الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الآنسة تكنولوجيا

10 يوليو 2006 02:50
على الرغم من أنني طالبة جامعية وأستخدم الكمبيوتر بشكل يومي، إلا أنني أكره هذا الجهاز كرهاً غريباً، وأتمنى لو أستطيع الابتعاد عن استخدامه قدر الإمكان، أنا لا أنكر أهمية هذا الاختراع المهم، وبالطبع لا أستطيع التغاضي عن إيجابياته الكثيرة، ولكني في الوقت نفسه لا أحبذه أبداً!! ولا أعرف سبباً معيناً لهذا الكره الذي أظنه متبادل! ربما لأن ذلك الجهاز هو أحد أبرز أسباب تفكك الأسرة، فنجد أن أغلب أفراد الأسرة يقضون جل وقتهم داخل البيت متسمرين أمام شاشته اللعينة·· أو لأنه خرج لنا في وقت نحن في أشد الحاجة فيه للمشاعر الدافئة والود والتآلف فزاد هذا الجهاز الطين بلة!! عن نفسي لا زلت الى اليوم أعشق الإمساك بالقلم لأخط بحبره ذي الرائحة الجميلة على أوراق تشع بالدفء وتشعرك بالحنين الى أيام الطفولة عندما كنا نلعب بقصاقيص الأوراق الملونة، عندما أمسك بقلمي الحبيب وتحتضنه أناملي أشعر بألفة غريبة بيننا، فلو تم اختراع ألف نوع من الكمبيوتر ومثلها من الطابعات لن أستغنى أبداً عن قلمي الغالي وأوراقي المدللة، وبرغم انتشار ما يعرف بالإيميل إلا أنني أفضل وبشدة استخدام بريد الرسائل العادي، فذلك يشعرني وكأنني إحدى فتيات ذلك الزمن الجميل المتسم بالرومانسية· تباً للتكنولوجيا التي أفقدتنا مشاعرنا الدافئة وجمدت نبضات قلوبنا التي كانت تشتد وتتسارع فرحة بوصول رسالة في البريد ذي الصندوق الأحمر الجميل· التكنولوجيا جعلت منا قطعا صخرية متحركة لا هم لها سوى الضغط على أزرار الكمبيوتر لتبادل مشاعر كاذبة وجامدة مع أشخاص وهميين! التكنولوجيا قربت المسافات بل اختصرتها بشكل كبير، لكنها باعدت بين القلوب، التكنولوجيا صارت بديلاً مثالياً للملفات والأوراق في المؤسسات والدوائر الحكومية، لكنها في الوقت نفسه سهلت مهمة اللصوص وضعفاء الأنفس لارتكاب جرائمهم القذرة، التكنولوجيا جعلت من العالم قرية، بل غرفة صغيرة ندخلها وقتما نشاء، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في إدخال الدفء الى قلوبنا وحياتنا· عفواً يا آنسة تكنولوجيا، أرجو ألا تغضبي مني فأفضالك علينا كثيرة، لكن ما زلنا نحتاج لقليل، بل كثير من الرومانسية والدفء والحنين في علاقاتنا الاجتماعية والأسرية فنحن مهما تطورنا سنظل في النهاية بشرا، أليس كذلك؟ مريم مبارك الظاهري - أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©