الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
5 يوليو 2012
بنت الكلب كيف ترفض حبي؟ والله ما في زول هين مثلها يحلم بمثلي انا حفيدك يا نمر، أف على التاريخ هذا الكاذب الأكبر. بحثت في عقل جدتي لم أجد اثرا للدفتردار هذا الملعون، إنه غير موجود هذه فرية رغم سواد الأسطر. هل تعترفون بهذا؟ كل الكتب كاذبة بل ميتة وحبوبتي حية، لا أعني انثى الثعبان بل أعني انها ما زالت ترزق، هذا ايضا كذب، هل تسمون وجبتي الفول والبوش رزق؟ انتم أحرار سألت جدتي وهي لم تسمع بدفترداركم هذا، إذا هو غير موجود، فأنا كما يقول شيخي أخذت العلم من حي، أما انتم فاخذتموه من الكتب والكتب ميتة ولنفرض انها صادقة. الكتب أعني. فهذا معناه إن جدي المك نمر، أو لنضع افتراضا آخر: إن جدي الدفتردار هو رجل أبيض وله شارب كث وبالتأكيد بطل، إذا انا حفيد البطولة نلت المجد من جانبيه فلماذا ترفض هذه البنت؟ وليتها لم ترفض أمام صديقي عبد العليم الذي يجيد الشماتة، سيخبر الفتاة التي قلت لها ذات جهل أحبك وصدقتني.. سارشوه بسيجارة أعرف حبه لها، واذا رفض فساهدده بدوري، فهو الآخر يكذب على عدة فتيات علاقاتي بهن حميمة، لا أنكر أني ورطته في حب خمسة منهن... ولكن بنت الكلب لن أدعها له أو لغيره، فمن يستحق هذا الجمال غيري؟ آه من لفتتها وغنجها وهي تحادث ذلك الشاب، ربما هو حبيبها، لا انها تحبني أنا فقد ضبتطها وهي ترمقتي. هذا ما شجعني. آخ لكنها قالت لا تحبني... لم تقلها هكذا ولكنها أوصلت رسالتها وفهمتها.. وربما تمنعت كمعظم النساء وهي راغبة، فأنا متأكد من حبها لي، ربما كرهت حذائي ورائحته النتنة.. غداً سأشتري حذاء جديدأ، ولكن من أين لي بالمال؟ آه سأبيع كتبي، ما نفعها، سنوات مرت وأنا أقرأ ماركس.. دريداً.. محمود.. واسيني.. ملاين العناوين قراتها لم تجد، حملتها وطفت المنتديات وتجمعات المثقفين، حاورت عنها وبها، أقنعت واقتنعت، الا بنت الكلب لم تقتنع، لا بأس من لم تقنعه الكتب يقنعه الحذاء. غدا سأبيعها وأشتري حذاء، آه لو كان معه بنطال جديد وقميص، الاحتياط واجب. سأكتب فيها قصيدة وأنشرها كما فعلت مع حبيباتي السابقات، لكن ما أجيد كتابته الفتيات لا يفهمنه، وأحمله إلى مسؤولي الصفحات الثقافية وامتدح كتاباتهم وادعي معرفة وصداقة الشعراء وامتلك لوازمهم، شنطة جلدية وقلم، وملابسي متسخة وحذائي وحيد، آه بنت الكلب لا تريدني لأجل هذا، فليذهب الشعر والشعراء إلى الجحيم.. سأبيع الكتب وأشتري ملابسا، فالنظافة من الإيمان، أين سمعت هذا؟ أين سمعت هذا؟ آه تذكرت. هذا قالته حبيبتي الأولى عندما تركتني وذهبت مع ذلك الثري، هي الأخرى بنت كلب، لم تقل لي هذا، وانا أحبها سنوات عدة النظافة من الإيمان قالت، وهذا معناه الوساخة كفر.. اذا سأشهر في وجه أصدقائي الكتّاب كفرهم، وابتعد عنهم فقط لو رضيت بي هذه الكلبة قد أحببتها هل أتزوجها؟ لا أريد حبها، فقط سأبيع كتبي، أدخل البيت، لن تحس بي أمي، أتسلل إلي غرفتي، وأقف أمام الدولاب، في الحقيقة ليس لي دولاب، وبالتأكيد ليس لي غرفة وحدي، وذكرته هنا لأن معظم الكتّاب يذكرونه في كتاباتهم: فالبيت الذي استأجره أبي لنا به غرفة واحدة، أنا مالي وهذه الأشياء، المهم أقف أمام الكتب التي كانت تستفزني بعناوينها، لن أحس بها كتبا بل أحذية وقمصان أرصها وأرتبها وانفض عنها الغبار وأقول لنفسي: كتب الشعر اشتري بثمنها حذاء، وكتب ذلك المؤلف الموغل في يساريته للقمصان، وذلك الثوري فكتبه للعطور، أما كتب اليمين فللملابس الداخلية. مددت يدي تلقاني ماركس بصلعته واللحية التي لو نبتت على وجه مؤمن لصار من الأولياء وأصبح قبره مزارا، ثم دريدا قال موت المؤلف، فلتمت أنت يا دريدا. رفعت كتب محمود، كادت الرغبة تخبو، ولكن بنت الكلب كيف أدعها يا أستاذي؟ سأبيع كتبك من أجلها، سامحني، رفعت كتاباً لماركيز فتذكرت أمي وانفعالها في وجهي ذات مساء: (الله يريحني من صاحبك جبريل خميس مركز). أذكر قفز القلب وتشظت الذاكرة من خميس مركز هذا يا حاجة؟ أنا عارفة شايفاك انت وأصحابك داخلين مارقين جبريل خميس مركز، جبريل خميس مركز هنا فارقتني الهبالة ها..ها.. غابريل غارسيا ماركيز، لم تكتمل الضحكة، هذه الحاجة لها خاصية أفرقة الأسماء، سأخبرها الآن برغبتي تلك، لن تضع يدها على صدرها وتقول (سجمي)، ولن تظهر على وجهها الدهشة كالتي ظهرت حين سألتها ذات يوم هل كان حذاء أبي جميلاً؟ لعلمي بمحبتها له رغم أن حذاءه الوحيد ظل يناضل ربع قرن، أحملها للوراقين وأصرخ في وجوههم: أتيتكم بائعاً، ستظهر أهميتي، وأحس للمرة الأولى بقيمة الكتب، لكن سأبيعها واشتري أشيائي التي حدثتكم عنها، وفي الصباح الباكر أجلس في مكان واضح كقبلة على خد مراهقة، وتأتي بنت الكلب، لن أهتم بها، ستحاول لفت انتباهي فلن اهتم، ستخبر صديقي عبدالعليم الذي يندهش لمنظري الجديد، يأتي تسبقه ضحكته التي تذهب عقول البنات (يترجاني)، انظر لحذائه أجده متسخاً. * قاص سوداني
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©