السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
5 يوليو 2012
استيقظَ يومٌ جديد، ولا يبدو أنه أفضلُ حالاً من سابقه، جَلستُ على كُرسيِّ المُتثائب، والأفكارِ المارةِ حولي تُلقي عليّ بالتحية، أرفَع لها قلمي، وأعيدُ إسقاطه، فنجان قهوتي تأخر على غير عَادته! يبَدو أنه مَلّ هذه العَادة، فألقى بـِنفسه على قََميصِ الصَبيّ! الرُوتين وحدهُ يُمارس نَشاطه بحيوية، يُلقي بالجرائدِ تَحت أعْيننا، لنَقرأ ما اعتَدنا على قراءته، “حرب، قتل، تشرد، مظاهرات، موت، وإرهاب”!!، كَم تمَنيت لو أُقيلَ هذا الروتين ومعه تلك الأخبار التعيسة.. الكلّ منشغل كَدبيبِ النملِ، وأنا وَحدي مُعلقة على الحَائط، أنتظر سُقوط الظِّلِ لأتعثرّ به، وأتعَلل بالمصَادفة التي جمعتنا ذات ألم... ألمُ الانتظار.. وأنتَ تعرفُ مُسبقاً أنّك الخَاسر الوَحيد في هذه المُعادلة! تلك العقارب، أصابتها حُمى السّكينة، السّاعة لا تُشير إلى شَيء أبداً، المَلل أكلَ الأرقامَ والعقارب، انتهى كلُّ شيء.. فلا وقتَ هناكَ أحسِبُ به هذا الانتظار. الأفكار بدأت بالضجيج، فتحتُ لها كتاباً علّها تَهدأ، أخَذت الكلماتُ تتهادى أمام ناظِريّ، واقتنعتِ الأفكارُ بالجلوسِ قليلاً وأخْذِ جُرعةٍ من الاستجمام. كم مضى من الوقت ونحن على هذه الحالةِ لا أدري! ربّما يومٌ أو يومين، شهرٌ أو شهرين، سَنة أو سَنتين، عُمراً ولا أحْسَبني سَأعيش عُمرين، كيف! وهل سَأرضى أن أعيش بذات الوحدَة مَرتين! أم سَأفرحُ بأن أعيشَ بذاتِ الحزنِ مَرتين، أو سأعقل إن عشت بذات الجنونِ مَرتين! بأن يَتحطم قلبي لذات الظّل مَرتين! شمسٌ، قمرٌ ونُجوم، أي حُلم يتوسدني الآن؟ أي سحابة ستهطل بك مطراً فأرتويك، ثلجاً ألملمه بدفء، الأفكار بدأت تَتَملْملْ، اهدئي فحاجز الغياب لم يُكسَر بعد. وصلَ حَجيجُ المشاعر، قوافل إثر قوافل، واحتفاءً بقدومها خلعت الأفكار عباءتها، كي تغريها بالمكوث قليلاً، علّها تسكب من خمر الشوقِ كأساً، أصابعي ضَجرت الازدحام، أمسكَتْ بأول قَلم، هزّته هزّة عنيفة، وأطْرَقت تحثه على السّير والانصياع تحت إِمرتها.. أ، ب، ت... بَدأَت الحُروف تكتسي لونَ الورق، وانتفضت الكلماتُ تَستشعر حَنين الجُمل، السّطور غَمرتها المَشاعر المدَجّجة بالتَّنَهدات، لم أعرِف ثِقلاً كهذه اللّحظات، ولنْ تدركَ أبداً معنى أن تصارع وحدَك لحظاتِ الغِيابْ، أن تعيشه على أمَلِ أن يَنكسِر، عُدِ الآنَ، العُمر يغدو لحَظاتْ، المساءُ يسكنُ خلفَ بابِ الصباح، الأسود يشحذ سكين الموت، والأبيض يتهادى حماماً في الضباب. هاتفٌ يحرّكُ صَمتي، سَأحمِل أشيائي وأمْضي، معلّقة هذه الأفكار على نافذتكْ، لربما يصيبها الاخضرار، ويستيقظ القلب بحضورك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©