانون في أعمالهم، حيث تحضر قضايا الجيل الشاب وهمومه على نحو بارز، فالفنانون الشباب هم الأقدر على تقديم رؤيتهم لهذه القضايا، وما يمكن أن يقدم لها من حلول عبر أسئلة الفن الصعبة. المسرح بالنسبة إلى كثيرين هو شكل فني يتطلب دعما كبيرا، ومن هذا المنظور يجري النظر إلى المهرجان، فمدير المشاريع والفعاليات في “هيئة دبي للثقافة والفنون” سالم باليوحة ينظر إلى المسرح “بوصفه من أهم أشكال التعبير الفني، ويلعب المسرح دوراً محورياً في تسليط الضوء على الواقع الاجتماعي وتطلعات الإنسان، وهو ما يتجلى في المسرحيات المشاركة في دورة هذا العام من المهرجان. ونحن على ثقة من أن هذه الأعمال ستقدم صورة متكاملة حول رؤية الشباب العربي لأحوال المجتمع في المرحلة الراهنة. وتناقش بعض المسرحيات العلاقات الإنسانية، في حين تتناول أعمال أخرى نظرة المبدعين العرب الشباب حول أهم الأحداث التي تدور في العالم اليوم”. ويقول عن وضع المسرح الإماراتي اليوم: تشهد الحركة المسرحية في الإمارات اليوم نشاطاً كبيراً ونمواً وتطوراً كبيرين مقارنة بالأعوام الماضية، بفضل أعمال متميزة تقدمها نخبة من كبار المبدعين المسرحيين الرواد والشباب أيضاً. وتشكل جميع العروض المشاركة في “مهرجان دبي لمسرح الشباب” شهادة تؤكد مدى تميز المواهب الشابة في الدولة وقدرتها على تقديم أعمال مسرحية قيمة ومشرِّفة”. طموحات ومحفزات يهدف المهرجان ـ كما نقرأ في أدبياته ـ إلى تسليط الضوء على إبداعات الفرق المسرحية المتواجدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوفير منطلق للتعريف بمواهب وإمكانات الممثلين والمخرجين والمؤلفين ومصممي الديكور والمنتجين وخبراء الماكياج ومهندسي الصوت والعروض البصرية والإضاءة ومصممي الأزياء. ويبدو ذلك جليا من خلال جانبين: الأول يتمثل في ورشات العمل المتخصصة التي تقام في إطار المهرجان، ويشارك فيها خبراء ومتخصصون في شؤون العمل المسرحي كلها، حيث يجري تناول هذه الشؤون في جلسات تعالج كل منها جانبا من جوانب العمل. والجانب الثاني يظهر من خلال الجوائز التي يخصصها المهرجان لدفع التنافس بين المشاركين، حيث تشمل الجوائز عناصر العمل المسرحي كلها، فهو يقدم جوائزه لأفضل عمل مسرحي، وأفضل إخراج، وأفضل تأليف، وأفضل ممثل وممثلة في دور أول، وأفضل ممثل وممثلة في دور ثان، وأفضل جهد متميز من غير أبناء الدولة، وافضل إضاءة، وأفضل مؤثرات صوتية وموسيقية، وأفضل ديكور، وأفضل أزياء، وأفضل ماكياج. وقد ضمت لجنة التحكيم لهذا العام كلا من جمال مطر (رئيسا) إبراهيم سالم وخليفة التخلوفة وباسمة يونس ويحيى الحاج (مقررا). وينظر رعاة المهرجان إليه بوصفه نقطة يلتقي فيها المسرح المحلي الشاب مع الهموم المحلية والعربية والإنسانية عموما، ويقول المنظمون إن المسرحيات المشاركة في المهرجان تستقي مواضيعها من واقع الحياة المعاصرة في الإمارات، وتتجلى فيها رؤية الفنانين الشباب وتطلعاتهم وطموحاتهم، بحيث تكون المعلومات والأفكار والتقنيات التي يقدمها الشباب قادرة على الإسهام بدور هام في تطوير قطاع المسرح في الإمارات، وتفعيل دور دبي في إرساء ثقافة جديدة تحتفي بالفنون المسرحية وتشجع على إبداع أعمال مهمة. ويظل أمام هيئة دبي للثقافة والفنون أهداف أساسية تريد تحقيقها من وراء تنظيم هذا المهرجان، وهي تحددها في أربعة “أهداف استراتيجية هي: رفع مستوى الوعي الثقافي، وتطوير نظم الهيكلية وأطر العمل المناسبة ووضع السياسات والاستراتيجيات الملائمة لقطاع الثقافة والتراث والفنون، واكتشاف وتطوير ودعم المواهب المحلية والتعاون مع المؤسسات الثقافة الرائدة لإقامة أنشطة ثقافية عالية الجودة، وتطوير بنية تحتية تسهم في دعم النمو الثقافي”. المهرجان الذي يتضمن هذا العام عرض 8 مسرحيات، يتضمن أيضا ندوات فكرية متخصصة وندوات تطبيقية لمناقشة العروض، إضافة إلى ورش عمل متخصصة تغطي مراحل إنتاج العمل المسرحي كافة بدءاً من كتابة النص وانتهاءً بتأدية العرض أمام الجمهور، وذلك بإدارة خبراء متخصصين لمناقشة مواضيع عديدة منها كتابة النص المسرحي، ودور المرأة في المسرح، وتوظيف التقنيات الحديثة في خدمة العمل المسرحي. وتعتبر كل من مؤسسة دبي للإعلام وبنك دبي التجاري رعاة الجوائز في هذا الحدث المسرحي. وفي برنامج المهرجان تكريم الفنانة موزة المزروعي، حيث ستقدم جائزة الشخصية المسرحية للعام لهذه الفنانة والممثلة المسرحية التي أسهمت في تغيير وجه المسرح الوطني ومهدت بإبداعاتها الطريق أمام ظهور العديد من الممثلات الإماراتيات المتميزات، ولعبت دوراً حيوياً في تفعيل مشاركة المرأة في بناء المشهد المسرحي وتشجيع الممثلات الشابات على الاقتداء بها وتوظيف مواهبهن وإمكاناتهن في أعمال فنية راقية، لكونها أول ممثلة إماراتية تقف على خشبة المسرح. ولطالما قوبلت أعمالها بالتقدير النقدي والفني، نظراً لملكاتها التمثيلية الاستثنائية وأدائها الذي يترك في النفوس أثراً لا ينسى. كما اشتهرت موزة المزروعي بمساهماتها الرائدة في السينما الإماراتية، ولا سيما في فيلم “حنين” الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي 2006. تجارب وعناوين العروض التي يشتمل عليها المهرجان هي: “السرداب” لمسرح دبي الاهلي تأليف: عبدالله صالح إخراج: محمد أهلي، “المغني” من تأليف عمر غباش وإخراج شيخة الحوسني وإنتاج مسرح أبو ظبي، و”العاصفة” لمسرح الشباب للفنون من تأليف حميد فارس وإخراج حسن يوسف، و”سيدة اللوحات” تقدمها جمعية عجمان للفنون الشعبية والمسرح من تأليف محمد الحمادي ومنال بن عمرو وإخراج محمد الحمادي، و”رحلة بوح” لمسرح رأس الخيمة الوطني تأليف فهد الشحي وإخراج مبارك خميس، و”راح ملح” لمسرح دبي الشعبي من تأليف طلال محمود وإخراج مروان عبد الله، و”زلة عمر” لمسرح أم القيوين الوطني تأليف حميد فارس وإخراج سالم العيان، و”باب” لجمعية الشارقة للفنون الشعبية والمسرح من تأليف مرعي الحليان وإخراج محمد صالح. لو أخذنا بعض العروض في الدورة الحالية دليلا إلى ما يقدمه المهرجان، سنرى أنها تؤشر على مستوى ما يقدم في هذا المهرجان من عروض، وجدية المشاركين في تقديم أعمال بروح جديدة ورؤية مختلفة. وبصرف النظر عن المستوى الفني ونوعية الرؤية وعمقها، فنحن هنا أمام تجارب ومحاولات جادة تسعى إلى تقديم رؤيتها شكلا ومضمونا. نرصد هذا الحراك الشبابي، ونحدق في هذا المشهد الساخن للمحاولات في عالم فن المسرح، أصعب الفنون ربما، ونستبشر بما يمكن أن تقدمه هذه التجارب الشابة، فثمة رؤى جديدة تسعى إلى التحقق بأساليب توفر لها القدرة على الحضور وجذب الانتباه والاهتمام، ما يتطلب التفاتا حقيقيا إلى الجوانب الناجحة، والتوقف عند الجوانب السلبية، لأنها تجارب سيكون لها مستقبل مبشر على خشبات المسارح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©