الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مارسيل والليلة الحالمة

2 نوفمبر 2017 00:58
يكتب مارسيل خليفة فيقول: «أحب الجامعة، وظلَ الجامعة...» ونحن أيضاً نحبها ونقدر إيمانها بفنك الباقي وضوء موسيقاكَ النافذ. نحب جامعة السوربون في أبوظبي التي جاءت بصوتك ليذكرنا بصرخة الزيتون الذي اقتلع من أرضه غصباً، فبقيت أرضه رغم ذلك تقاوم، وكانت أرضنا له وطناً آخر، كما هي كل الأوطان العربية التي تؤمن بالقضية الأولى. عندما غنى مارسيل، لم يكن للحضور أذن مصغية، بل كان الكل خلفه يغني، وما زلت أنبهر بجمهوره الذي يردد معه كل أغانيه ويحفظها سطراً سطراً، وأغنية أغنية. كنت أظن أن للأغاني الوطنية نصيباً من الذاكرة فقط، ولكنني بدلت ظنوني عندما سمعت الجمهور يغني لريتا، ويشتاق عندما يبدأ مطلع أغنية أخرى: «بغيبتك نزل الشتي، أومي اطلعي عالبال». كيف للأغاني رغم تكرارها وقدمها أن تظل صبيةً حلوة تحب الحياة، كيف لا يهرم هذا النغم ولا نمل منه. إنه سحر الحب وشغف الموسيقى الذي تملك قلبه، إنه التجدد والرغبة الملحة في أن يظل عود مارسيل وصوته الدافئ وفرقته المحترفة، صوتاً باقياً للوطن والحب. يثيرني التناغم بين أفراد الفرقة وقائدها، التوازن الذي يتقنون صنعه رغم المفاجآت التي تبهرنا في المقطوعات، التمازج بين أصوات الآلات والإضافة الأقوى التي يأتي بها العود، الإيقاع المستمر دون انقطاع رغم حماس الجمهور والأصوات المتعالية، إلا أن ارتباطهم الكلي بآلاتهم الموسيقية يجعلني أدرك أنهم يمضون معها إلى عالم آخر، يأتون به إلينا دون أن نتحرك خطوة واحدة من مقاعدنا. ما السر في صوتكَ الحالم الذي لا يشيخ؟ بعد كل أغنية أقول في نفسي إنني لا أجد فرقاً بين غنائك الآن وأغانيك المسجلة. كيف تستطيع أخذي إلى خبز أمي وصوت أمي بكل هذا الدفء وبكل هذا الحنين إلى زمن قديم لن يعود؟ كيف تجعل من الكلمات صوتاً يضرب هذا القلب الذي قرأ في الوطن والحب والاشتياق كثيراً ولكنه لم يبكِ إلا عندما سمعك تكتب الأسطر مرة أخرى بصوتك. كيف تشع وتحتضن وجوهنا واحداً تلو الآخر من مسافة بعيدة. أخذتني بعيداً جداً، كنت أشد نفسي لأعود بها إلى حيث مكاني، أحاول أن لا أسافر بخيالي بعيداً كثيراً كي لا أشتاق لهذه اللحظات التي وإن تكررت فلن تكون مشابهة للمرة السابقة، إن اللقاء بصوتك استثنائي في كل مرة. أعرف جيداً أنني وإن لحقتك إلى كل حفلاتك فإنني لن أعتاد ذلك ولن أمل أبداً. لقد جئت إلينا لتزرع الزيتون في أرضنا، وقد جئنا إليك لننفض عن يديكَ التراب، لنقول لك شكراً على بقائك لامعاً ومشعاً رغم كل هذا الظلام، شكراً لأنك تفكر بغيرك، لأنك شمعة. لو كان بوسعنا أن نقدم مقابل حضورك شيئاً لفعلنا، ولكنني لا أرى ما هو أجمل من أن نأتي إليك بكل حواسنا وكأننا نخبئ في الذاكرة حلماً جميلاً نحتفظ به ونغني من أجله. مارسيل خليفة، الفنان اللبناني، شكراً لأنك أضأت أرواحنا. إلى لقاء أقرب. أحلام حسن - رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©